دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (54)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

نهاية الدولة الأموية بالأندلس

بعد اجتماع أهل قرطبة على طاعة يحيى بن علي بن حمود العلوي، وكان بمالقة، يخطب له بالخلافة، خرجوا عن طاعته في سنة ثماني عشرة وأربعمائة (418هـ)، وظل يحيى كذلك مدة، ثم سار من مالقة إِلى قرمونة. وأقام بها محاصراً لإشبيلية وخرجت للقاضي أبا القاسم بن عباد خيلٌ، وكَمُنَ بعضهم، فركب يحيى لقتالهم، فقُتِلَ في المعركة، وكان قَتْلُ يحيى المذكور في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة (427هـ) .
ولما خلع أهل قرطبة طاعة يحيى كما ذكرنا، بايعوا لهشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الأموي ولقبوه بالمعتد بالله، وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وأربعمائة (418) حسبما ذكرنا، وجرى في أيامه فتن وخلافات من أهل الأندلس يطول شرحها، حتى خلع هشام المذكور سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (422هـ)، وسار هشام مخلوعاً إِلى سليمان بن هود الجذامي، فأقام عنده إِلى أن مات هشام سنة ثمان وعشرين وأربعمائة (428 هـ)
ثم أقام أهل قرطبة بعد هشام شخصاً من ولد عبد الرحمن الناصر أيضاً واسمه أمية، ولما أرادوا ولاية أمية، قالوا له: نخشى عليك أن تقتل فإن السعاد قد ولت عنكم يا بني أمية. فقال: بايعوني اليوم، واقتلوني غداً، فلم ينتظم له أمر، واختفى فلم يظهر له خبر بعد ذلك.
ثم إِن الأندلس اقتسمها أصحاب الأطراف والرؤساء، وصاروا مثل ملوك الطوائف، وأما قرطبة فاستولى عليها أبو الحسن بن جهور، وكان من وزراء الدولة العامرية، وبقي كذلك إِلى أن مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة (435هـ) وقام بأمر قرطبة بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور. وأما إِشبيلية فاستولى عليها قاضيها أبو القاسم محمد بن إِسماعيل بن عباد اللخمي، وهو من ولد النعمان بن المنذر ولما انقسمت مملكة الأندلس، شاع أن المؤيد هشام بن الحكم الذي اختفى خبره قد ظهر وسار إِلى قلعة رباح، وأطاعه أهلها، فاستدعاه ابن عباد إِلى إِشبيلية، فسار إليه، وقام بنصره، وكتب بظهوره إِلى ممالك الأندلس. (المختصر في أخبار البشر 2/ 147)
أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور
واستولى على قرطبة جهور بن محمد المذكور آنفاً، وكان من وزراء الدولة
العامرية، قديم الرياسة، موصوفاً بالدهاء والعقل، لم يدخل في أمور الفتن قبل ذلك وكان يتصاون عنها، فلما خلا له الجو وأمكنته الفرصة، وثب عليها فتولى أمرها واستضلع بحمايتها، ولم ينتقل إلى رتبة الإمارة ظاهراً بل دبرها تدبيراً لم يسبق إليه.
وجعل نفسه ممسكاً للموضع إلى أن يجيء مستحق يتفق عليه فيسلم إليه.
ورتب البوابين والحشم على تلك القصور على ما كانت عليه أيام الدولة ولم يتحول عن داره إليها، وجعل ما يرتفع من الأموال السلطانية بأيدي رجال رتبهم لذلك [وهو المشرف عليهم وصير أهل الأسواق جنداً له وجعل أرزاقهم] رؤوس أموال تكون بأيديهم محصلة عليهم يأخذون ربحها فقط، ورؤوس الأموال باقية محفوظة يؤخذون بها، ويراعون في الوقت بعد الوقت كما حفظهم لها، وفرق السلاح عليهم، وأمرهم بتفرقته في الدكاكين وفي البيوت.
حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار كان سلاح كل واحد معه، وكان يشهد الجنائز ويعود المرضى جارياً في طريقة الصالحين، وهو مع ذلك يدبر الأمر تدبير السلاطين المتغلبين.
وكان مأموناً، وقرطبة في أيامه حرماً يأمن فيه كل خائف من غيره إلى أن مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. (بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس صـ35)
أبو الوليد محمد بن جهور
وتولى أمرها بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور على هذا التدبير إلى أن مات فغلب عليها بعد أمور جرت هنالك الأمير الملقب بالمأمون صاحب طليطلة ودبرها مدة يسيرة ومات فيها.
ثم غلب عليها صاحب إشبيلية الأمير الظافر بن عباد [فهي الآن بيده على ما بلغنا] . (بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس صـ 36)
انتهى الجزء الثاني من المقالات اللطيفة بنهاية الدولة الأموية في الأندلس.
ويله الجزء الثالث وهو الدولة العباسية
لكن دعونا نتوقف بعض الوقت لكثرة المشاغل. وضيق الوقت.
وان شاء الله نعود قريبا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى