مقالات

خلاصنا بوحدتنا.. رسالة من دير الزور لكل السوريين

م. عبد التركي

أديب وكاتب صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

قال تعالى :” وَقُلِ اعْمَلُوا ” ، ثم قالت العرب: في الحركة بركة، ويقول المثل: (مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ) عبارات دينية، ودنيوية تحث على الحركة، وعدم الثبات في المكان لذلك يجب على الإنسان التحرك، والعمل دائماً لما فيه الخير، والمنفعة له، ولأهله، و للبلاد، والعباد.

تحت هذه المقدمة، والمسميات نستطيع أن نقرأ ماقامت به روابط، وتجمعات، ومستقلون من دير الزور عندما عقدت مؤتمرها في الداخل بمدينة الباب، وفي الخارج في مدينة أورفا تحت شعار (خلاصنا بوحدتنا) مستلهمة قوله تعالى :” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا

واضعين نصب أعينهم العمل من أجل دير الزور كجزء من الوطن لتنطلق بعدها نحو مناطق الجزيرة، والفرات، ومن ثم نحو سوريا كلها من منطلق البناء الذاتي أولاً للانطلاق نحو الوطني ثانياً، و الإقليمي، والدولي، ثالثاً، ورابعاً نتيجة لما تعانيه سوريا من انسداد في الأفق، والحلول المطروحة على كافة الصعد نظاماً، ومعارضة مع التأكيد على مسؤولية النظام، وداعميه روسيا، وإيران، وكذلك المليشيات الداعمة له عن ماحدث، ويحدث حتى الآن مع عدم إغفال أن المعارضة هي الأخرى قد أخفقت حتى الآن في تمثيل الشعب السوري عمومًا، وذلك :لأنها رغم مجيئها نتيجة للثورة على النظام الاستبدادي التسلطي الذي لايؤمن بالديمقراطية، ولاتداول السلطة فقد كانت، ولاتزال مؤسسات المعارضة لاتختلف عن النظام من حيث أن شخوصها تصدروا المشهد، وهياكل المعارضة نتيجة للدعم الإقليمي، أو الدولي لذلك فقد ارتهن كثير منهم لهذه الأجندة، أو تلك، ولهذا نرى أن قرارات هذه المعارضة في كثير من الأحيان تصدر خدمة لمصالح هذه الدول كما أن  هذه المعارضة لم تستطع أن ترسخ الديمقراطية، وأن تأخذ شرعيتها من الشعب الذي ثار على التسلط، فشخوصها هم  الشخص أنفسهم بعد كل هذه السنوات التي مرت رغم كل الانتكاسات، والفشل الذي جروه على الثورة، والشعب، بل إنها حتى داخل مؤسساتها اعتمدت نظام التداور على السلطة بدلاً من تداولها، وهذه مشكلة بحد ذاتها فهل ثرنا لتبديل اسم الأسد قائدنا إلى الأبد باسم آخر يبقى إلى الأبد، ولعل دير الزور ليست الوحيدة في هذا السياق، فكل المحافظات السورية تعاني من مشكلة من يدعون تمثيلها، وهذا يعني أن المتصدرين لمؤسسات المعارضة لايمثلون الشعب السوري عمومًا ربما المشكلة في دير الزور هي الأكثر وضوحاً كون ممثلي هذه المحافظة التي قدمت للثورة، ولسورية الكثير، وتعرضت أكثر من غيرها للدمار، والتنكيل بشعبها الذي لم يعينه أحد على ماحل به، ولم تقم مؤسسات المعارضة بأي شيء من أجل هذا الشعب الذي هجر تحت القصف، والدمار، ونكل به، وتعرض لكل أنواع الابتزاز، والسرقة، ولايزال يتعرض، ولم يحصل مهجرو دير الزور على أدنى حقوقهم في أي مكان هم فيه، ولايزال التهميش الممنهج يمارس على هذه المحافظة رغم كل ماقدمته، وتقدمه لسوريا، ولا يستطيع أحد من السوريين  أن ينكر ماقدمه أبناء هذه المحافظة فهم قاتلوا في كل مناطق سوريا، وعلى كل الجبهات،  وسقطوا شهداء، ورووا بدمائهم كل ترابها كما قاتل كثير من أبناء المحافظات الأخرى في دير الزور لتختلط دماؤهم بدماء أبنائها، وتروي ترابها.

ولعل الشاهد الذي لايزال موجودًا على مشاركتهم في كل الأماكن هو أن أكبر فصائل الجيش الوطني هم من أبناء المناطق الشرقية بمختلف تسمياتهم، ومسمياتهم الفصائلية نتيجة لهذا التهميش، ونظرًا لعدم قيام من يعتبرون أنفسهم  يمثلون هذه المحافظة في مؤسسات المعارضة بدورهم بغض النظر عن أسمائهم، ومناصبهم الوظيفية، فهم لم يستطيعوا تقديم أي شيء  لأهل المحافظة: لذلك كان لابد من رفع الصوت عاليًا، والتحرك لعمل شيء ما  برفض كل من احتكر تمثيل المحافظة أولاً، وتمثيل سوريا ثانياً؛ لأن الناس لم يثوروا على مستبدين لتكريس غيرهم.

ليست دعوى للمناطقية، ولا للعمل من أجل مكان واحد لكن المثل الشعبي يقول (اللي مابيه خير لأهلوا مابي خير للناس) مع اﻹيمان بوحدة سورية إلا أن سورية الواحدة تحتاج إلى لامركزية واسعة في المستقبل من أجل أن تستقر، فلم يعد خافياً على أحد أن الحكومة المركزية القوية صاحبة القرار بعيداً عن الأطراف كما حكمت سوريا سابقا ليس لها أي مستقبل في سورية الجديدة.

لذلك نقرأ في الورقة السياسية لهذا التشكيل انطلاقها من التركيز على توحيد الجهود السياسية لأبناء المحافظة أولاً؛ لتنطلق إلى الوطن بعدها بعيداً عن التهميش، وتحت سقف المواطنة فهي ( إطار مفتوح على جميع التنظيمات ،والشخصيات المؤمنة بنهجها، وسياساتها ،وهدفها في بناء دولة المواطنة، والحق، والقانون، وتحقيق العدالة الاجتماعية في دولة مدنية ديمقراطية من خلال صلاحيات واسعة للإدارة المحلية).

كل هذا يجب أن يتم وفق مرتكزات وثوابت الثورة السورية التي تقوم على : (إسقاط النظام ،والتخلص من الاستبداد، وتفكيك أجهزة القمع ،وإخراج جميع القوات الأجنبية، وتحرير المعتقلين، ومحاسبة المجرمين بحق السوريين، وتطبيق القرارات الدولية بإقامة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية )

كما أن هذه الورقة تتحدث عن : (مقاومة الإرهاب بكافة أنواعه، وتنظيماته، وتتمسك بوحدة سوريا أرضاً وشعباً تحت سقف دولة المواطنة، ورفض أي دعوة للانفصال أو التقسيم).

لذلك لن تتحقق هذه الرؤية التي يرونها إلا من خلال (تفعيل المشاركة السياسية مع الجميع، وتجذير ثقافة الحوار، وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وإيجاد وتفعيل آليات للعمل المقاوم من أجل التحرير، والتواصل مع كافة القوى الثورية السورية من أجل المشروع الوطني وتحفيز دور الشباب، والمرأة في المشاركة السياسية، واعتماد مبدأ المواطنة، والعمل على بناء دولة القانون )

من خلال هذه القراءة لما ورد في ورقة هذه الهيئة نجد أنها تركز على بندين أساسيين هما:

1- إعادة القرار إلى الحاضنة الشعبية في الداخل اعتماداً على الروابط، والجمعيات العاملة على الأرض بعد أن بقي لسنوات طويلة بعيداً عنها

2- الانطلاق من الخاص نحو العام من الجزء نحو الكل في تطبيق مبدئي للامركزية الإدارية التي هي من أهداف هذا المكون ضمن سوريا الموحدة،

لهذا لابد أن تعترض هذا المكون الكثير من العقبات من قبل المثبطين، ومن المستفيدين الذين ستتضرر مصالحهم كما سيقاومه كل من يظن أن هذا المكون سيسحب البساط من تحت أقدامه؛ لذلك على القائمين عليه ،الثبات، والعمل الدؤوب دون كلل، وملل منفتحين على الجميع من أجل دير الزور، وسوريا دون إعارة انتباه للذين يضعون العصي في الدواليب معتمدين على قدراتهم الذاتية، فقد وضع القطار على السكة ،والقافلة بدأت تسير، وستتجاوز كل العقبات بهمة الشرفاء من أبناء المحافظة وسوريا.

هذا ما يجب أن يقوم به من يبحث عن هدف يريد تحقيقه

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك رداً على بسام إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى