“ذكريات وخواطر” للدكتور الجراح حسان نجار

وجهت حكومة ألمانيا دعوات للعديد من الشخصيات الألمانية، والعربية، والسورية؛ لتكريم الدكتور الجراح حسان نجار في يوم ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠ لتميزه بالعمل الإنساني، والطبي منذ أن ساهم في تأسيس اتحاد الأطباء العرب في أوروبا، وقد وصلني دعوة رسمية لحضور حفلة التكريم، فشكراً للحكومة الألمانية التي تقدر قيمة الإنسان ، بينما الحكومات العربية غارقة في مراقبة هذا الإنسان حتى لاينطق بكلمة نقد واحدة تهز كرسيه المغتصب ، فلم يبخل د. حسان من وقته، وماله، وجهده إلا بذله في تقديم مساعدات إنسانية، وطبية لأفغانستان أثناء الاحتلال السوفييتي لها ، وداعماً الإخوة الفلسطينيين، وشعب البوسنة الذي تعرض لإجرام الصرب، وأخيرًا أغلق عيادته في ألمانيا، وافتتح مركز العيادات التخصصية في الريحانية وإنطاكية من أجل مساعدة الشعب السوري المنتزع من أرضه، فقام بجهد مشكور مع طاقم إداري، وطبي متميز كان غايتهم جميعاً إنقاذ الإنسان السوري مما وقع عليه من جرائم ممنهجة من أقذر نظام عرفه التاريخ، و رغم قلة الدعم المالي للعيادات إلا أنه كيّف نفسه بقدر ما يصله من دعم، وبسبب وضعه الصحي عاد إلى ألمانيا، وهو يتردد باستمرار على تركيا لتقديم المشورة الطبية لمن يحتاجها.
من الجزء الثاني من مذكراته اقتبست لكم مايلي :
بعد اعتقالي أدخلت غرفة التحقيق، وأنا معصوب العينين ، وعليّ أن أكون مستمعًا فقط ، ولا أتفوه بأية كلمة مهما كلف الأمر ، وبدأ الحوار بين ضابط المخابرات، وشخص ما ، لكني عرفت من حيثيات الأسئلة، والأجوبة أنه الدكتور مصطفى عبود ، حيث حذروه أيضًا من الكلام، وماعليه إلا أن يجيب بنعم، و إلا… :
هل تعرف الدكتور حسان نجار ؟
نعم
هل كان رئيس منظمة تدعم المسلحين ؟
نعم
هل كان يجمع تبرعات ويرسلها للإرهابيين ؟
نعم
إذن كانت له علاقة مباشرة مع الإرهابيين ؟
نعم
هل كان يعالج المجرمين الإرهابيين في المشفى مباشرة ؟
نعم
كانت كلمة نعم تصلني خافتة ومرتجفة، ورائحة البول تخرج أثناء تلفظه مع تنفسه مما يدل على إصابته بقصور كلوي حاد
ياإلهي ، أهذا أنا الإرهابي حسان نجار ؟
ولماذا لم أعلم بذلك ؟
(إذن يراد إلصاق التهمة، ولن أخرج بعدها إلى النور ).
ويكمل الأستاذ حسن عبد الحميد خضر، وهو صديق قديم للدكتور حسان قراءته للمذكرات فيقول:
…ونام على بلاط السجن والمعتقلات أشهرًا ، وفي المعتقل توفي الدكتور مصطفى عبود اختصاصي الجراحة البولية، واستطاع الدكتور حسان أن يوصل خبر الوفاة إلى نقيب الأطباء الذي زار محافظ المدينة، وأعلمه بالوفاة ، لكنه أنكر الخبر قائلًا إن مصطفى عبود حي يرزق، وسيقدم إلى المحاكمة هذا اليوم ! وبالفعل صدر عليه الحكم بالموت بعد وفاته ، وشنق في السجن المدني في منطقة المسلمية قرب مدينة حلب، وهو متوفي رحمه الله ) .
في حزيران ١٩٨٠ قام رفعت أسد وأعطى أوامره لسرايا الدفاع، وحراس سجن تدمر أن يطلقوا سراح المعتقلين، وما إن خرجوا من السجن لاعتقادهم أنه قد أفرج عنهم حتى بادرتهم طائرات الهليوكبتر بإلقاء حممها عليهم فقتلت ٧٠٠ إلى ٨٠٠ معتقل خلال دقائق، ودفنوا كالعادة في مقبرة جماعية ) .
يكمل د. حسان : السماء غائمة ، والجلادون ينعمون بالهدوءة ، والساسة لا يحتاجون إلى اللجوء ، فالسجون مليئة بالعقلاء وكل من فيها سائر إلى الفناء…..