بداية النِّهَايَة لِسُقُوط فِكْر النِّظَام العالمي

بِدَايَة ، أَنَّ دَيْنَ النِّظَام الْعَالَمِيّ هُو الْإِلْحَاد .
رَبَط النِّظَام الْعَالَمِيّ أَدَّاه حُكْمُه الدِّيمُقْراطِيَّة بِكُلّ أَشْكَالِهَا بِالْفِكْر العلماني و الليبرالي . هَذَا الرَّبْط هُو لتكريس فَصْلَ الدَّيْنِ عَنْ الدَّوْلَة لِيُصْبِح دَيْنٌ الدَّوْلَة الْإِلْحَاد ، تَحْت شِعَار العلمانية أَو الليبرالية ليستطيعوا عِنْدَهَا تَشْرِيعٌ أَيِّ شَيْءٍ يُحَقِّق مَصَالِحِهِم ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُخَالِفٌ لِلْفِطْرَة الْإِنْسَانِيَّة ،
ليستطيعوا أَن يهينوا الْمُقَدَّسات بِاسْم حُرِّيَّة التَّعْبِير . مايسمح لِأَيّ حُكُومَة فَرْضٌ قَوَانِين ظَالِمِه عَلَى الْإِفْرَادِ و تَقْيِيد الحُرِّيَّةُ الفَرْدِيَّةُ بِاسْم مُحَارَبَة الْإِرْهَاب . أَن الْعَدَّاء لِلْإِسْلَام و الْمُسْلِمِينَ فِي فِكْر إيديولوجيات النِّظَام الْعَالَمِيّ أَسَاسِيٌّ ، فَكُلّ إيديولوجية لَدَيْهَا تَصَوُّرِهَا الْخَاصُّ عَنْ الدِّيمُقْراطِيَّة لِأَنَّهَا أَدَّاه الْحُكْم الوَحِيدَة . لَلْأَسَف ! نَحْن كمسلمين كَانَت لَدَيْنَا نُقْطَةَ ضَعْفٍ وَهِيَ عَدَمُ وُجُودِ تَصَوُّرِ خَاصٌّ للديمقراطية بفكرنا و عقيدتنا ، لِذَلِك أُجْبِرَت أَحْزَاب الْإِسْلَام السِّياسِيّ بديمقراطية النِّظَام الْعَالَمِيّ بِكُلّ إجراءاتها والتزاماتها الْفَاسِدَة وَالْمَفْسَدَة . لِذَلِك هُم يَتَطَاوَلُون عَلَيْنَا ، فَإِن عَارَضَنَا ديمقراطيتهم فَنَحْن إرهابيون وَإِن عَارَضَنَا فكرهم نَحْن رجعيون و متطرفون . فَالْيَوْم أَقْدَم مَشْرُوعٌ لِلْأُمَّةِ بِنَظَرِه جَدِيدَة بِإِذْنِ اللَّهِ تَثْبُتُ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ وَدَوْلَة وَيُصْلِح لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ . لِذَا لَن يَسْتَطِيع النِّظَام الْعَالَمِيّ وَلَا أَدَوَاتِه بِأَن يتهموننا بِالْإِرْهَاب ، لِأَنّ مَشْرُوعٌ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد أَوْ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهَا الْبَعْض الدِّيمُقْراطِيَّة الْعَادِلَة . أَمَّا مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مَشْرُوعٌ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد أَنَّهُ هُوَ للإنسانية جَمْعَاء وَلَيْس مَشْرُوعٌ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِين . فَالْإِسْلَام لَم يَأْتِي لِيَبْنِي دَوْلَة دِينِيَّة خَاصَّة لِلْمُسْلِمِين إنَّمَا لِيَبْنِي دَوْلَة مَدَنِيَّةٌ عَادِلَةٍ عَلَى أَسَّس شَرْعِيَّة . المؤسف أَن أَحْزَاب الْإِسْلَام السِّياسِيّ وَقَعَتْ فِي مُسْتَنْقَعِ دِيمُقراطِيَّة النِّظَام الْعَالَمِيّ ، لِذَلِكَ كَانَ يَجِبُ تَقْدِيمُ مَشْرُوعٌ كَامِل مُتَكامِل نَسْتَطِيع مِنْ خِلَالِهِ تَفْنِيد كَذَب النِّظَام الْعَالَمِيّ عَلَى الشُّعُوب فِكْرِيّا و ديمقراطيا لِإِنْقَاذ الْإِنْسَانِيَّة مِن بَراثِن الرَّأسمَاليَّة المتوحشة ، وَبِفَضْل مِنْ اللَّهِ تَمَّ وَضْعُ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد الَّتِي مَجْمُوعِهِ مِنْ الإجْرَاءات والالتزامات الْمُحْصَنَة لِبِنَاء سُلُطَات دُسْتورِيَّة مُحْصَنَة . وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ : الْقَاعِدَةُ الْأُولَى : الْفَصْل الْقَطْعِيّ التخصصي والإيديولوجي بَيْن السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ والسُّلْطَة التَّشْريعِيَّة وَإِعْطَاء الثِّقَة لِهَذِه السُّلُطَات مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ . شَرْعِيَّة هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هِيَ مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِهِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة ، عِنْدَمَا بَايَع الصَّحَابَة الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْبَح الْقَائِد الْعَامّ ، وَقَال لِلصَّحَابَة : أَخْرِجُوا لِي اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ليمثلوا 73 رَجُلٌ و امْرَأَتَان . نستنتج مِنْ هَذَا الْفِعْلُ إنْ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمٍ قَدْ شَكْل سَلَّطَه تنفيذية بقيادته بَعْدَ أَخْذِ الْبَيْعَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ (رجال و نساء) . ثُمَّ أَمَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم بتشكيل سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ لِلصَّحَابَة فَقَالَ لَهُمْ : أَخْرِجُوا لِي اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا فَتَمّ اخْتِيَار 9 مِنْ الْخَزْرَجِ و 3 مِنْ الْأَوْسِ . هَذِهِ الْأُمُورِ حَدَثَتْ فِي زَمَنِ نِظَام عَالَمَي قَائِمٌ عَلَى الْحُكْمِ الدِّينِيّ أَيْ الْحُكْمِ الثيوقراطي ، لَكِن الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم شَكْل سُلُطَات الدَّوْلَة الحَدِيثَة الَّتِي ستسقط النِّظَام الْعَالَمِيّ الْقَدِيم ، حَيْثُ إنَّ عَمَلِيَّة تَشْكِيل السُّلُطَات تَمَّت بِشَكْل حُرٌّ رَغِم قِلَّة عَدَدُ الصَّحَابَةِ فَهُم شُعَب الدَّوْلَة الحَدِيثَة لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُمَثِّلُون الْمُجْتَمَع الْقَبْلِيّ السَّائِد . فَكَانَت الطَّرِيقَةِ الَّتِي أَتْبَعَهَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَائِعَة فِي إنْشَاءِ سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ عَادِلَةٌ بِحَيْثُ لَمْ يَتَدَخَّل الرَّسُولِ فِي عَمَلِيَّة الِاخْتِيَار ، رَغِم أَنَّه كَانَ قَادِرًا أَنْ يَخْتَارَ مَنْ يمثلهم وَلَن يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ . لِيُعَلِّمَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سُلِّمَ أَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّمْثِيل لِأَيّ سَلَّطَه هِيَ مِنْ حَقِّ الشَّعْب فَقَطْ لَا غَيْرُ ، و لَا يَحِقُّ لِأَيّ سَلَّطَه مَهْمَا كَانَتْ أَنْ تَأْخُذَ حَقّ الشَّعْبَ فِي إعْطَاءِ الثِّقَة لِسُلْطَة أُخْرَى ، أَيْ لَا يُمْكِنُ إنْتَاج سَلَّطَه تنفيذية مِن سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ تَحْت حُجَّةٌ إعْطَاء الثِّقَةُ مِنْ السُّلْطَة التَّمْثِيلِيَّة . وَهَذِه أَكْبَر خُدْعَةٌ تَمّ خَدَّاعٌ الشُّعُوب بِهَا للسيطرة عَلَيْهِمْ وَعَلَى خَيْرَاتٌ بُلْدَانِهِم . مَا عَلِمْنَا إيَّاه الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كُلَّ سَلَّطَه يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ ثقتها وشرعيتها مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ دُونَ أيِّ وَسِيط ، لتمارس مهامها الْمُوَكِّلَة إلَيْهَا بِاسْم الشَّعْب.
كَانَ قَادِرًا أَنْ يَخْتَارَ مَنْ يمثلهم وَلَن يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ . لِيُعَلِّمَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سُلِّمَ أَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّمْثِيل لِأَيّ سَلَّطَه هِيَ مِنْ حَقِّ الشَّعْب فَقَطْ لَا غَيْرُ ، و لَا يَحِقُّ لِأَيّ سَلَّطَه مَهْمَا كَانَتْ أَنْ تَأْخُذَ حَقّ الشَّعْبَ فِي إعْطَاءِ الثِّقَة لِسُلْطَة أُخْرَى ، أَيْ لَا يُمْكِنُ إنْتَاج سَلَّطَه تنفيذية مِن سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ تَحْت حُجَّةٌ إعْطَاء الثِّقَةُ مِنْ السُّلْطَة التَّمْثِيلِيَّة . وَهَذِه أَكْبَر خُدْعَةٌ تَمّ خَدَّاعٌ الشُّعُوب بِهَا للسيطرة عَلَيْهِمْ وَعَلَى خَيْرَاتٌ بُلْدَانِهِم . مَا عَلِمْنَا إيَّاه الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كُلَّ سَلَّطَه يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ ثقتها وشرعيتها مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ دُونَ أيِّ وَسِيط ، لتمارس مهامها الْمُوَكِّلَة إلَيْهَا بِاسْم الشَّعْب . وَمَن خِلَال بَيْعَة الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة عَلِمْنَا أَيْضًا أَنَّ بِنَاءَ سُلُطَات الدَّوْلَة بِالطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي عَمِلَ بِهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَصْلُ تَطْبِيق الشَّرِيعَة الْإِسْلَامِيَّة . وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنَا عِنْدَ تَشْكِيل السُّلُطَات بِشَكْل شَرْعِيّ وعادل سَيَكُون تَطْبِيق الشَّرِيعَة نَتيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِهَذِه السُّلُطَات . المؤسف أَنَّ كَثِيرَ مِنْ النخب الْإِسْلَامِيَّة تُطَالِب بِتَطْبِيق الشَّرِيعَة و تَرُوج لِبِنَاء السُّلُطَات عَلَى أَسَّس الدِّيمُقْراطِيَّة الليبرالية الْغَرْبِيَّة ، الَّتِي تَبْنِي سُلُطَات فَاسِدَةٌ و مَفْسَدَةٌ ، فَتَكُون النَّتِيجَة عكسية رَغِم أَنَّ كَثِيرَ مِنْ دساتير الدُّوَلُ العَرَبِيَّةُ والإسلامية الَّتِي تَنُصُّ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَصْدَرٌ التَّشْرِيع . لَلْأَسَف نَجِد كَثِيرٍ مِمَّا تَقُومُ بِهِ سُلُطَات هَذِه الدُّوَل هُوَ غَيْرُ شَرْعِيٍّ . أَمَّا الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ تَعَالَى
( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) الشُّورَى آيَة 38 – لِتَحْقِيق لِهَذَا الْأَمْرِ الْإِلَهِيّ لاَبُدَّ مِنْ بِنَاءِ السُّلُطَات كَمَا فَعَلَ الرَّسُولِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم ، أَن تَحْقِيق الْقَاعِدَةُ الْأُولَى يَسْمَح لَنَا بِتَحْقِيق الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ إنَّ الشُّورَى أَصْبَحْت هِي الْمَبْدَأ الأسَاسِيّ فِي دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد ، و تَحَقَّقَت بِكُلّ أَنْوَاعِهَا عَلَى مُسْتَوَى قِيادَة الدَّوْلَة . الشُّورَى الْعَامَّة هِي انْتِخَابَات السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ و السُّلْطَةَ التَّشْريعِيَّةَ و إعْطَاء ثِقَةٌ الشَّعْب لِكُلّ سَلَّطَه بِشَكْل مُبَاشِرٌ ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِفْتَاء عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّن يُعْتَبَر شُورَى عَامَّة . أَمَّا الشُّورَى الْخَاصَّة فَتَتِمّ بَيْن الرَّئِيس و فَريقِه الرئاسي الَّذِي تَمَّ انْتِخَابِه بِشَكْل مُبَاشِرٌ مِنْ الشّعْبِ . الشُّورَى بَيْن السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ و التَّشْريعِيَّة تَحَقَّقَت لِأَنَّهُ تَمَّ الْفَصْل الْقَطْعِيّ التخصصي و الإيديولوجي . فَكُلّ القَراَرَات سَتَكُون حكما” شُورَى بَيْنَ السلطتين لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ . لِأَنَّ أَصْلَ التَّشْرِيعِ لِمَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ وَلَيْس لِمَصْلَحَة الْأَكْثَرِيَّة السِّيَاسِيَّة كَمَا هُوَ مَعْمُولَ بِهِ فِي الدِّيمُقْراطِيَّة التَّمْثِيلِيَّة الليبرالية . الشُّورَى غَيْرُ مُلْزَمَةٍ هِي اِسْتَشَارَه السُّلْطَة لمراكز الْأَبْحَاث الْعِلْمِيَّة و التخصصية وَغَيْر مُلْزِمَةٌ بِهَا . بِهَذَا الْمَشْرُوع لاَبُدَّ مِنْ تَكاتَف الْأَحْرَار لننقذ الْإِنْسَان والإنسانية مَنْ ظَلَمَ النِّظَام الْعَالَمِيّ الرَّأسِمَالِي الْمُتَوَحِّش وإلحاده لَنَقُول انْتَهَت اللُّعْبَة عَلَى الشُّعُوب