مقالات

في ذكرى ميلاد الإمام حسن البنا

أحمد هلال

كاتب وحقوقي مصري – عضو منظمة العفو الدولية
عرض مقالات الكاتب

كان ميلاده الثاني يوم فكر في جمع شتات الأمة الإسلامية بعد انفراط العقد، والمؤامرة على الخلافة العثمانية.

شغله حال أمته ،وحاول تبسيط الإسلام، وجمعه في إطار يستوعب الفلاحين، والعمال، والأساتذة، و القضاة، والمعلمين، والمهندسين، و الأطباء، والشيوخ والعلماء ،وأصحاب النظريات، والفلسفات، ،والكتاب والأدباء ،والمحامين ،

فكان من مؤسسي التنظيم كل هؤلاء، يجمعهم نسيج واحد، فلا تشعر بفوارق تعليمية ،وربما يكون العامل سابقًا للقاضي في الدعوة، ومستوعبًا لعظمة البناء فيها.

انتشرت دعوته في الشوارع، و الطرقات، وفي المساجد والنوادي ،وفي المقاهي، و المسارح، وطالت بيوت الدعارة، فأغلقتها، و تحولت أسماء شوارعها إلى شارع التائبات.

هي فكرة جمعت الجميع حول منظومة واحدة، وهدف واحد ،تم استيعاب جميع طاقات وقدرات المجتمع المصري فيها ،حتى كان من بين المؤسسين مسيحيون أيضًا ،لهم دور وطني بعيدًا عن الاعتقاد والدين.

انتشرت تلك المبادرة الفردية الواعية حتى اتسعت دائرتها. سيكون لها صدى كبير، وتأثير قوي، فتغيرت معها الجغرافيا، وتمت إعادة صياغة، وكتابة التاريخ من جديد.

التف حولها الجميع حتى الفتوات، والشجعان من بولاق صادفت تلك الدعوة صدى كبيرًا وتأثيرًا قويًا عندهم.

انتشرت تلك الدعوة المباركة حتى وصلت إلى جزر في عرض البحار ليس لها طريق يابسة يسهل الوصول إليها.

اخترقت تلك الدعوة قلوب الملايين في العالم كله بعد أن اخترقت رصاصات الغدر صدر هذا الرجل في أكبر شوارع القاهرة ،يظنون أن الرصاص يمكنه أن يقتل الفكرة، أو يطويها،

لكن تلك الرصاصة كانت بداية بانتصار كبير،

 و انتشار أوسع، وأرحب.

هزت تلك المبادرة أركان العالم كله، وأصبحت في الحسابات الدولية، و الإقليمية، والمحلية محور ارتكاز كبير في اتخاذ القرارات، وضبط السياسات والحسابات.

سنوات تفصلنا عن بلوغ المئة عام من عمر تلك المبادرة؛ ليتم جني ثمارها في وقت الحصاد الكبير.

سبقت الفكرة التنظيم ،وأصبح كل من يحمل الفكرة هو نبت من تلك الدعوة المباركة، وإن كان خارج تنظيمها.

وبقيت الدعوة تحمل شعارًا فضفاضًا يستوعب أخلاقيات الجميع (كم فينا وليس منا وكم منا وليس فينا).

ليطمئن صاحب الخلق الرفيع، والغاية النبيلة من أهل تلك الدعوة المباركة، وإن لم يكن فيها ،وتلفظ تلك الدعوة خبثها وإن كانوا فيها.

عبقرية البناء، وسلاسة الفكرة أدت إلى جريانها من دون حسابات، ولا يعيقها شيء، ولا يحول دون انتشارها طاغوت.

عبثًا حاول الطواغيت، وقف انتشارها ،لكنهم كلما ضربوها ،تجذرت، وكلما دفنوها أنبتت سبع سنابل في، كل سنبلة مئة حبة.

هي دعوة سنابل الخير تحمل الخير للعالمين.

والمستقبل لها يقينًا ،فقد تجذرت تلك الدعوة في عمق التاريخ والجغرافيا.

شجرة ما أورف ظلالها، وما أطيب ثمارها ،رحم الله من غرسها ،ورحم الله من لم يستعجل قطف ثمارها.

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “(21)يوسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى