دين ودنيا

هل أحبَّ نبيُّنا زينبَ بعد زواجِها؟

د. خالد عبد القادر

باحث ومشرف تربوي- لبنان
عرض مقالات الكاتب

قال الله سبحانه لنبيه:
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ..

الخطاب موجّه من الله لنبيّه.
الذي أنعم الله عليه هو زيد بن حارثة،، أنعم الله عليه بالإسلام، وكونه رُبّي في بيت نبينا،وكان يُسمّى زيد بن محمد..

  • كان زيد قد سُبي فاشتراه حكيم بن خزام ووهبه لخديجة بنت خويلد،ولما تزوجت خديجة برسول الله وهبته له،فتبنّاه نبينا،وصار يُعرف بزيد بن محمد..
    ثم أعتقه رسول الله،وهنا قد أَنْعَم نبيُّنا عليه بالحرية..
  • تزوّج زيدٌ بزينب بنت جحش ابنة عمة نبينا..ثم حدث بينمها خلاف..
    وقد أعلم الله نبيّه أنَّ زيداً سيُطلّق زوجته زينب،وأنك يا محمد ستتزوجها لإبطال التبني في الاسلام..القاضي بتحريم زوجة الولد المُتَبَنّى..
  • جاء زيد يشكو الى رسول الله ما يشعر به من علوّ نفس زينب القُرشيّة عليه، وانزعاجه منها – وقد أخبره الله تعالى بما سيحدث – فأمر نبيُّنا زيداً ألا يُفكّر في طلاقها،وبأن يبقى معها،استحياء من الناس كيلا يقولوا: تزوّج محمد زوجة ابنه.

فعاتب اللهُ نبيَّه بقوله: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ..أي تخفي أن الله قد أخبرك بأنّ زيداً سيُطلق زينب وتتزوجها أنت..وهذا الذي سيُظهره الله على الناس كلهم..
وقول النبي لزيد: واتق الله…أي في نسبة الكِبر الى زينب..

  • وقوله تعالى: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.
    يعني أَتَسْتَحي من الناس أنْ يقولوا: تزوّج محمدٌ طليقة ابنه بالتبني..والله وحده هو المستحق أن تخشاه وتستحي منه..
    ونبينا بشر،يعتريه وينزل به ما يعتري البشر وينزل بهم..
    وهذا هو السبب الرئيس في ذلك،وهو أنه بشر..ومع هذا عاتبه ربه..
    وقد قالت عائشة،وأنس: لو كان النبيُّ كاتماً لشيء من القرآن،لكتم هذه الآية من شدة وقْعِها عليه…

-وأمّا ما جاء في بعض التفاسير من أنّ نبينا قد رآى زينب، فوقعت في نفسه وأعجبته وقال: “سبحان مُقلّب القلوب”ورغب في أن تكون زوجةًله،وهذا ما أخفاه في نفسه…فهذا لا قيمة له من حيث السند..فالسند ضعيف مهلهل، لا يصلح ..
وقد ضعَّفه ابنُ العربي وابنُ حجر وابنُ كثير .وقد رواه ابن اسحاق في كتابه ” السيرة “من طريق سليم الكوفي مولى الشعبي عن الشعبي.. والشعبي لم يسمعه من صحابي واحد،فهو منقطع ضعيف..
وسليم مولى الشعبي ضعّفه جماهير الأُمّة.
ومن هنا أخذ المستشرقون هذه الرواية وطعنوا في أخلاق نبينا..
ويكفينا انها مكذوبة،وإنما هي أقوال لبعض المفسرين، وعليه فلا يُلتفت إليها أبدا..وتبقى عظمةُ نبينا دون أي خدش..ومن المعيب أن ينقل هذه الرواية مَنْ يدّعي التحقيق والتأريخ..!!

-تزوّج نبيُّنا زينب، بعد أنْ طلّقها زيد.. وكانت تفتخر على بقية نساء النبي بقولها:
زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ.(البخاري 7420).

والحكمة من هذا كله هي: أن الله سبحانه يريد إبطال عادة التبني التي هي كذب خالص..فلا المُتبَنَّى ولد حقيقةً،ولا المُتَبنِي هو والد حقيقيٌّ..
قال الله: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ..
وكان الناس يقولون عن زيد أنه ابن محمد..فلما نزلت الآية صار الصحابة يقولون: زيد بن حارثة..
وهو الأعدل عند الله..

قالتْ عائشةُ عن زينب: لَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ خَيْرًا مِنْهَا فِي الدِّينِ، وَأَتْقَى للَّه تَعَالَى، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ تَبَذُّلا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَتَصَدَّقُ بِهِ وَتَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وزينب هي أول زوجات النبي وفاةً بعده..

صلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى