مقالات

العرب والترك أخوة التاريخ

خالد أبوهاشم

عرض مقالات الكاتب

امتزج العرب بعد الفتوحات الكبرى في العالم بجميع أجناس العالم القديم، تصاهروا وسكنوا كل أرض الإمبراطورية الإسلامية التي كانت تسيطر على ١٠٪؜ من مساحة اليابسة على كوكب الأرض في عهد الدولة الأموية، تصاهر العرب مع الفرس وكان هناك خلفاء من أمهات فارسيات كالمأمون، وموالي من أمهات كرديات وقوقاز وهنود وخراسانيين، تصاهروا مع البربر ( الأمازيغ ) كما هو حال عبد الرحمن الداخل الأموي من أم أمازيغية، تصاهروا مع الاوروبيين القوط في الأندلس، الجرمان النازحين من جرمانيا إلى الجزيرة الأيبيرية الذين اسملوا وكانوا غالبية سكان الأندلس ، الدماء العربية تجدها في شعب اندونيسيا وفي وسط أفريقيا والهند والبلقان كما هو حال الجالية المصرية في كوسوفا.
كان العرب أخوة وأصهارا بحق لجميع شعوب العالم الإسلامي لكن مثل أخوة الترك والعرب لن تجد في التاريخ الإسلامي الطويل، بدأت بعد فتوحات القادسية فتح الفتوح التي امتدت في عهد عثمان لنهر سيحون وجيحون، هناك كان أول لقاء بين العرب والترك، أسلمت قبائل تركية وبقيت قبائل تركية أخرى على الوثنية إلى أن جاءت حادثة عظيمة؛ زحفت الصين في عام 751 ميلادية بجيش جرار قوامه 100 ألف مقاتل للاستيلاء على آسيا الوسطى بلاد الترك، وقف العرب والترك كحلفاء لصد هذا الزحف الصيني الجارف عند نهر تالاس في عهد الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور، انتصرت الإمبراطورية العباسية على الإمبراطورية الصينية وتوقف غزو الصين ثمانية قرون.
من بعد هذه المعركة نظر الأترك للعرب كمحررين وحلفاء موثوق بهم ودخلت بقية الترك أفواجاً في ملة الإسلام والتوحيد تاركين ورائهم الشرك وحطام الأوثان وقدموا علماء عظامًا في خدمة الإسلام في شتى المجالات وأصبحت سمرقند إحدى مدن العالم المشهورة في العلم كالمدينة والكوفة وبغداد ودمشق والقيروان وقرطبة .. توافدت القبائل التركية نحو الغرب إلى بلاد العرب ونالوا مناصب عليا في الخلافة، كانوا حرس المعتصم والخليفة المتوكل وانتشرت الترك في بلاد العرب في الشام والعراق ومصر حتى تقلد المماليك الأتراك والشراكسة حكم مصر وجاء الزحف المغولي الجارف الذي سيطر على نصف العالم الإسلامي ووقف العرب والترك مرة أخرى في عين جالوت في أعظم معارك التاريخ التي غيرت العالم وانهت أكبر امبراطوريات التاريخ وهنا يسلم التتار الأتراك وتنتشر القبيلة الذهبية حتى تخوم موسكو وهنا تولد في كازخستان في أقصى شمال بلاد الترك الدولة الخاقانية وينتشر الإسلام وبإسلام ملوك هذه الدولة أسلمت قبيلة من الأوغز؛ إنهم السلاجقة العظام الذين توسعوا بالفتوحات وانقذوا بغداد من حكم البويهين وساندوا الخليفة العباسي الهاشمي القرشي وحاربوا الصليبين مع العرب كأخوة وحلفاء حتى جائت معركة ملاذكرد وهنا جاءت الضربة الكبرى للعالم الصليبي بهزيمة الروم ففرحت أمة الإسلام واحتفلت بغداد العربية بهذا النصر عدة أيام ثم رحلت قبيلة صغيرة من الأوغز هاربة من المغول مكونة من 400 خيمة وسكنوا في غرب الأناضول حاربوا الصليبيين في ظل ولائهم لأبناء عموتهم السلاجقة.
هنا وقبل تاريخ طويل كان العرب قد مهدوا لفتح عظيم ألا وهو فتح القسطنطينية مؤمنين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وغزا العرب وركبوا البحر لحصار عاصمة الروم القسطنطينية … إنهم الروم الذين كان أول من غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ خلفائه وأصحابه بإكمال المسير من عهد الصديق إلى أن وصل أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حدود القسطنطينية إنه أبو أيوب الأنصارى شهد بدرًا وأحدًا والأحزاب مع رسول الله حتى كانت آخر معاركه في حصار القسطنطينية ومات على حدود أسوارها.
تركت هذه الأحاديث والفتوحات المجيدة من العرب الفاتحين عظيم الأثر في نفوس أبناء العالم الإسلامي ومهدت الطريق نحو القسطنطينية حتى تعاظمت دولة آل عثمان وحدث الصدام الحاسم بين الحضارتين الإسلامية والنصرانية بقيادة محمد الفاتح، وشارك العرب والترك مرة أخرى في هذه المعركة فقد كانت تسكن في عهد السلاجقة مجاميع كثيرة من العرب في الأناضول واعتلت الصيحات والتكبيرات ودكت المدافع الإسلامية أسوار عاصمة الصليبين ورفرفت راية المسلمين فوق أعظم أسوار التاريخ إنها ملحمة عظيمة قادها العرب في أول الأمر ومهدوا الطريق وتعدوا حدود الشام وبيت المقدس حتى وصلوا أسوار القسطنطينية، ثم استلم الراية أخوتهم الترك وأكملوا المسير إلى أعظم مدن العالم وانتهى الرومان تحت أقدام فرسان العرب والأتراك، ثم انتشرت دولة آل عثمان في بلاد العرب وزحفت امبراطورية الإسلام نحو أوروبا ووصل صدى الأذان والتكبير حدود فيينا ولكن لكل شيء إذا ماتم نقصان.
بدأ العرب والترك وجميع شعوب الإسلام تتراخى عن تمسكها بهذا الدين، شاعت البدع وانتشرت الصوفية وزاد الغلو وانتشرت الأضرحة وحورب أهل التوحيد وشاعت القومية والعصبية بين أخوة الدين والتاريخ، شاع سوء الظن بين الترك والعرب وفي ظل هذه الظروف الصعبة وتساقط العالم الإسلامي تحت بنادق الإستعمار الصليبي وتسرب يهود الدونمة بين الأتراك، ومع مرارة بعض المظالم على سكان الخلافة وجد الاعداء الفرصة لنفث سموم القومية والفتنة بين المسلمين الذين ابتعدوا عن دينهم وتوحيدهم، فتصاعدت القومية التركية حتى اسقطت الخلافة ودخل يهودي مع القوميين الأتراك لعزل خليفة المسلمين!!!!
تهاوت أركان الخلافة فتسلط السفلة والزنادقة ووجد الإنجليز ضالتهم في العرب الذين مسهم أيضا شيئٌ من الجهل والظلم فأغروا الشريف بمُلك كامل بلاد العرب لإقامة دولة اسلامية عربية فكما كان جيش الدولة العثمانية يقوده الطورانيون والملاحدة ويتخلل صفوفهم اليهود كان العرب يخدعهم ويمنيهم ويوسوس لهم الإنجليز بقيادة لورنس العرب.
انتهى هذا الخلاف بين الأخوة بمأساة نعيش لحظاتها إلى الآن؛ إنها الأخوة التي ندم أشد الندم الطرفين على تبعات هذا الخلاف … لكنها مازالت تائهة عن سبب عدم التئام شعبين في روح واحدة، إنهم ضلوا الطريق عن التوحيد والولاء والبراء واعتلت القباب وكثرت الأضرحة وفتحوا للصليبيين قواعد لدك المسلمين في انجرلينك والعديدة وأماكن شتى، إنهم عطلوا حكم القرآن الذي يقرأون فيه ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى