مقالات

كيف أسلمت صوفي بيترونان؟

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي
عرض مقالات الكاتب

رسالة الإسلام : أعلان حب ..وليست إعلان كراهية : علموا الذين يكرهون
إذن صوفي بيترونان المرأة السبعينية ، العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية ، التي كانت تشرف على مدرسة لتعليم الأطفال الأيتام في مالي ، والتي تم اختطافها في مالي قبل أربع سنوات ، وتحديدا منذ 24/ 12/ 2016 ، قد تم الإفراج عنها ضمن صفقة ؛ وقد غادرت مالي على عجل إلى موطنها الأصلي فرنسة . وقد كان في استقبالها في المطار ، للتوظيف السياسي المعادي للإسلام ، الرئيس ماكرون ، وقد أعلنت السيدة مريم لدى وصولها إلى المطار أمرين ؛ الأول أنها أسلمت وتحولت من صوفي إلى مريم . والثانية أنها عائدة إلى مالي لاستكمال الدور والمهمة ..
ويبدو لي أن السيدة مريم قد فاجأت من حولها ، بإسلامها ، ومنهم الرئيس الفرنسي ، ولعلها أيضا فاجأت خاطفيها من قبل ، إذ لو أعلنت إسلامها وهي بين أيديهم لما احتاجت إلى الصفقة للإفراج عنها ..
وجاء خبر إسلام السيدة مريم مع الموجة السلبية المرتدة لإعلان الكراهية الذي تفوه به ماكرون ضد الإسلام ، فكأنه كان الرد الرباني المقدر والذي بهت الذي كفر . جاء شاهدا على ماكرون من أهله . ومن حيث لم يحتسب ، وهو يقدر أنه سيجد المنبر الذي سينفث عليه المزيد من النفط والنار عن الإسلام والمسلمين..
لملم ماكرون نفسه وعاد من المطار خزيان ندمان ..
ولكن أليس من حق لو كان ماكرون عاقلا أن يسأل صوفي أو مريم : كيف ولماذا ؟! صحيح في العلمانية الفرنسية الدين شأن شخصي ، وصحيح أن ماكرون لم يمنع السيدة مريم من الكلام ، كما منعت من قبل راهبات معلولا,,,لو تذكرون
في السياقات الحضارية دائما يتحدث المؤرخون والمفكرون عن المغلوبين يدخلون في دين الغالب ، يتبعون مناهجه وأساليبه وعاداته وتقاليده ولغته ويعجبون بشعره وفنه ..أما أن يدخل الغالب في دين المغلوب فهذا لم يحدث في تاريخ الأديان إلا مع الإسلام وعلى المستتويين الجماعي ، يوم أسلم الغزاة التتار ، والفردي وهو الذي تقوم شواهده حول العالم في كل يوم .
و لكن هل إدارة الظهر لمشهد بهذه الضخامة ، هو فعل الراشدين أو العاقلين أو المثقفين أو المتحضرين ؟؟؟ سؤال سيظل مطروحا على الرئيس الفرنسي وعلى كل الشرائح التي يمثلها أو تمثله ؟!
وبالمقابل يستدير السؤال ليطرح علينا نحن ، كيف أسلمت صوفي ؟ أو كيف تحولت صوفي إلى مريم ؟ وأنا هنا أكتب عن دين وخلق . عن جوهر رسالة ، بغض النظر عن طبيعة الخاطفين ، وحقيقتهم السياسية . …
امرأة يصنفونها عدوة لهم ، صليبية حاقدة مشركة مثلثة عدوة لله ولرسوله جاءت إلى بلادهم في لبوس الخدمة المدنية للتبشير والتنصير ثم وقعت في أيديهم أسيرة ضعيفة مجردة من حول وطول ، وفي قلوب آسريها عليها نار تلظى …!!
أليس هذا هو الخطاب السائد على ألسنة بعضهم ، وهم يصيحون علينا في الصباح والمساء : النقمة ..النقمة ..الحقد ..الحقد .. الثأر ..الثأر ..الكراهية ..الكراهية .. البغضاء .. البغضاء ..فهل هذا الخطاب ، والالتزام بها ، والصدور عنه ، والاستجابة لدواعيه هو الذي سيجعل صوفي مريم …صاح أحد الصحابة يوم فتح مكة : اليوم يوم الملحمة – أي القتل – ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم يوم المرحمة ذاكم هو معلمنا ..وما كان ليكون معلمنا لكع بن لكع..
أنظن أنه بمثل هذا الخطاب أسلمت صوفي وتحولت إلى مريم ..
أم أسلمت بخطاب آخر مثله السلوك الحسن ، والإحسان إلى الأسير ، وخفض الجناح ، ولين الكلام ، والجدال بالتي هي أحسن ، والدعوة إلى الكلمة السواء ، وأن لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . ..
إسلام صوفي اليوم ليس إسلام امرأة تنضم إلى مجموع المسلمات والمسلمين . ونحن لا نستهين بإسىلام أي إنسان ، إسلام صوفي هو حدث رمزي دال . وهو درس معبر لماكرون وفريقه و في الوقت نفسه للمسلمين ولفريقهم …
أتابع حركة انتشار الإسلام على كل الجغرافية والديموغرافية الإسلامية ، وقد تعودنا أن ننفي أن الإسلام انتشر بالسيف وهذا حق ..ولكن يجب علينا أن نؤكد اليوم إن الإسلام أبدا ما انتشر إلا بإعلان الحب، ولم ينتشر أبدا بإعلان الكراهية ..وتلك رسالتي للذين يكرهون …
في مطلع القرن الماضي رفع الماركسيون والبعثيون فوق رؤوسنا رايات ” الحقد المقدس ” ومنذ أربعين سنة أكتب وسأظل أكتب نحن لا نحقد ولا نقدس الحقد ..وما كان لمسلم مؤمن أن يكون حقودا ..

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. جزى الله كاتب هذا المقال خير الجزاء على تبين جزء مهم جدا للدين الإسلامي وهو سماحة المعاملة بل هو الأساس، ولكن يجب علينا ان نعرف تماما أن من كمال هذا الدين أن فيه الشدة و الغلظة على المعتدين فعلى سبيل المثال الذي قاله الكاتب بشأن فتح مكة أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أيضا قد سمى رجالا بأسمائهم بأن يقتلوا و لو وجدوهم معلقين باستار الكعبة، والأمثلة في ذلك كثيرة بل الله أمر رسوله الكريم بأن يجاهد الكفار والمنافقين بل وان يغلظ عليهم
    قال تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار و المنافقين واغلظ عليهم وماواهم جهنم و بئس المصير ) وهذا لا ينافي قول ربنا جل وعلا ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ). وهذا يدل على ان الاسلام هو الدين الخالد لأنه دين كمال. فالمعتدي ليس كالمسالم .وهو دين وسط.
    نقطة أخيرة اخير بخصوص أن الدين لم ينتشر بالسيف فنقول في ذلك بأن ذروة سنام الإسلام هو الجهاد وقد ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه قال جاء في الأثر عن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال وجُعِل رزقي تحتَ ظلِّ رمحي وجُعِل الذلُّ والصغارُ على مَن خالف أمري. فإن الله أمرنا بأن نبلغ دعوته وذلك يكون بالسيف (الفتوحات الإسلامية ) وأما دخول الناس للإسلام فهي ليست بالاجبار وهنا يأتي الدور المهم للمعاملة الحسنة ، وذلك عندما يعامل (المسلم)المنتصر ( الكافر) المهزوم المعاملة الحسنة فتضح جليا سماحة هذا الدين.
    ونسأل الله يعلي كلمة الحق والدين وان يرينا الحق حقا وان يرزقنا اتباعه و ان يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى