مقالات

قراءة في حوار السفاح بشار مع وكالة سبوتنيك الروسية

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

منذ انفجار الشعب السوري في وجه الطاغية بشار، لم يعد يعبأ المجتمع الدولي بوجوده وأدار له ظهره باستثناء بعض الدول المارقة، والتي على شاكلته، بالقمع والطغيان، وهما روسيا وإيران، وقد أحجمت معظم القنوات التلفزيونية، والوكالات العالمية من التعاطي مع هذا الكائن باستثناء مشغليه، وأسياده الروس، لذلك نجد أن معظم المقابلات التي أجريت معه إما لوكالة، أو قناة تلفزيونية، أو لصحيفة، وكلهم ينتمون إلى روسيا.

بالأمس أجرت وكالة روسيا سبوتنيك حوارًا مطولًا مع بشار، وكانت معظم أجوبته كعادته اجترار للمقابلات السابقة، وقد استغرق الحوار أربعة وثلاثين سؤالًا.

نحاول أن نسلط الضوء على بعض الأجوبة:

سعى هذا (الرئيس) إلى تشويه صورة شعبه –مجازًا – فقد وصمه بالإرهاب، وبالمرتزقة، وما إلى ذلك من ألفاظ الهجاء والقدح والذم.

في رده على سؤال أي لحظات البطولة التي حققها الروس والتي تعتبرونها جديرة بأن تروونها لأحفادكم:

ذكر أن البطولة التي أعجبته حتى الثمالة هو إسقاط الطيارين الروس حمم قنابلهم وأحقادهم على الشعب السوري (الإرهابي).

وفي جوابه على سؤال الحرب الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا، وتدخل تركيا لصالح أذربيجان أجاب: أردوغان دعم الإرهابيين في سوريا، وفي ليبيا، وأشعل الحرب في إقليم ناغورني كارباخ.

وهذا الجواب ينم عن سذاجة وجهل مطبق يريد أن يدلسه على الناس، فكل الذين تدعمهم تركيا هم معترف بهم من المجتمع الدولي، والقوانين الشرعية، فقد دعمت حكومة السراج المعترف بها دوليًا، ودعمت أذربيجان المعترف بأحقيتها في ناغورني كاراباخ، ودعمت الشعب السوري الذي مازال يُحكم بالحديد والنار، بعد أن نُزعت الشرعية عن ما يسمى بالرئيس من قبل معظم دول العالم

( أوربا وأمريكا والجامعة العربية…)، ومن ثم يقول عن أردوغان وتركيا  إن سلوكها سلوك إخواني، والإخوان المسلمون منظمة إرهابية متطرفة.

والواقع أن عقدة الإخوان المسلمين هي لازمة في جميع حواراته لا يمكن أن تفارقه لحظة واحدة، ويمكن تحليل ذلك بأنه مرض نفسي ورثه عن أبيه، لأن أباه قد قام بمجزرة في الثمانينيات ضد الإخوان راح ضحيتها ما يزيد على أربعين ألف شخص بين طفل وامرأة وشيخ وشاب، وثمة أسباب أُشبعت تحليلاً من قبل كثير من الباحثين، والمراقبين  وعلى رأسها أسباب تتعلق بالأحقاد الطائفية، وكل المنصفين بالعالم يعلمون أن الإخوان المسلمين حزب مسالم يؤمن بالانتخابات، وقد وصل الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي إلى سدة الحكم في مصر ليس بالتوريث  والانقلابات كبشار، ومعظم الحكام العرب، وإنما بالصناديق والاقتراع، والحديث يطول في ذلك.

وفي جواب على سؤال، هل بعض السوريين ذهبوا إلى أذربيجان كمرتزقة للحرب هناك، يجيب بكل صفاقة كعادته أن الأمر حتمي، وأنهم فعلًا ذهبوا، وقد ذكر في مقابلات سابقة أن السوريين الذين ذهبوا إلى ألمانيا، وأوربا يجب على تلك الدول أن تراقبهم وتعتقلهم لأنهم إرهابيون.

هل يوجد رئيس في العالم يقول عن الشعب الذي يحكمه أنه إرهابي ومرتزقة ويحاول ملاحقته والتشفي منه حتى بعد أن طرده من وطنه…إلى أي فصيل ينتمي هذا الشيطان؟!

وفي سؤاله عن الترشح للانتخابات الرئاسية عام/2021/ أجاب أنه لم يتخذ قرارًا بعد!

يا له من رجل ديمقراطي، سيشاور نفسه إن كان يستطيع خدمة الشعب، ومواصلة تحقيق الازدهار والرخاء  الذي غمره فيه منذ عقدين من الزمن، أم لا، ثم يقرر، وأعتقد أنه لن يترشح لأنه زاهد في السلطة!

وفي سؤاله عن محادثات جنيف، أجاب: إن مفاوضات جنيف هي عبارة عن لعبة سياسية، وأن الدستور قد عدل وغير عام /2012/ ولم يعد حاجة لتغييره، وهذا قمة الاستهزاء، والسخرية بالمعارضين الذين يفاوضونه، ولو كان عندهم ذرة من الحس والشعور والمسؤولية الوطنية؛ لرفضوا جميعًا تلك المفاوضات العبثية، الذي يعترف بشار نفسه بأنها من أجل التسلية واللعب.

وفي جوابه عن  سؤال عن الخوذ البيضاء، تلك المنظمة الإنسانية المستقلة، والمسالمة، والتي ساهمت في  إنقاذ آلاف الأرواح من السوريين، ونالت الجوائز الرفيعة، أجاب أنهم مجرمون، نعم مجرمون؛ لأنهم لم يقفوا معه ويقتلوا الشعب السوري، وإنما أنقذوه، وكل من لا يقتل ويذبح، فهو مجرم في نظر بشار، وفي جوابه عن احتمالية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أجاب بأنه ممكن إن أعادت الأراضي السورية، ولم يتطرق كعادته إلى المتاجرة بالقضية الفلسطينية، يبدو أن هذه المتاجرة قد فقدت صلاحيتها، وأنه شعر أن لفظ المقاومة والممانعة قد أصبح مالحًا ومبتذلًا في فمه،  فمنحه إجازة إلى حين.

وفي سؤاله عن وجود القوات الإيرانية في سورية، نفى وجودهم وقال لا يوجد سوى خبراء عسكريين. والسؤال  المطروح ماذا كان يصنع الجنرال النافق قاسم سليماني في حلب قائد فيلق القدس!..

وعلى الرغم من أن هذا المخلوق لا يستحق أن نولي له أي أهمية، أو نفرد له مقالًا، إلا أن الواقع المأساوي يدفعنا لذلك رغمًا عنا، فهو مازال يحكم الشعب السوري، ومازالت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي  يعترف بشرعيته رغم كل المجازر، والجرائم التي اقترفتها يداه فأي عار يمكن أن يلحق بهذا المجتمع المريض؟! .

يقول الفيلسوف الكندي الشهير آلان دونو في كتابه ” الميديو قراطية” أو سلطة التفاهة أو حكم الرويبضة:

“التافهون (الميديوقراط) يتكالبون على السلطة كما يتهافت الذباب على الجيف.

ويعلمون كونهم في عداد المهملين دون هذه المساحة ،أو تلك، لذلك هم عدة كائنات لزجة، سمجة، متمحكة تتعلق بأية أهداب للحكم، ولو كانت بسيطة، ويمارسون إفراطًا في العنف كأنه شيء طبيعي كجزء من وجودهم السياسي، بل لا يستطيعون انفصالًا عن حالات التشنج السلطوي باسم وبدون اسم”.                     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى