مقالات

إصلاح الإعلام هي معركة وعي وتحرير

أنور الغربي

الأمين العام لمجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية
مستشار سابق في رئاسة الجمهورية
عرض مقالات الكاتب

تذكرني استماتة البعض في الإبقاء على الوضع الإعلامي الراهن في تونس، ومحاربة إصلاحه بكل شراسة بوضع من يخاف إنارة الغرفة حتى لا يرى مشهدًا مفزعًا.
إن الحقيقة التي لا يريد البعض الاستماع إليها هو أن هذا القطاع يعاني من تراكم المشاكل، وأصبح مصدرًالتوتير الأجواء، وتشجيع الشعبية، والفوضى وازدراء الحريات، وحكم القانون، بل ساهم في إرباك المشهد، وهو ما تعمل عليه بقوة جهات معروفة بعدائها للتمشي الديمقراطي في البلاد.
ربما البعض لم يدرك بعد بأن التأثير الأكبر، وخاصة لدى الشباب لم يعد بيد الإعلام التقليدي، وأنه لا يوجد خيار أمام المهيمنين على القطاع اليوم غير القبول بالواقع والقيام بالإصلاحات، ومراجعة السياسات.
على الجميع أن يدرك بأن قيم الديمقراطية، والحرية عامة، وتشمل المدافعين عنها، وكذلك خصومها، وهم كثر في هذا القطاع .
ليس خافيًا بأن المهيمنين الحاليين على القطاع خدموا، وبقوة منظومة الاستبداد، واستفادوا منها ولكن الغريب أن البعض من المحسوبين على الثورة، وقيم الحرية، والكرامة، والشفافية، وحكم القانون يعرضون، وبشراسة إدخال إصلاحات على قطاع هم أحد ضحاياه .
لعل من الأشياء التي لا أنساها هي تلك الوثيقة التي عثرت عليها بالمصادفة يوم دخلت مكتبي في قرطاج في مايو 2012 حيث كان المكتب يستعمله رئيس الدائرة الإعلامية في الرئاسة، وكان يحتوي على عديد الكتب التي تمجد نظام الاستبدال، و بعض التقاريرالتي لم تتلف .
التقرير – الوثيقة كان من ضمن ملفات كثيرة كانت في الخزانة الفرعية، وربما لهذا لم تطلها يد الرقابة، والإتلاف من قبل من سبقونا، فقد كان التقرير عبارة عن قائمة تحتوي على عشرات الأسماء من “الصحافيين”، وثمن خدمات كل واحد منهم.
والغريب أن التسعيرة تختلف بحسب نوعية الخدمات المقدمة، ومدتها، وحجم تأثيرها سلبًا، أو إيجابًا. وقتها فهمت أنه بالإمكان شراء رأي، أو موقف سواء دائم، أو حتى مؤقت. وكنت خلال 3 سنوات أمضيتها هناك لا أعرف أسماء أغلب الصحفيين، ولكن كنت أعرف تسعيرة البعض منهم إما كلامًا، أودعمًا، أو سكوتًا .
وأهل المهنة، والذين تحملوا مسؤوليات في القطاع يعرفون ذلك ويعرفون من يمكن إسكاته بجهاز Iphone5 حينها .
ومن بإمكانك تأجير خدماته لمدة أسبوع على إحدى القنوات.
وفي الواقع هذا ليس استثناء تونسي، ولكن جرأة البعض على محاولة جر الجميع لمستنقعات البذاءة، والفتنة تجعلك من جديد تتذكر ما كان يقوله العظماء خلال حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي “معركتنا الحقيقية هي في مجالات التعليم والثقافة ” ونضيف إليها الأخلاق، وكما قال الشاعر “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”
و “إذا أصيب القوم في أخلاقهم * فأقم عليهم مأتمًا و عويلا” و”صلاح أمرك للأخلاق مرجعه * فقوّم النفس بالأخلاق تستقم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى