مقالات

قطار التطبيع يصل إلى المحطة السودانية

قبل الشروع في التطبيع العلني وتحت الشمس، بين إسرائيل وبعض الدول العربية، لم تكن العلاقات مقطوعة كما كان يصور الإعلام بأن إسرائيل عدو للعرب، وأنهم مع الحقوق الفلسطينية، وأنهم متمسكون بتحرير أولى القبلتين، وثالث المساجد التي يشد إليها الرحال المسجد الأقصى.

الواقع إن حكام العرب المعينين من قبل إسرائيل وأمريكا والغرب، كانوا مخلصين وأوفياء لمشغليهم وأسيادهم، ولكن كانت تنقصهم  الجرأة للبوح بعمالتهم وخيانتهم؛ لأنهم لم يكونوا قد جربوا ردة فعل الشعوب التي كانوا يخشونها نوعًا ما، ولكن بعد انفجار الربيع العربي واستيقاظ الشعوب من سباتها العميق الذي دام عقودًا، تغير المشهد إلى ضفة أخرى صبت في مصلحة الحكام الطغاة، وزادت تغولهم على شعوبهم، فقد ألقى الغرب وإسرائيل، وأمريكا كل ثقلهم في دعم أذرعتهم  الفاسدة المرتبطة بهم ،والتي تتآمر معهم على شعوبهم – إن جاز التعبير – ما أدى لظهور ما يسمى بالثورات المضادة التي أحبطت طموحات الشعوب العربية  – إلى حين –  وبحلول هذه النتائج الكارثية، وهذه الجروح الغائرة قويت  شوكت الحكام العملاء، ورفعت من وتيرة لا مبالاتهم إزاء  الشعوب، بل لم يعودوا يرونهم قط، فكان شعار كل واحد منهم ” أنا ربكم الأعلى ” .

وبناء على ذلك أعلنوا عقود زواجهم الرسمية مع إسرائيل بعد أن كانت العلاقة مخادنة.

وبعد قطار التطبيع الذي بدأت محطته من الإمارات(المؤامرات ) مرورًا بالبحرين، وأخيرًا، وليس آخرًا السودان، وكان تطبيع السودان مثيرًا للجدل أكثر من سابقتيها لسببين:

الأول: إنها احتضنت/عام 1967/ قمة اللاءات الثلاث المتمثلة في، لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض، مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه وفق قرارات تلك القمة.

والسبب الثاني: إن ثمن هذا التطبيع هي ستدفعه – على شدة الضائقة الاقتصادية التي تكاد تخنقها – وهو دفعها مبلغ قيمته (335) مليون دولارًا لأمريكا بذريعة تعويضات مرتبطة بهجمات شنها تنظيم القاعدة منها تفجير سفارتي واشنطن في تنزانيا وكينيا عام /1998/.

وقد صرح ترامب كعادته في إهانته وسخريته للحكام العرب – الذين يسوقهم كالقطيع منذ أن وصل إلى الحكم- بأن ثمة خمس دول في طريقها للتطبيع.

والحقيقة أن الحكام العرب في هذه الأيام ينتقلون من حفرة إلى حفرة أعمق من الأولى، وهذه الممارسات التي يقومون بها ستسوقهم إلى حتفهم حكمًا؛ لأنهم يديرون ظهورهم تمامًا إلى شعوبهم، بل يعتبرون أنفسهم يقودون حشرات، ومن جانب آخر نجد أمريكا، والغرب يستعملون الأسلوب نفسه إزاءهم، ويعتبرونهم  عبارة عن بهائم عجماوات تتحرك بالإشارة ، ومن هنا نرى أن هذه التنازلات وهذه المنافسات بين الحكام العرب على الهوان والذل والتعري هي خير للشعوب ولو كان ظاهرها شرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى