مقالات

موقفنا: الرسوم المسيئة لأصحابها أصبحت بعد تبني ماكرون موقف دولة… فأي رد ؟!

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي
عرض مقالات الكاتب

بعد أن تبنى الرئيس الفرنسي ماكرون أمر إعادة نشر الرسوم المسيئة لأصحابها ، لم تعد القضية موقف مجموعة من الرعاع تعبر عن رأيها بطريقة سيئة، متذرعة بما يسمى حرية التعبير ؛ بل أصبح رسالة كراهية وشحناء واستفزاز ، يتبناها الرئيس الفرنسي ، ويبعثها إلى كل مسلمي العالم ..جهارا نهارا ولا يبالي ,,
إن سياسة إدارة الظهر التي يتبعها “أ ولو الأمر من المسلمين” بشقيهم رجال السلطة ورجال العلم ؛ تشركهم – إن استمروا في صمتهم المريب – في إثم ماكرون ورجسه.
إن على ولاة الأمور من الممسكين بوازع السلطان ووازع القرآن ، أن يكون لهم فيما أقدم عليه ماكرون موقف ورأي . يتحملون مسئوليته ، ويتقدمون به الناس .
إن موقف الرئيس ماكرون بحكم موقعه هو رسميا تعبير مباشر عن موقف الجمهورية الفرنسية ، و عموم الشعب الفرنسي ، وعلى أساس هذا الاعتبار المستجد يجب أن يحدد الممسكون بزمام السلطتين لدى المسلمين موقفهم ، ويرشدّوا به موقف العامة – أمثالنا-
من المسلمين .
نتذكر حين تعلو في فضاء عامة المسلمين لغة السب والشتم والردح والعبارات المشحونة ، قول الصحابي لأخيه عشية راح يسب بني قريظة لخيانتهم : إن الأمر بيننا أكبر من السباب .

ويدرك المتابعون للشأن السياسي أن موقف ماكرون العبيط هو جزء من حملته الانتخابية لاستقطاب أصوات اليمين الفرنسي، وفي هذا يطلب من مسلمي فرنسة أن يحسنوا الرد ويجيدوه ، في تنظيم الموقف لتفويت الفرصة على ماكرون ، والاستعداد للسبق بالبديل ودعمه .وأسوأ ما قد يطالعنا به مسلمو فرنسة عشية الانتخابات أن يقولوا : نحن في الخيارات بين شهاب الدين وأخيه !!
كما تابع المتابعون الأنشطة والسياسات المحمومة للرئيس الفرنسي ماكرون ، والتي نشطت في كل من مالي وليبية وسورية والعراق واليونان وقبرص في الأشهر الأخيرة ضد كل ما ينتمي إلى الإسلام وإلى شعوبه ومجتمعاته، وعلى المسلمين الملتزمين بدينهم من شعوب المنطقة أن يحسنوا الاصطفاف ، وأن يوحدوا موقفهم بحزم وعزم ومسئولية .
وكما أن سياسة إدارة الظهر لا تليق بولي أمر صاحب سلطة فإنها لا تليق أيضا بشريكه في الأمر ، وأكثر المفسرين على أن المقصود بقوله تعالى : “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ” هو العلماء ، وأن هؤلاء العلماء هم الحكام . فهذان الفريقان من الناس شريكان في الغنم والغرم معا .
وبعيدا عن أشكال المرجعيات الصورية التابعة للصنف الأول ، ينتظر عامة المسلمين توجيها عمليا سديدا يتم تبنيه على مستوى الأمة . توجيه ينبئ عن فقه وعن رشد وعن حكمة وعن حزم وعزم . توجيه يظهر حقيقة الفرق بين عالمين ، عبر عنهما القائل ..
ملكنا فكان العفو منا سجية ..فلما ملكتم سال بالدم أبطح
فكان الذي كان من أمر الحروب الصليبية ، ومحاكم التفتيش ، واستباحة الشعوب ، وكان كل الذي يجري على كل الجغرافيا الإسلامية اليوم ..
وإن ذكرتم فتوجنا ذكرناكم بما شهد به شاهدكم : ما عرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب .
تنتظر الشعوب من الطائفتين موقفا سياسيا متماسكا متوازنا عاقلا حكيما رادعا زاجر في الأطر السياسية والقانونية والفكرية ، يضع حدا لحالة الفوضى تسود عالم المسلمين ..حيث لكل رهط منبر ، وعلى كل منبر قوال يزخرف قولا لا غناء فيه ..
والحديث ذو شجون ، ولا تزال الأمة تنتظر من قادة العلم والرأي موقفا حقيقا بموقف الرئيس ماكرون ..
موقفا يشكل الإطار العام لموقف الشعوب المسلمة يضبطها ويرشدها ويأخذ بزمامها من حضيض الفوضى إلى يفاع الرشاد ..
وأعجب العجب أنك ترى في القوم من يريد أن يعربه فيعجمه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى