مقالات

الاحتلال الروسي لسوريا..البطريرك وليس بوتين!

أحمد الهواس

لم يكن مفاجئًا أن تعلن روسيا دخولها العلني لمقاتلة الثورة السورية بتاريخ 29 سبتمبر 2015 فمن يعرف دور ومكانة النظام السوري إقليمًيا وعربيًا ودوليًا، يوقن أنّ العالم أجمع أو لنقل القوى الكبرى في العالم ستأتي بقواتها للحفاظ على هذا النظام أو تمزيق سورية “الدولة” وتحويلها لدولة مقسّمة اجتماعيًا في كانتونات عرقية وطائفية لا وزن لها، ولا تشكّل خطرًا على إسرائيل، لكن المفاجأة بمن سمح للروس بالتدخل العسكري ومن موّل حملتهم من المحسوبين على أصدقاء الشعب السوري!

ربما أن العلاقة المتميزة بين “موسكو دمشق” منذ زمن حافظ الأسد، التي تكللت باتفاقية الصداقة السوفيتية السورية 1980، والقاعدة الروسية في طرطوس، قد تبدو أنها تشكّل دافعًا لموسكو أن تتدخل عسكريًا للحفاظ على مصالحها، ولكن كل هذه التي ذكرناها لا تقود روسيا للتدخل العسكري في سورية.

فقد سبق لروسيا أن تخلّت عن صربيا التي ترتبط بها بعلاقات عرقية ومذهبية، والعراق وهو أثرى من سورية، وكذلك ليبيا، فلماذا رفضت التخلي عن النظام السوري، ووصل الأمر بها للتدخل العسكري بعد أن عطّلت مجلس الأمن باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد أي قرار يصبّ في مصلحة الثورة السورية؟

حين قامت الثورة السورية، ظنّ السوريون أنهم قاموا ضد نظام محلي مستبد، ولكنهم لم يدروا أنهم في مواجهة نظام يعد حجر الزاوية في البناء الرسمي العربي، والبناء الإقليمي، وله أهمية خاصة في النظام العالمي، وتغيير هذا النظام لن تتوقف مفاعيله عند سورية!

ولعل الثورات العربية بعمومها هددت بانهيار النظام الرسمي العربي، ولذلك فقد سارعت أنظمة عربية لدعم الثورات المضادة ، والتدخل في دول الثورات وتحويل ما اصطلح عليه ” الربيع العربي” إلى خريف أو شتاء قاس، وبدلا من أن تكون تلك البلاد والشعوب أنموذجًا يحتذى لبقية الشعوب العربية، أصبحت مثالاً للبؤس والفقر والحرمان وسفك الدماء، والهجرة إلى حيث المجهول.

هذا النظام – الرسمي العربي – الذي جاء بعد تفكك الدولة العثمانية، وتشكّل الدولة الوطنية في العالم العربي على يد محتليها، حيث انتهى الاحتلال الخارجي باحتلال داخلي أسوأ منه، وبات “الاستقلال” أكبر كذبة “يطلب من المواطن العربي تقديسها، فالدول العربية لم تصل بعد لمفهوم الدول، فمازالت تعيش في مرحلة ما قبل الدولة الحديثة!

المصدر : قناة الجزيرة

http://mubasher.aljazeera.net/opinion/%C2%A0الاحتلال-الروسي-لسورياالبطريرك-وليس-بوتين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى