مقالات

كلب الحراسة.. وصاحبه

م. هشام نجار

المنسق العام للهيئة السورية للإعمار
عرض مقالات الكاتب

يعتقد الجميع أن الكلاب تعبد أصحابها، قد يكون ذلك صحيحًا في معظم الحالات، لكن هناك بعض الاستثناءات، فقد شرح لنا أحد الأطباء البيطريين سلوك بعض الكلاب مع مدربيها ، حيث أكد أنه في بعض الحالات ينعدم الود بين الكلب، وصاحبه رغم مايقدمه صاحب الكلب لكلبه من مغريات عديدة، وهذا يعود إلى جشع كلب الصيد بالحصول على نسبة أكبر من صيده .
أخذت من دراسة هذا الطبيب البيطري هذه الحقيقة، و رغبت بتطبيقها على العلاقة بين كلب الصيد الإيراني، وصاحبه الأمريكي، والذي لولاه لما كان هناك لا الخميني، ولا خلفاؤه يتحكمون في إيران،
فدعم الأمريكان، والفرنسيين لحركة الخميني حصل من أجل إبعاد المنافس القوي الغير مرغوب فيه، وهو حزب “تودة” الشيوعي، صاحب الدور الفعال في تحريك الشارع الإيراني، وتنظيم الإضرابات،والاحتجاجات في مواجهة نظام الشاه وأجهزته، ومع حزب تودة كانت هناك فصائل إيرانية معارضة لاعلاقة لأنصار الخميني بها ، لعبت الدور الأهم في تمهيد الطريق للثورة، ونتيجة لذلك لم يجد الأمريكان أمامهم سوى الخميني لخلافة شاه إيران ، وهنا بدأت لعبة كلب الصيد، وصاحبه .
أول نتائج تقارب الخميني مع الأمريكان كان، باستيعاب الخميني لدرس رئيس وزراء إيران السابق محمد مصدق جيدًا، ومن هذا الدرس بدأت المفاوضات بين إدارة الرئيس جيمي كارتر، وبين الخميني وجماعته؛ ليصلوا معاً إلى اتفاق ينص على حماية المصالح الأمريكية في إيران، وفي تقرير أعدَّه الصحفي الإيراني كامبيز فتاحي لهيئة الإذاعة البريطانية، ونشر في عام ٢٠١٦ رصد الاتصالات التي قام بها الخميني مع إدارة الرئيس كارتر على مدى الأسبوعَين اللذين سبقا عودة الخميني إلى طهران، ومن أهم ما جاء في التقرير، أن الأمريكيين مرروا معلومات في غاية الخطورة إلى الخميني؛ منها: أنه في ٩ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٧٨، أرسل السفير الأمريكي في طهران، ويليام سوليفان، برقية إلى واشنطن قال فيها إن نظام الشاه محكوم عليه بالفشل، وإن على واشنطن العمل على إخراج الشاه، وكبار جنرالاته من إيران، ثم العمل على صياغة اتفاق بين الضباط الأقل رتبةً، والخميني، وعلى ضوء ذلك طلب كارتر من الشاه مغادرة إيران تحت عذر قضاء إجازة في ولاية كاليفورنيا.
وكشف التقرير عن أن الخميني أكد للأمريكيين أنه سيعمل على حماية مصالحهم، وسيحرص على سلامة المواطنين الأمريكيين الموجودين في الأراضي الإيرانية. وتعهد الخميني للأمريكيين بأنه لن يعمل على تصدير الثورة، ولن يعادي الأنظمة العربية المجاورة؛ كالسعودية والعراق والكويت.وأقنع واشنطن بضرورة استمرار نفوذهم في إيران، وذلك لحفظ إيران بعيدًا عن متناول النفوذ السوفيتي، أو حتى النفوذ البريطاني المحتمل، وعلى ضوء ذلك عبَّرت واشنطن عن نيتها في عدم التدخل في اختيار شكل النظام السياسي في إيران ما دام النظام القادم سيرعى المصالح الأمريكية، وسيعمل على حفظ تماسك المؤسسة العسكرية لقطع طريق السلطة أمام حزب “تودة”، وباقي الفصائل اليسارية المتحالفة معه، فبعد خروج الشاه، وعودة الخميني تحت الضمان الأمريكي لسلامته الشخصية، وما إن تمكن الخميني من السيطرة على إيران حتى أعلن أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، ثم بدا نظام الخميني بابتزاز صاحبها بتهديد العراق، ودول الخليج لفرض نظامها على هذه الدول .
فهل تمرد كلب الصيد على صاحبه ؟
لم يكن التمرد كاملاً بل كان مقدمة لرسم سياسة جديدة بين الطرفين يكون فيها لنظام الخميني مهمة أساسية مع بقائه كلباً للصيد،
على أن تبقى سلسلة لجام قيادة الكلب بيد الأمريكي فيتم تهييجه باتجاه دول الخليج في الوقت الذي يريد صاحبه، وكانت غاية النباح واضحة وذلك لدفع هذه الدول باتجاه الحضن الإسرائيلي للوصول لحالة الاعتراف بها ،وقد تحققت الغاية المشتركة، والمنفعه للكلب ومدربه.
أما بقاء هذا الكلب يسرح ويمرح في سوريا، فهو أمر يبدو أنه متفق عليه على أن تبقى وظيفة الكلب هي بناء بيوت دعارة لزواج المتعة، وفتح حسينيات، ومدارس لإفساد الأجيال، وتغيير دينهم، وانتمائهم العربي دون أنياب .
ولاستمرارية هذه العلاقة كان لابد من التراشق الإعلامي بين الكلب، وصاحبه، وهو أسلوب شبيه بأسلوب حضانة نظام الأسد في سوريا لنصف قرن، فنباح نظام الأسد، وبدعم أمريكي كان غايته ابتزاز الدول العربية الخليجية؛ لدفع الخوة، والتي سميت بخوة التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل ليتبين لاحقًا أن هذا التوازن الخياني استخدم ضد الشعب السوري .
وختاماً أقول : إن طريقة تعامل كلب الصيد مع صاحبه هو خطر يطال الأمة العربية بأسرها، وعليها أن تنسى التراشق الإعلامي بينهما حتى تتأكد الشعوب جدية الانفصال بين الكلب، وصاحبه ، وعلى جميع الشعوب العربية أن تعرف أيضاً أن دعمها للشعب السوري، والعراقي هو السبيل للتحرر والتقدم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى