مقالات

أمريكا والغرب هم بشر يا بشر

علي الصالح الظفيري

ناشط سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

قال تعالى :
تَحۡسَبُهُمۡ جَمِیعࣰا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡقِلُونَ ﴾ [الحشر ١٤]

هذا القسم المجزوء من الآية الكريمة ، ولو أنها نزلت باليهود لكنها ربما تنطبق على الغرب وغيرهم من الأمم .
فمن يعود لتاريخ أمريكا ، تلك الدولة المستحدثة سيجدُ بأن حروب وصراعات كثيرة دارت على أرضها لسنين فيما بين ولاياتها داخلياً ، ومع الدول التي كانت تسيطر على أراضيها والتي هي من أتت بمواطنيها إلى الأرض الجديدة وقتلوا السكان الأصليين بأكبر مذبحة مرت في التاريخ .
نعم أمريكا ذاك البلد الغير متجانس بكل المقاييس لا عرقيًا ولا دينيًا ولا تاريخيًا ومع هذا أصبحت القوة الأعظم في الأرض بظروف وأسباب متعددة يطول فيها الشرح .
ومع الأسف فإن المبهورين بما يسمونه كذبًا وزوراً بالحضارة الأمريكية والغربية يحاولون أن يقنعوا أنفسهم ويقنعوننا بأن هؤلاء وأعني الغرب عامة والأمريكين خاصة هم أُناس كُمل ، بل ربما يوصلونهم إلى درجة الملائِكية بسرد محاسنهم وإنجازاتهم وتفانيهم في نشر ثقافة الديمقراطية والحرية وهذا طبعًا كذب صار واضحًا لكل من كان له عقل ورأى أفعالهم وهو شريف .
وطبعًا عديدة هي الوقفات التي عاند فيها مفتونو الغرب بأنهم خير من عليها وهذا مارأيناه مؤخراً في ماجرى بالانتخابات الأمريكية والتشظي الكبير والصراع الداخلي الواضح الذي ربما سيطفو على السطح قريبًا على شكل حرب أهلية أو احتجاجات وأزمات متلاحقة ، فبينما نطالع العديد من التوقعات من الداخل الأمريكي بأن الوضع بات خطيراً وخاصة بأن الرئيس ترامب مايزال يرفض النتائج الأولية للانتخابات ويُصر على فوزه وهذا يصدر طبعًا من مختصين بالشأن الأمريكي ولهم باع طويل في معرفة دهاليز الأحزاب الأمريكية ومراكز القوة وصنع القرار في أمريكا ، ولا شك أن البعض من المختصين يقول : بأن هذا ماهو إلا زوبعة بفنجان ماتلبث أن تنتهي ، وسينتهي الأمر بتسليم سلس للسلطة كالعادة .
ولكن الأمر الملفت للنظر هو إصرار قسم منا بأن أمريكا فوق كل هذا وأن الأمريكين صنف مميز من البشر ولا يجري عليهم مايجري على غيرهم وهذا ملكية أكثر من الملوك أنفسهم .
فرغم أني أتمنى وأتوقع أن عقلية ترامب الجنونية ستُوصل أمريكا إلى التقسيم أو التقزيم بحدوث نزاعات داخلية تُسهم فيما بعد بإضعاف أمريكا ونزولها من مرتبة القطب الأوحد .
وهذا التوقع الذي أتبناه لم أكن فيه متفرداً أبداً ، فكُثر من توقعوا هذا ولستُ ممن يقول بالتنجيم أو الكشف عن ماهو آت ، ولكن هي مجرد توقعات لا أجزم بها أنا أو غيري فهذا علم غيبي الله أعلم به ، ولكن الغرابة بمن يرفضها جملةً وتفصيلاً ويعتبرها ضرب من الجنون ويبني حكمه ربما على قول للرئيس المخلوع حسني مبارك عندما قال باللهجة المصرية : دي أمريكا يابا ؟!!
وهنا أحب أن ألفت نظر المتأمركين بأن يرجعوا إلى التاريخ ليروا كم سقطت دول عظمى كانت أشد قوة ومساحة ومنعة من أمريكا التي وضعوا لها في أذهانهم مكانت لا يقبلون بأن تتغير .
نعم أمريكا كغيرها من الدول العظمى تمر بالمراحل الطبيعية من التأسيس ثم القوة التي تصل فيها إلى قمت الهرم ماشاء الله من الزمان ، لتبدأ بالانحدار وصولاً إلى الضعف والانحسار أو التقسيم وربما الزوال .
فنحن نرى ونمحص ونشخص ونحلل ونتوقع ودائماً ندعوا الله أن يهيأ لنا في كل مكان وزمان مافيه الخير للإسلام والمسلمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى