منوعات

بداية النِّهَايَة لِسُقُوط فِكْر النِّظَام العالمي

محمد سلطان الرشيد

ناشط سياسي
عرض مقالات الكاتب

بِدَايَة ، أَنَّ دَيْنَ النِّظَام الْعَالَمِيّ هُو الْإِلْحَاد .
رَبَط النِّظَام الْعَالَمِيّ أَدَّاه حُكْمُه الدِّيمُقْراطِيَّة بِكُلّ أَشْكَالِهَا بِالْفِكْر العلماني و الليبرالي . هَذَا الرَّبْط هُو لتكريس فَصْلَ الدَّيْنِ عَنْ الدَّوْلَة لِيُصْبِح دَيْنٌ الدَّوْلَة الْإِلْحَاد ، تَحْت شِعَار العلمانية أَو الليبرالية ليستطيعوا عِنْدَهَا تَشْرِيعٌ أَيِّ شَيْءٍ يُحَقِّق مَصَالِحِهِم ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُخَالِفٌ لِلْفِطْرَة الْإِنْسَانِيَّة ،
ليستطيعوا أَن يهينوا الْمُقَدَّسات بِاسْم حُرِّيَّة التَّعْبِير . مايسمح لِأَيّ حُكُومَة فَرْضٌ قَوَانِين ظَالِمِه عَلَى الْإِفْرَادِ و تَقْيِيد الحُرِّيَّةُ الفَرْدِيَّةُ بِاسْم مُحَارَبَة الْإِرْهَاب . أَن الْعَدَّاء لِلْإِسْلَام و الْمُسْلِمِينَ فِي فِكْر إيديولوجيات النِّظَام الْعَالَمِيّ أَسَاسِيٌّ ، فَكُلّ إيديولوجية لَدَيْهَا تَصَوُّرِهَا الْخَاصُّ عَنْ الدِّيمُقْراطِيَّة لِأَنَّهَا أَدَّاه الْحُكْم الوَحِيدَة . لَلْأَسَف ! نَحْن كمسلمين كَانَت لَدَيْنَا نُقْطَةَ ضَعْفٍ وَهِيَ عَدَمُ وُجُودِ تَصَوُّرِ خَاصٌّ للديمقراطية بفكرنا و عقيدتنا ، لِذَلِك أُجْبِرَت أَحْزَاب الْإِسْلَام السِّياسِيّ بديمقراطية النِّظَام الْعَالَمِيّ بِكُلّ إجراءاتها والتزاماتها الْفَاسِدَة وَالْمَفْسَدَة . لِذَلِك هُم يَتَطَاوَلُون عَلَيْنَا ، فَإِن عَارَضَنَا ديمقراطيتهم فَنَحْن إرهابيون وَإِن عَارَضَنَا فكرهم نَحْن رجعيون و متطرفون . فَالْيَوْم أَقْدَم مَشْرُوعٌ لِلْأُمَّةِ بِنَظَرِه جَدِيدَة بِإِذْنِ اللَّهِ تَثْبُتُ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ وَدَوْلَة وَيُصْلِح لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ . لِذَا لَن يَسْتَطِيع النِّظَام الْعَالَمِيّ وَلَا أَدَوَاتِه بِأَن يتهموننا بِالْإِرْهَاب ، لِأَنّ مَشْرُوعٌ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد أَوْ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهَا الْبَعْض الدِّيمُقْراطِيَّة الْعَادِلَة . أَمَّا مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مَشْرُوعٌ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد أَنَّهُ هُوَ للإنسانية جَمْعَاء وَلَيْس مَشْرُوعٌ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِين . فَالْإِسْلَام لَم يَأْتِي لِيَبْنِي دَوْلَة دِينِيَّة خَاصَّة لِلْمُسْلِمِين إنَّمَا لِيَبْنِي دَوْلَة مَدَنِيَّةٌ عَادِلَةٍ عَلَى أَسَّس شَرْعِيَّة . المؤسف أَن أَحْزَاب الْإِسْلَام السِّياسِيّ وَقَعَتْ فِي مُسْتَنْقَعِ دِيمُقراطِيَّة النِّظَام الْعَالَمِيّ ، لِذَلِكَ كَانَ يَجِبُ تَقْدِيمُ مَشْرُوعٌ كَامِل مُتَكامِل نَسْتَطِيع مِنْ خِلَالِهِ تَفْنِيد كَذَب النِّظَام الْعَالَمِيّ عَلَى الشُّعُوب فِكْرِيّا و ديمقراطيا لِإِنْقَاذ الْإِنْسَانِيَّة مِن بَراثِن الرَّأسمَاليَّة المتوحشة ، وَبِفَضْل مِنْ اللَّهِ تَمَّ وَضْعُ دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد الَّتِي مَجْمُوعِهِ مِنْ الإجْرَاءات والالتزامات الْمُحْصَنَة لِبِنَاء سُلُطَات دُسْتورِيَّة مُحْصَنَة . وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ : الْقَاعِدَةُ الْأُولَى : الْفَصْل الْقَطْعِيّ التخصصي والإيديولوجي بَيْن السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ والسُّلْطَة التَّشْريعِيَّة وَإِعْطَاء الثِّقَة لِهَذِه السُّلُطَات مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ . شَرْعِيَّة هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هِيَ مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِهِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة ، عِنْدَمَا بَايَع الصَّحَابَة الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْبَح الْقَائِد الْعَامّ ، وَقَال لِلصَّحَابَة : أَخْرِجُوا لِي اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ليمثلوا 73 رَجُلٌ و امْرَأَتَان . نستنتج مِنْ هَذَا الْفِعْلُ إنْ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمٍ قَدْ شَكْل سَلَّطَه تنفيذية بقيادته بَعْدَ أَخْذِ الْبَيْعَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ (رجال و نساء) . ثُمَّ أَمَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم بتشكيل سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ لِلصَّحَابَة فَقَالَ لَهُمْ : أَخْرِجُوا لِي اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا فَتَمّ اخْتِيَار 9 مِنْ الْخَزْرَجِ و 3 مِنْ الْأَوْسِ . هَذِهِ الْأُمُورِ حَدَثَتْ فِي زَمَنِ نِظَام عَالَمَي قَائِمٌ عَلَى الْحُكْمِ الدِّينِيّ أَيْ الْحُكْمِ الثيوقراطي ، لَكِن الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم شَكْل سُلُطَات الدَّوْلَة الحَدِيثَة الَّتِي ستسقط النِّظَام الْعَالَمِيّ الْقَدِيم ، حَيْثُ إنَّ عَمَلِيَّة تَشْكِيل السُّلُطَات تَمَّت بِشَكْل حُرٌّ رَغِم قِلَّة عَدَدُ الصَّحَابَةِ فَهُم شُعَب الدَّوْلَة الحَدِيثَة لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُمَثِّلُون الْمُجْتَمَع الْقَبْلِيّ السَّائِد . فَكَانَت الطَّرِيقَةِ الَّتِي أَتْبَعَهَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَائِعَة فِي إنْشَاءِ سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ عَادِلَةٌ بِحَيْثُ لَمْ يَتَدَخَّل الرَّسُولِ فِي عَمَلِيَّة الِاخْتِيَار ، رَغِم أَنَّه كَانَ قَادِرًا أَنْ يَخْتَارَ مَنْ يمثلهم وَلَن يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ . لِيُعَلِّمَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سُلِّمَ أَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّمْثِيل لِأَيّ سَلَّطَه هِيَ مِنْ حَقِّ الشَّعْب فَقَطْ لَا غَيْرُ ، و لَا يَحِقُّ لِأَيّ سَلَّطَه مَهْمَا كَانَتْ أَنْ تَأْخُذَ حَقّ الشَّعْبَ فِي إعْطَاءِ الثِّقَة لِسُلْطَة أُخْرَى ، أَيْ لَا يُمْكِنُ إنْتَاج سَلَّطَه تنفيذية مِن سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ تَحْت حُجَّةٌ إعْطَاء الثِّقَةُ مِنْ السُّلْطَة التَّمْثِيلِيَّة . وَهَذِه أَكْبَر خُدْعَةٌ تَمّ خَدَّاعٌ الشُّعُوب بِهَا للسيطرة عَلَيْهِمْ وَعَلَى خَيْرَاتٌ بُلْدَانِهِم . مَا عَلِمْنَا إيَّاه الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كُلَّ سَلَّطَه يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ ثقتها وشرعيتها مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ دُونَ أيِّ وَسِيط ، لتمارس مهامها الْمُوَكِّلَة إلَيْهَا بِاسْم الشَّعْب.

كَانَ قَادِرًا أَنْ يَخْتَارَ مَنْ يمثلهم وَلَن يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ . لِيُعَلِّمَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سُلِّمَ أَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّمْثِيل لِأَيّ سَلَّطَه هِيَ مِنْ حَقِّ الشَّعْب فَقَطْ لَا غَيْرُ ، و لَا يَحِقُّ لِأَيّ سَلَّطَه مَهْمَا كَانَتْ أَنْ تَأْخُذَ حَقّ الشَّعْبَ فِي إعْطَاءِ الثِّقَة لِسُلْطَة أُخْرَى ، أَيْ لَا يُمْكِنُ إنْتَاج سَلَّطَه تنفيذية مِن سَلَّطَه تَمْثِيلِيَّةٌ تَحْت حُجَّةٌ إعْطَاء الثِّقَةُ مِنْ السُّلْطَة التَّمْثِيلِيَّة . وَهَذِه أَكْبَر خُدْعَةٌ تَمّ خَدَّاعٌ الشُّعُوب بِهَا للسيطرة عَلَيْهِمْ وَعَلَى خَيْرَاتٌ بُلْدَانِهِم . مَا عَلِمْنَا إيَّاه الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كُلَّ سَلَّطَه يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ ثقتها وشرعيتها مِنْ الشّعْبِ بِشَكْل مُبَاشِرٌ دُونَ أيِّ وَسِيط ، لتمارس مهامها الْمُوَكِّلَة إلَيْهَا بِاسْم الشَّعْب . وَمَن خِلَال بَيْعَة الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة عَلِمْنَا أَيْضًا أَنَّ بِنَاءَ سُلُطَات الدَّوْلَة بِالطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي عَمِلَ بِهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَصْلُ تَطْبِيق الشَّرِيعَة الْإِسْلَامِيَّة . وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنَا عِنْدَ تَشْكِيل السُّلُطَات بِشَكْل شَرْعِيّ وعادل سَيَكُون تَطْبِيق الشَّرِيعَة نَتيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِهَذِه السُّلُطَات . المؤسف أَنَّ كَثِيرَ مِنْ النخب الْإِسْلَامِيَّة تُطَالِب بِتَطْبِيق الشَّرِيعَة و تَرُوج لِبِنَاء السُّلُطَات عَلَى أَسَّس الدِّيمُقْراطِيَّة الليبرالية الْغَرْبِيَّة ، الَّتِي تَبْنِي سُلُطَات فَاسِدَةٌ و مَفْسَدَةٌ ، فَتَكُون النَّتِيجَة عكسية رَغِم أَنَّ كَثِيرَ مِنْ دساتير الدُّوَلُ العَرَبِيَّةُ والإسلامية الَّتِي تَنُصُّ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَصْدَرٌ التَّشْرِيع . لَلْأَسَف نَجِد كَثِيرٍ مِمَّا تَقُومُ بِهِ سُلُطَات هَذِه الدُّوَل هُوَ غَيْرُ شَرْعِيٍّ . أَمَّا الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ تَعَالَى
( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) الشُّورَى آيَة 38 – لِتَحْقِيق لِهَذَا الْأَمْرِ الْإِلَهِيّ لاَبُدَّ مِنْ بِنَاءِ السُّلُطَات كَمَا فَعَلَ الرَّسُولِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم ، أَن تَحْقِيق الْقَاعِدَةُ الْأُولَى يَسْمَح لَنَا بِتَحْقِيق الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ إنَّ الشُّورَى أَصْبَحْت هِي الْمَبْدَأ الأسَاسِيّ فِي دِيمُقراطِيَّة الْحُكْم الرَّشِيد ، و تَحَقَّقَت بِكُلّ أَنْوَاعِهَا عَلَى مُسْتَوَى قِيادَة الدَّوْلَة . الشُّورَى الْعَامَّة هِي انْتِخَابَات السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ و السُّلْطَةَ التَّشْريعِيَّةَ و إعْطَاء ثِقَةٌ الشَّعْب لِكُلّ سَلَّطَه بِشَكْل مُبَاشِرٌ ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِفْتَاء عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّن يُعْتَبَر شُورَى عَامَّة . أَمَّا الشُّورَى الْخَاصَّة فَتَتِمّ بَيْن الرَّئِيس و فَريقِه الرئاسي الَّذِي تَمَّ انْتِخَابِه بِشَكْل مُبَاشِرٌ مِنْ الشّعْبِ . الشُّورَى بَيْن السُّلْطَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ و التَّشْريعِيَّة تَحَقَّقَت لِأَنَّهُ تَمَّ الْفَصْل الْقَطْعِيّ التخصصي و الإيديولوجي . فَكُلّ القَراَرَات سَتَكُون حكما” شُورَى بَيْنَ السلطتين لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ . لِأَنَّ أَصْلَ التَّشْرِيعِ لِمَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ وَلَيْس لِمَصْلَحَة الْأَكْثَرِيَّة السِّيَاسِيَّة كَمَا هُوَ مَعْمُولَ بِهِ فِي الدِّيمُقْراطِيَّة التَّمْثِيلِيَّة الليبرالية . الشُّورَى غَيْرُ مُلْزَمَةٍ هِي اِسْتَشَارَه السُّلْطَة لمراكز الْأَبْحَاث الْعِلْمِيَّة و التخصصية وَغَيْر مُلْزِمَةٌ بِهَا . بِهَذَا الْمَشْرُوع لاَبُدَّ مِنْ تَكاتَف الْأَحْرَار لننقذ الْإِنْسَان والإنسانية مَنْ ظَلَمَ النِّظَام الْعَالَمِيّ الرَّأسِمَالِي الْمُتَوَحِّش وإلحاده لَنَقُول انْتَهَت اللُّعْبَة عَلَى الشُّعُوب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى