ثقافة وأدب

الذُّيـول

إسماعيل الحمد

شاعر وأديب سوري
عرض مقالات الكاتب

( أتُراهــا تُحبِّني ميسونُ )

أمْ فُؤَادِي بِحُبِّها المفْتُونُ

هِيَ في الشِّعْرِ زِينَةٌ للقَوَافِي

ونَسِيبٌ وخاطِرٌ مَوْزُونُ

وهْيَ ليلَى في دلِّها وصِبَاهَا

وأنَا في غَرامِها المجْنُونُ

أنبتتْهَا الحياةُ عِشْقاً بقلبي

فَبكَتْها في النَّازلاتِ شُؤُونُ

ياعرُوسَ الوُجودِ تَذْوي فَناءً

شبَحُ المَوْتِ عِنْدها مرْهُونُ

عِزَّةُ الحُرِّ أوْجَعَتْها فأمْسَى

في جَحِيمٍ فُؤادُها المَشْحُونُ

كمْ ترامَتْ على ثَرَاها الضَحايا

وكأنَّ الحِمَامَ فِيها سَجينُ

كم هَوَى الدَّوْحُ نازِفًا فِي إباءٍ

وتَداعَتْ علَى الغُصُونِ الغُصُونُ

وكمِيٍّ أرْدَاهُ رَغمًا أخُوهُ

وشهيدٍ برُمْحِه مَطعُونُ

وحَصَانٍ مشغُوفةٍ في حِجابٍ

سَاقَها للعَفافِ شرْعٌ ودِينُ

وجُمُوعٍ قدْ غَصَّ فيها عَرَاءٌ

ضَاقَ عَنْها في ظِلِّهِ الزَّيتُونُ

يا يَدَ الشَّامِ للعِرَاقِ أبلَّتْ

فاستَقاهَا الرَّشيدُ والمَأْمُونُ

حَضَنتْهُ أُخُوَّةً إذْ تَهَاوَى

وتساوَى بِالحَاضِنِ المَحْضُونُ

وسَبَتْهُ الغِرْبانُ جَنْيًا ويَوْمًا

طابَ جَنيًا ما يَحْمِلُ العرجُونُ

أينَ ذاكَ العراقُ يلْثِمُ مِنْها

وجعَ الأخْتِ قطَّعتْها المَنُونُ

ما عَلمْنا الجُحُودَ للنَّخْلِ طبْعًا

كيفَ يشْكُو نكرانَهُ الياسمينُ

أرْسَلَتْ للرَّشيدِ مِنْ خُصلتَيْها

ما يُثيرُ الإرْثَ الذي لا يَدِينُ

نُثِرتْ فوقَ قبْرهِ باكياتٍ

فاستُثيرَتْ على الضَّرِيحِ الشُّجونُ

لم يكُنْ في العراقِ ثَمَّ رشيدٌ

بلْ صنيعٌ وخادمٌ مأفونُ

وجَّهَتْهُ المَجُوسُ وفْقَ هَواهَا

فسَرَى فِيهِ حقْدُها المَدْفونُ

نصَّبَتْ فارسٌ عليهَا ذيولاً

ولِصهْيَونَ سيفُها المَسنونُ

حين هزَّتْ مِنَ الجنُوبِ ذُوَيْلاً

راحَ يُرغِي ويُزبِدُ المسكينُ

نسيَ الجُرذُ نفسَهُ فتَمادَى

مُستَغِلاًّ أنْ حُوصِرَ التّنينُ

ورعَتْ في الشآم ذَيْلاً هزيلاً

ماءَ فيها إذْ ضاقَ فِـيه العَرِينُ

باعَ مِنْهَا الجَولانَ يومَ سَباهَا

وتولَّى مصَيرَها الملعونُ

كمْ بكَتْ مِنْهُ للطُّفُولةِ عَيْنٌ

وبكَتْ منْهُ لِلنِّساءِ عُيُونُ

انهَضِي يا شآمُ لا تستكيني

حوْلَ تاريخِك المجيدِ حُصُونُ

زَخَمُ الموجِ أنتِ يا شامُ لمَّا

عَبَثَتْ فيهِ فِي الدَّياجي سفينُ

أرْسلِيهَا في الخافقَيْنِ سُيوفًا

شاقَها من رُبوعِ بدْرٍ حَنينُ

ذكِّرِينَا في القادسيةِ سعْدًا

وصلاحًا تَزْهُو به حِطِّينُ

واشمَخِي ، حَولَكِ الرِّماحُ غِضَابًا

قَـوِّمِيهَا ليَوْمِهَا يَا رُدَيْنُ

قَدِّمِينا إنَّا قرابينُ مجْدٍ

تحْتَ صَوْلاتِنا تَوَارَى الضَّغُونُ

وارْفعِي الرَّأْسَ وازْدهِي فِي إباءٍ

مِثْلْمَا صَانَ عِزَّهُ العِرنينُ

قدْ يَلِينُ الحدِيدُ للنارِ رغْمًا

وظُبَى الشَّامِ حَدُّهَا لا يلِينُ

ويَهُونُ الفَناءُ فِينَا ولكِنْ

وجَعُ الشَّامِ عِنْدَنا لا يَهُونُ

ويزولُ الوُجودُ ذاكَ احتمالٌ

وخلودُ الشآمِ ذاك اليقينُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى