مقالات

ترامب أنجز المهام الموكلة إليه وزيادة

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

منذ أيام قليلة نشرت مقالًا بعنوان” الظاهرة الترامبية ومدلولاتها” ومن التعليقات التي كتبت ولفتت انتباهي تعليق أحدهم بقوله: ” ترامب أنجز المهام الموكلة إليه وزيادة”، ولم تقتصر هذه المقولة على الأخ المعلق، وإنما رشحت عن أقلام كتاب، وصحفيين، ومحللين سياسيين من الصف الأول بالصيغة نفسها، وإضافة عبارة ” لكان نجح في الولاية الثانية”.

والحقيقة أن هذا التحليل، وهذه الرؤية ليست دقيقة وفضفاضة وتجافي الواقع.

الذين أطلقوا هذا الحكم على الانتخابات الأمريكية يريدون أن يغمزوا من قناة الديمقراطية، بل إنهم ينتقدونها بصريح العبارة، ويرون أيضًا أن الديمقراطية الأمريكية ليست حقيقية، وأن الشعب الأمريكي يحق له  الاقتراع، وليس الانتخاب، ويمكن أن يستشف من عبارتهم أنهم يلمحون إلى سيطرة اللوبي الإسرائيلي على تعيين الرؤساء،  وأن أمريكا بيد إسرائيل كالميت بيد مغسله.

والواقع أن ثمة مبالغة كثيرة في تغلغل اللوبي في جسم أمريكا إلى الدرجة التي يصورونها، فأمريكا بالنهاية دولة مستقلة، وتسود العالم، وشعبها يختلف عن اليهود، وعن الإسرائيليين، ونظامها ودستورها من أفضل دساتير العالم من الناحية الديمقراطية، والرئيس الذي لا يخدم مصالح الأمريكيين، ويكون بيدقًا في يد إسرائيل، يقوم عليه الشعب ويطيح به بكل سهولة.

وأما قولهم إن الرؤساء الأمريكيين يسيرون على نهج واحدة ويرمون عن قوس واحدة، فالوقائع تخالف هذه المقولة، فثمة فرق كبير بين السياسات، فترامب مثلًا لم يقم بأي حرب ،ورفع شعار أمريكا أولًا، وشرع في تطبيقه فعلاً من خلال انتزاع الأموال من الخليجيين، وغيرهم، وتحويلها إلى بنوك أمريكا، واتبع سياسة مغايرة تمامًا عن كثير من الرؤساء، فلو قارناه بجورج بوش الابن مثلًا – وهما جمهوريان – لوجدنا أن بوش قد أشعل حربين، واحتل بلدين العراق، وأفغانستان، ومن يعود إلى صلاحيات الرئيس الأمريكي يجد أنه يستطيع فعل الكثير الكثير، فالدستور يمنحه التوقيع على التشريعات، أو نقضها، وقيادة القوات المسلحة، وطلب رأي مكتوب من وزارتها، وعقد الكونغرس، أو حل جلسته، ومنح إرجاء الأحكام والعفو، واستقبال السفراء، وتعيين وعزل المسؤولين التنفيذيين.

ولو نظرنا إلى سياسات آخر الرؤساء الأربعة، كلينتون، وبوش الابن، وأوباما، ودونالد ترامب، لوجدنا فروقات كبيرة بينهم، في الشدة واللين، في الحرب والسلم، في الاقتصاد والصحة…وبكلمة مختصرة في السياستين الخارجية والداخلية.

ولو وقفنا قليلًا عند سلطة وصلاحيات المجمع الانتخابي الذي أطل برأسه في الآونة الأخيرة مع أنه موجود، وبالزخم نفسه منذ القرن الثامن عشر، لوجدنا أن هناك مبالغة في تضخيم موقعه وكلمته، وقبل الوقوف عند حجمه الحقيقي لا بد من الإشارة إلى أنه لم يغير سوى أربع نتائج رئاسية في تاريخ أمريكا من أصل ستون وأربعون رئيسًا.

وهذا يعني أن الشعب هو الذي حدد هوية اثنين وأربعين رئيسًا من دون تدخل المجمع الانتخابي، والأربع الحالات السالفة الذكر لها ظروفها وملابساتها، ويمكن تفهمها من خلال تعريف المجمع الانتخابي:

هو تقليد دستوري أمريكي يقصد به مجموعة المواطنين الذين تعينهم الولايات للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائبه عن جميع المواطنين في الولاية…

أي أن الشعب هو الذي يعين أعضاء المجمع الانتخابي، بكل حرية، وديمقراطية، وبالتالي، فالشعب يرضى بتدخل الأعضاء وحسم النتيجة.

وبناء على ما تقدم أرى تهافت تلك المقولة التي  سالت على صفحات المواقع ، وأصوات القنوات، وشبكات التواصل الاجتماعي:

” ترامب أنجز المهام الموكلة إليه، وزيادة، ولو لم يفعل ذلك لظفر بولاية ثانية”.         

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى