مقالات

أساليب فرنسا الاستعمارية بين الماضي والحاضر

أنور الغربي

الأمين العام لمجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية
مستشار سابق في رئاسة الجمهورية
عرض مقالات الكاتب

وأنا أتابع ما أقدمت عليه السلطات الفرنسية بتوجيه مباشر من رئيسها الحالي ماكرون تجاه الإسلام، والمسلمين هذه الأيام تذكرت ما كان يقوله لي أستاذي، ومعلمي المرحوم محمود بوزوزو – ابن مدينة بجاية الجزائرية والذي كانت نفته السلطات الفرنسية في الخمسينات بسبب كتاباته في الجريدة التي كان يديرها يومها_وكان يصر على أن تكون باللغة العربية، وبنهج يؤسس للنهضة، والعدالة، و لمناهضة الاحتلال الفرنسي للمغرب العربي.
كان يردد دومًا “إن فرنسا إذا دخلت أرضًا جعلت سادتها أذلة أتباع، وفرضت بضاعتها، وإن كانت أقل جودة عبر جنودها، وعنجهيتها”، وكنت أرى في هذا الرأي شيئًا من المبالغة، وكنت أقول يومها ربما ذلك الموقف هو ردة فعل، و نتيجة لسلوك فرنسا في الجزائر، وما فعلته بأتباعها – عملائها لما استنجدوا بها –
كان رحمه الله عندما يأتي لاستشارته الزعماء، وبعض القادة من الجزائريين منتصف التسعينات يقول لهم “لا تسلكوا طريق فرنسا واحذروا السير معها، أو خلفها فهي جسم غريب، ومدمر للهوية تمامًا كإسرائيل باعتبارها جسم غريب في منطقة الشرق الأوسط،” وكلاهما ذراع للفتنة، ولتخلف العرب”
كان لا يتردد في القول بأن الفرنسيين هم أول من مارس سياسة “قطع الرؤوس للتخويف” لما تعالت الأصوات للتنديد بما كان يحدث في الجزائر بداية التسعينات من القرن الماضي .
كان دائم التذكير لكل من يقصده حتى من غير الجزائريين من العراق وإيران، وبلاد الشام، والمغرب العربي يردد التحذير من المخططات الفرنسية، وكنت حاضرًا على بعض النقاشات، والحوارات في مكتبه في جنيف، وكذلك على اتصالات مع زعماء يستشيرونه، ومنهم رفسنجاني قبل أن يصبح رئيسًا لإيران.
كنت حريصًا على فهم، و استيعاب، وتحليل شخصية هذا الرجل ، الذي ساهم كثيرًا في تأسيس الكشافة الإسلامية في الجزائر، وهو من أدخل اللغة العربية لجامعة جنيف، وكان من الأوائل الذين بعثوا قسم الترجمة فيها. كما كان أول إمام لأكبر جامع في جنيف، وسويسرا .
سألته كثيرًا عن التاريخ،
و الأحزاب، والنخب الفرنسية، وكان يشجع على التواصل، والحوار إذا كانت على قاعدة الندية، وليس “الدونية” وكان يقول: إذا فرضت نفسك سيستمع إليك الفرنسيون، وإلا سيعاملونك كتابع لهم، وللغتهم، و ثقافتهم .
رحم الله الشيخ المربي، والعالم الجليل محمود بوزوزو لقد كان أمة، وبحرًا من العلوم، والمعارف، والثبات على المبادئ، ومناهضة الظلم وأهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى