مقالات

أبو الخانع (المنبطح لولي الأمر)..

مصعب الأحمد

كاتب وباحث وشاعر سوري
عرض مقالات الكاتب

ماء الرجل الوضيع التقى مع بيضة المرأة المهانة فأنجبت هذه القذارة ، فكونت مسخاً شائهاً ، درج بين برديه ذلة لا تعد ، ومهانة لا ترد ، وسفالة لا تنكر، وقذارة لا تحصر ، غذته أثداء النفاق ، وبلته نسمات التملق ، حتى كبر ولا يدري أي سبيل يسلك وأي نهج يركب ..
لا يرى إلا ما يراه الفرعون، ولا يهتدي الا بسبيله ، يرى كل نعمة لم ينلها كأنها مصيبة قد نالته .. يرى هذا الفرعون هو الإله الفرد، ومنه النفع، والضر وبيده الأمر كله ، فعبده ولم يهتد لسواه ..
كثيرة هي تلك الشخوص !
نفوس تعتقت في زفرات القذارة، حتى لم تعد ترى غيرها، ولا تكترث بسواها ، تظن أنها أول الأمر ومنتهاه ، فعطفت يومها على أمسها، وجمعت إلى يومها غدها..
لو تتبعت نسلها لوجدت فيه خيرا على ندرة، ولوجدت أيضًا في تلك السلسلة ابن أبي سلول، وأبا عامر الراهب، وابن العلمي، وأصحاب الدكتورة، و الفتوى، والسماحة، والفضيلة ..
صنع هناك ..
حيث الأباطرة ،والأكاسرة، والأساقفة ،والجلاوذة ،
هم أرضعوه ،وغذوه، وفتوه، وشببوه، ثم استرجلوه على مسوخ كهو ، و لم يصنعوا منه رجلًا ، فيه اي معنى من معاني الاناة، والعقل، والتدبير، إنما  عقور ينهش كل أحد إلا صاحبه ، يرمي له بفتات المناصب، وعظام الأنوار ، وزوائد الفضائيات ، حتى ينتشر بين وسط يشبهه، ملائم حاضن، يحتويه ويظله، ويرفعه ويجله ..
لا تعجب عندما ترى في هذه المسوخ ،أصحاب مناصب ، وذوي هيئات ، وأولي جثث ، وأرباب عمائم وعُقُل، وغترات ،وسيادات، وشرف، ومكانة ،ومشيخة ..
لا تعجب عندما ترى منهم البروفيسور، والطبيب، والمهندس، والمحامي، وغيرهم ممن كنت تظن أن لهم عقلًا، ورأيا، وحكمة فضلًا ..
لا يغرنك جمال العبارات، ودسم الطعام، ولا يفتننك معسول الكلام، ومتعة الخطاب .
فهم ثلاثة هبل   ..
      مستهبل أضله الله على علم، وقد أبدى لله معنى كامنًا في نفسه ، حيث عظم سواه، وخشي غيره، وسجد لعبد مثله ، وتوكل على عدو ربه ، واستأسد بنفسه ، ورأيه، فخان الأمانة ، وضيع الرسالة ، وباع دينه بدنيا غيره  .
     ومستهبل  ملك العلم، ولم يملك الرأي، والصواب، ولا الهداية، والشرف ، ولا حمل من العلم إلا ألفاظه، ولا من المعاني إلا شخوصه ، خشي الناس أشد من خشية الله، وفضل القريب العاجل على العظيم القادم، وآثر أن ينعم براحة جسده، وبلغة عيشه  ..
      ومستهبل صنع على عينهم ، جاهل مركب، كغراب ولد في قفص لو خرج منه يموت، لا يعرف معنى الحرية لأنه يظنها حتف ، درج على شيء لا يريد سواه، لا رأي له، وإن حمل أعلى الشهادات، وحاز أعلى الرتب التي صنعها ذاك الفرعون ليسود بهؤلاء من سواهم ..
هذه الشخوص هي الأوبئة والآفات، كارثة التيارات، والجماعات ، عمومًا ، يرون أن أي غاية تبررها أي وسيلة، فيضعون الغايات التي تتناسب مع راحتهم، ودعتهم، وسرورهم ، ويفصلون المصالح والمفاسد كما يرغبون ، ويمارسون أعتى صنوف الإرهاب الفكري على من حولهم لا فرق بينهم، وبين فرعونهم الأكبر ، يختلف الموضوع وتتفق الغاية ، يضيعون الغايات العظمى، ويعبثون بالمصالح المرسلة، والمقصد، والغايات؛ لكي تفصل على مقاسهم ، وأي أحد  يشتمون منه رائحة الصدق، والغيرة، يمارسون عليه صنوف الإقصاء، والازدراء؛ كي يخرجوه من حاضنته   ..
ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يظهر بوارها وعجرها بالشدائد ، الشدائد تظهر المعادن، وتبلي الضمائر ،وتكشف السرائر ،وتوضح المعاني، وتظهر من بكى، وممن تباكى ..
لولا تلك الشدائد كنا لا نزال نحسن الظن بهم، ونقيم لهم وزنًا ..
لولا الامتحانات لكان كل الناس شرفاء ،أتقياء، أنقياء ،أباة، أحرار  ..
لا تحزنوا أهل الحرية، والإباء، والمنعة، والحزم !!. يكفيكم شرفًا أنكم لم تعطوا الدنية في دينكم ، ولم تتبدلوا، أو تتغيروا ، شدائد الدنيا أيام، وسجونها ستمر، وتهجيرها سيذهب، وإنما هي الضربات الأولى، ثم تذهب، ويذهب معها ضاربوها ، هذا زمن الأنذال، فاجتهدوا، أن لا تتركوا لله عليكم حجة ، فما عند الله خير للأبرار ، “واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ..” أنتم ظل الله في الأرض، وأبو الخانع ظل الظالمين، وشتان ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى