مقالات

انتخابات 2021 بين الأسد والائتلاف

مضى نحو خمسة عقود على الاحتلال الأسدي لسوريا، منها ثلاثة عقود تحت سيطرة الأب حافظ أسد، الذي سخر كل طاقاته مع ثلة من الطائفيين والمتملقين، والانتهازيين، لتغيير كل مناحي الحياة في سوريا، العسكرية والسياسية والثقافية…، وتحويلها إلى بؤرة فاسدة تلبي طائفيته، رغباته، ونزواته، وجنون العظمة الذي كانت تلف شخصيته، وقد نجح بذلك بفضل الظروف والأوضاع العربية، والدولية التي ساندته وعاضدته، فقد وجه بوصلته إلى تأسيس حكم عائلي وطائفي كي يجثم على صدور السوريين إلى الأبد، وعمل على تحويل الأقلية التي ينتمي إليها إلى أكثرية، وقد شرع بتطبيق هذه الأجندة منذ وصوله إلى الحكم عبر انقلابه المشؤوم، وقد استطاع أن يتخلص من كل ما يعيق حركته، أو يقف حجر عثرة أمام جموحه، فجعل كل المعارضين، والأحرار، والشرفاء في السجون، والمنافي، وجعل مفاصل الدولة في أيدي الأقزام، من أجل امتطائهم وسوقهم كما يحلو له.

وقد أعمل سيف القتل، والحقد الطائفي في جسد الشعب السوري، فأجهز على  نحو أربعين ألف في مجزرة حماة الشهيرة معظمهم من النساء، والأطفال والشيوخ، ثم سلم راية القتل، والإجرام لخلفه، وابنه القاصر بشار، فتابع السير على خطا أبيه، وحقق أحلامه في تحويل الدولة إلى كيان طائفي متجانس، إثر قتله وتهجيره، واعتقاله الملايين من السوريين…

وبعد أن جثم عشرين عامًا على صدور السوريين، ها هو يجهز نفسه للولاية الرابعة، بمباركة عربية ودولية، رغم كل الدماء الذي تسبب بإزهاقها، ورغم كل الوحشية والبربرية التي مارسها على السوريين.

باقتراب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المزمع في 2021،ثمة تصريحات صدرت عن رأس النظام ووزير خارجيته قبل موته، ومسؤولين آخرين، مفادها بأن الانتخابات ستجري بالطريقة التقليدية الهزلية الممسرحة المعتادة، ضاربين بعرض الحائط كل المآسي، والكوارث، والمصائب التي عاشها، ومازال يعيشها السوريون، إضافة إلى تجاهلهم اللجنة الدستورية ، ومقتضيات بيان جنيف رقم(1)وإقرار/2254/.

ولو تحولنا لموقف الائتلاف الذي كان  يعول عليه الشعب لينقذه من براثن الطاغية، لوجدنا أنه راح يحاكي النظام في سياسته الخرقاء، وذلك بسعي أعضائه للحصول على المناصب، والعض عليها بالنواجذ، والبحث عن المصالح الشخصية، واضعين خلف ظهورهم المعاناة، والقهر والذل التي تلف حياة السوريين.

ولابأس من عرض موقفهم الخجول، والباهت، والذي لا يشرف السوريين، إزاء الانتخابات ، فقد قرر الائتلاف تشكيل مفوضية عليا للانتخابات، وذلك استعدادًا للاستحقاقات السياسية المقبلة، وفق ما جاء أمس الخميس في وثيقة داخلية للائتلاف تم تسريبها.

وجاء فيها أنه تقرر تشكيل “المفوضية العليا للانتخابات ” والتي ستقوم بأعمالها  بعد تأمين البيئة الآمنة والمحايدة وتحت إشراف الأمم المتحدة وفق مقتضيات بيان جنيف رقم/ 1/ وإقرار رقم/ 2254/

وحدد القرار أهداف المفوضية في  تمكين الائتلاف من المنافسة في أية انتخابات مستقبلية رئاسية وتشريعية وبرلمانية، وتهيئة الشارع السوري لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي، مضيفًا أن مهامها ستكون  وضع الخطط، والاستراتيجيات، وتنفيذها، والتحضير للمشاركة في الاستحقاقات السياسية المقبلة، بما في ذلك الاستفتاء على مشروع الدستور  وكذلك التوعية بخصوص أهمية المشاركة في الاستحقاقات الوطنية.  

ولو نظرنا إلى قرار الائتلاف لوجدنا أنه ينضح بالتخاذل، وبالتخلي عن الشعب السوري الذي طالما تحصن بهذا الجسم، فعبارته المدرجة في القرار “تمكين الائتلاف من المنافسة في أية انتخابات مقبلة” توحي بقبوله المنافسة مع السفاح.

لو كان حريصًا فعلاً على الشعب السوري يجب عليه في أي اجتماع ،أو مؤتمر أن  يذكر بضحايا السوريين التي تجاوزت المليون، ويعقد مقارنة مع داعش الإرهابية، ولكنها لا تشكل نقطة في بحر ذاك الوالغ في الدماء حتى أذنيه.     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى