مقالات

المؤامرة العالمية على حضارتنا الإسلامية

م. هشام نجار

المنسق العام للهيئة السورية للإعمار
عرض مقالات الكاتب

ثورتنا ليست للدفاع عن حريتنا فحسب ، بل لحماية حضارتنا العربية الإسلامية من الانقراض على أيدي هؤلاء الحكام صنيعة أعداء الشعوب .
يمكن تمثيل حضارات الأمم بخط بياني ، هذا الخط يرتفع ليصل إلى مايسمى بالنهاية العظمى ثم يبدأ بالانحدار من جديد .
معظم حضارات الأمم سارت وفق هذا الخط البياني ، بما فيها الحضارة العربية ، ولكن هناك عوامل سلبية إذا زالت تكرر ارتفاع الخط البياني من جديد ليرسم نهاية عظمى ثانية وثالثة وهكذا .
الأمة العربية مؤهلة لبناء نهاية عظمى ثانية، ولكن الذي يعيق وصول خطها البياني لهذه النهاية عامل داخلي متمثل بسياسة حكام العرب وعامل خارجي متآمر ،والعاملان مرتبطان ببعضهما ، حيث يعود سبب بقائنا في النهاية الصغرى هم حكامنا .
هؤلاء الحكام لايهمهم العودة لبناء الحضارة العربية حتى نكون محترمين بين الأمم ، فهمهم الأكبر البقاء على كرسي الحكم، وكلما أمعنوا بتخريب القيم العربية والإسلامية شعروا بامتداد حكمهم لفترات أطول .
فعندما يصبح في سوريا المفتي رئيسًا للجنة اختيار ملكات الجمال (نصف عاريات) ويصفق الجمهور له لذوقه الرفيع ؛ وعندما يصبح السيسي على لسان مشايخ سلطان مصر مبعوثا الهيًا.
وعندما يقيم خادم الحرمين الشريفين مسارح اللهو والطرب قرب الحرم، بينما لفتيكان المسيحية قدسيته عند مريديه .
وعندما يستخدم المنشار لقطع السنة المطالبين بالحرية .
وعندما يتهافت حكام العرب على الاعتراف بالصهاينة .
وعندما يعتبر نظام الأسد أن عودة الفتاة الى بيت ابيها وامها الساعة الثالثة صباحًا هي قمة الحضارة .
وعندما يصبح الجاهل المزور لشهادته بعلم النظام استاذًا جامعيًا.وعندما تصبح أفرع المخابرات مراكز لتوزيع الأعمال شراكة مع الفاسدين .وعندما يصبح جيش الوطن عدو لأبناء الوطن. وعندما تصبح كلية الشريعة حكرًا لتخريج رجال المخابرات لتخدع الشعب بهم .
وعندما يروّج لكل من يطالب بحريته واسترداد كرامته من أنه ارهابي. وعندما يخرج إمام الجامع الأموي العلم الروسي من جيبه كالساحر، وهو على منبر رسول الله ليقول: سر يا بوتين ونحن من ورائك.
وعندما يصنعون لنا أكثر من ١٥٠ قناة فضائية معظمها تنشر الفجور بدعم من بعض حكام العرب . وعندما تصبح مذيعات أقنية الفضائيات العربية عارضات أزياء يخلطن كلامهن العامي بالإنجليزي للدلالة على ثقافتهم الأجنبية .
فبالله عليكم كيف لا يتجرأ بعدها ماكرون وغير ماكرون على العرب والمسلمين؟ وكيف لا تتجرأ صحف ماكرون بالاستهزاء على رسول البشرية؟ وكيف بعدها سننهض لنقفز للنهاية العظمى الثانية؟
في أعوام الثمانينات كنت أحد المهندسين المشرفين على بناء مشروع جامعة الإمام في الرياض ، أوفدتني إدارة المشروع مع مهندس سعودي للكشف على تصنيع ثاني أكبر مبرد للماء في العالم بعد مبرد مطار طوكيو من اجل استخدامه في تكييف مباني الجامعة ويسمى
Chiller
استطاعة الجيلر الواحد ٦٥٠٠ طون تبريد عددها ٦ يعني مقاربة تعادل الاستطاعة الاجمالية للتبريد بحدود ٤٠٠٠٠ جهاز تكييف طراز شبابيك.
مهمة الجيلر نقل المياه المبردة من محطة التكييف المركزية إلى كافة مباني الجامعة عبر مواسير معزولة أقطارها من ٩٠سم الى ٣٥ سم بدرجة حرارة ٥ مئوية .
المهم؛ كان أحد المهندسين الذين استقبلونا بالمصنع في مدينة يورك (مهندس أرمني) كان مقيمًا في سوريا وحضر إلى أمريكا وهو طفل، هذا المهندس كان يخاطبنا باللغة العربية الفصحى ولايقبل الحديث باللهجة العامية ،دعانا الرجل إلى بيته مساءً واستقبلتنا عائلته استقبالاً رائعًا على مائدة العشاء ،ثم انتقل بعد ذلك الحديث عن الأمة العربية وحضارتها ، واطلعني على مكتبته الرائعة التي تحوي أمهات الكتب العربية من النحو إلى التاريخ إلى الطب إلى الرياضيات إلى الكيمياء ..
الحقيقة بهرني الرجل .
قال لي : لست عربيًا ولكني أعتز بالثقافة العربية، فلقد ساهمت بجدارة في بناء العالم ، عندما كان هذا العالم يغط في جاهليته…
في تلك الأيام لم تكن هجمة الإرهاب مصنعة ضدنا فالكل كان يريد رضا العرب والمسلمين للقضاء على السوفييت.
اليوم تغير كل شيء الحاكم العربي يستورد مشروع الارهاب الغربي والصهيوني ويبدأ بتطبيقه على الشعوب لتحطيمها وكسر إرادتها، فكيف لاتستقر بعد ذلك حضارتنا العربية عند النهاية الصغرى من الخط البياني؟ .
الثورة السورية ليست ثورة لانتزاع حكم من أكثر نظام إجرامًا بالتاريخ فحسب ، انها ثورة أخلاق ومبادىء وقيم وتاريخ وحرية وكرامة وعلم ، فمتى يفهم كافة السوريين هدف هذه الثورة والتوحد خلف مبادئها حتى نعيد الاحترام لنا، ونبدأ بتغيير اتجاه الخط البياني إلى الأعلى من جديد ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى