اقتصاد

موقع موالٍ: أجر العامل في 2010 كان على حدّ الجوع والأجر اليوم يجب ألّا يقل عن 490 ألف ليرة!

فراس العبيد – رسالة بوست

أظهرت الإحصاءات والبيانات الاقتصادية الرسمية الموالية أن الأجر المطلوب في مناطق النظام اليوم، يفترض أن تكون معادلةً للقوة الشرائية في عام 2010، وبمعنى أن يبلغ الحد الأدنى 310 ألف ليرة سورية.
وبحسب تلك البيانات فإن هدف حكومة اﻷسد العودة للخلف، والتوقف عند العام 2010، مع تمرير مقولة “كنا عايشين”.
وحتى نكون “موضوعيين” كالعادة، نستخدم مقولة “من فمك أدينك”، ونورد تقريرًا لصحيفة “قاسيون” الموالية، التي تشرح حال تلك السنة بالتحديد، وكيف تصفها، ردًا على مقولة “أين كنا وأين أصبحنا!” وردًا على جماعة “كنّا عايشين”.
 وتقول صحيفة “قاسيون” في تقريرٍ نشرته مؤخرًا؛ “إننا كنا عند حد الكفاف، أما اليوم فقط سقطنا في أعماق الفقر. وهذا بالطبع حال معظم السوريين، وتحديدا الشغيلة العاملين بأجر الذين كانت ولا زالت منظومة توزيع الثروة والدخل في سورية تعطيهم أجرًا لا يكفي للاستمرار!”.
ويضيف التقرير؛ “ما هي القدرة الشرائية الفعلية للأجر السوري الوسطي في عام 2010؟”. وتتابع الصحيفة؛ “سنعتمد سلة الغذاء والمشروبات الأساسية كمقياس لهذه القدرة الشرائية”.
القدرة الشرائية للأجر في عام 2010
بلغت الأجور الوسطية في سورية 11300 ليرة سورية تقريبًا، وكان هذا الأجر يعيل 4 أشخاص، أي يجب أن يُنفق على حاجات أربعة أشخاص (بناء على ما يسمى معدل الإعالة الاقتصادية).
وهذا الأجر كان وسطيًا يستخدم (للأكل والشرب)، ولا يكفي لأكثر من ذلك، فأرقام مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2009- 2010، أشارت إلى أن الأسرة السورية المكونة وسطيًا من خمسة أشخاص كانت تنفق 14 ألف ليرة على الغذاء شهريا، وهو مؤشر على تكلفة سلة الغذاء والمشروبات الأساسية.
ما يعني، أن حاجة الغذاء لأربعة أشخاص يعيلهم صاحب الأجر، كانت تبلغ: 11500 ليرة تقريبًا في عام 2010. وكان الأجر قادرًا على تغطية هذه الحاجات ولكن ليس بشكل تام.
ويضيف التقرير؛ “في عام 2010 كان صاحب الأجر يضع راتبه في المنزل لتصرفه الأسرة على غذائها، بينما يسعى مع أفرادها الآخرين لتغطية باقي النفقات: آجار البيت أو قسطه، التدفئة، اللباس، التعليم، الصحة، النقل، الاتصالات وغيرها. هذه الحاجات التي تعتبر تصنيفات تكاليف المعيشة الإجمالية والتي كانت تتطلب من الأسرة أكثر من 30 ألف ليرة، ولأربعة أشخاص 25 ألف ليرة تقريبًا. وهو ما أشار إليه مسح دخل ونفقات الأسرة عندما صرّح بأن الراتب يشكل وسطيًا 51% من دخل الأسرة، بينما النسب الباقية تتوزع على (المكافآت، الهدايا النقدية والعينية، المساعدات وغيرها…).
القوة الشرائية لأجر 2020!
ويتابع التقرير في المقارنة ويقول؛ “إن وسطي الأجر في سورية (مناطق النظام) اليوم يقارب 60 ألف ليرة، ولكن هذا الأجر لم يعد يعيل أربعة أشخاص، نتيجة ارتفاع معدل البطالة، وزيادة العبء على المشتغلين”.
ونوه التقرير إلى أنه؛ (تمّ حساب معدل الإعالة الاقتصادية بـ خمسة أفراد، بناء على افتراض أن عدد السكان داخل البلاد 19 مليون شخص تقريبًا، وأن عدد المشتغلين يقارب 3,7 مليون شخص وفق المجموعة الإحصائية لعام 2019).
ووفقًا للتقرير فإنه؛ إذا ما كان الأجر في عام 2010 قادرًا على تغطية حاجات الغذاء لـ 4 أشخاص يعتمدون على أجر واحد، فإن الـ 60 ألف ليرة تستطيع أن تغطي تكاليف غذاء الحد الأدنى لشخص واحد فقط!
وبأخذ سلة الغذاء المعتمدة من مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات لنقابات العمال في عام 1987 باعتبارها سلة محسوبة بأن تغطي حاجات غذائية أساسية من 8 مكونات فقط، وبمجموع 2400 حُريرة يوميًا؛ فإن تكلفة هذه السلة للفرد في منتصف حزيران 2020 وصلت إلى 1970 ليرة يوميا، و59 ألف ليرة شهريا. أما للأسرة فقد وصلت إلى 295 ألف ليرة.
ويصل التقرير إلى نتيجة تقول؛ “إن الأجر الوسطي السوري اليوم يعني: أن لا أحد قادر على إعالة أحد… حتى الفرد العامل لا يستطيع بهذا الأجر أن يؤمن الغذاء الكافي لنفسه!”.
وتلك حقيقة يدركها بسطاء الناس، دون الحاجة حتى إلى تلك السردية الطويلة، وإن من صدر نظرية “كنا عايشين” هو ذاته اليوم الذي يحاصر الناس بأزماتهم عبر إبراز آلامهم علنًا ليقول؛ “الحرب هي السبب” ويكتفي دون اﻹشارة لمن أطلق أول رصاصة على المدنيين العزل.
ويضيف التقرير؛ “ولكي يعود الأجر السوري إلى مستوى القدرة الشرائية لعام 2010، عليه أن يكون قادراً على تغطية غذاء 5 أشخاص، يجب أن يعيلهم الأجر، أي أن يبلغ بالحد الأدنى 295 ألف ليرة. وذلك لنعود إلى حد الجوع كما كنا في 2010”.
الأجر الإنساني في 2010 واليوم
ويستطرد التقرير قائلا؛ “كي يكون الأجر (إنسانيًا) ينبغي أن يغطي الحاجات الأساسية للعامل، ولمن يعيلهم… وبهذه الحالة يسمح باستمرار أسر الطبقة العاملة، ولكنه لا يسمح بتطورها وتنميتها وانتقالها لوضع أفضل بكل المقاييس التنموية والحضارية”.
ويقول التقرير؛ “وفق هذا المقياس، فإن الأجر في عام 2010 كان من المفترض أن يستطيع تغطية الإنفاق الوسطي لأربعة أشخاص، أي حوالي 25 ألف ليرة، أي كان ينبغي زيادة الأجور بنسبة 120% لتسمح للأسرة السورية العاملة بعيش كريم وتستطيع أن تغطي أساسياتها.
أما اليوم! فإن تغطية الأساسيات تحتاج إلى مضاعفة الأجور أكثر من ثماني مرات. فإذا ما اعتبرنا أن الغذاء أصبح يشكل نسبة 60% بالحد الأدنى من مجمل إنفاق الأسر، فإن العامل الذي يجب أن يعيل أسرة من خمسة أشخاص، أصبح يحتاج أجرًًا شهريًا: 490 ألف ليرة سورية، ليؤمن الغذاء بحدوده الدنيا، ويتبقى 40% من أجره لتغطية كامل الحاجات الأخرى”.
وينوه التقرير أن هذه الحسبة مأخوذة بالمستويات التقشفية للظروف السورية الحالية، فسلة الغذاء إذا ما تم توسيعها إلى حاجات المشروبات ومكونات أخرى إضافية، فإنها تصل إلى 330 ألف ليرة، ليكون الأجر الضروري لتغطية تكاليف المعيشة يصل إلى 600 ألف ليرة. 
المسألة سياسية- اقتصادية
ويصل التقرير الموالي، إلى نقطة التبرير، حيث يقول؛ “من الصعب أن تتم زيادة الأجور دفعة واحدة لتصل إلى 490 ألف، وهذه الصعوبة ناجمة عن معطيات وواقع اقتصادي و عقوبات دولية”.
ويكمل؛ “اقتصادياً، تحتاج زيادة من هذا النوع أن يحصل 2,4 مليون من العاملين بأجر على 14 تريليون (ألف مليار) ليرة سورية سنوياً!
وهو رقم يبلغ 1,5 ضعف الناتج المحلي الإجمالي المسجّل رسمياً في عام 2018: 9,2 تريليون ليرة. أي أن الوصول إلى تأمين هذه الكتلة من الأجور يتطلب مضاعفة الناتج مرة ونصف وتوزيعه بالكامل على العاملين بأجر…
وهو ما يمكن القول عنه: إنه غير منطقي اقتصادياً، فمضاعفة الناتج بهذه السرعة تحتاج إلى معدلات تراكم استثماري كبيرة ودفعة موارد هامة، يجب ألّا تقل عن نسبة 30% من الناتج، كما أنه من غير المنطقي أن يوزع الناتج على العاملين بأجر فقط، في بلاد تشكل شريحة من يعملون لحسابهم نسبة تقارب 30% من السكان، عدا عن أصحاب الأعمال”.
ويضيف التقرير؛ “ولكن الأمر لا يصطلح ضمن قاعدة (كل شيء أو لا شيء)، فالعاملون بأجر كانوا يحصلون في عام 2018 على نسبة لا تتعدى 15% من الناتج، في توزيعه الأولي، وهي نسبة قليلة بشكل استثنائي”.
ويختم بالنتيجة التي يريد تمريرها؛ “وضع الأجور السوري حاد بشكل استثنائي، وهذا بالطبع يرتبط بالظرف السوري: الحرب والعقوبات على التوازي مع حجم قوى النهب والفساد وفرضها لاستمرار السياسات الليبرالية، وعدم القدرة على القيام بأدنى إجراء فعّال شعبيًا”.
وللإنصاف التقرير أشار إلى الحال السوري في مناطق سيطر عليها فكر “آل اﻷسد” الذي يشبه “الشللية”، والتي أودت باﻻقتصاد السوري، لكنه في المحصلة، برر بالعقوبات وغيرها، دون اﻹشارة إلى رأس الفساد، “آل اﻷسد وزبانيتهم”.
لكن ماذا عن جماعة “كنا عايشين” وماذا يملكون للرد على تلك الحقائق، اﻹجابة لديهم وحدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى