مقالات

مظاهرات /20/ سبتمبر أيلول المرتقبة

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

لم تنعم مصر منذ عشرات السنين بل مئات السنين بحاكم على قدر وزنها التاريخي والجغرافي والثقافي، فثمة شخصيتان نالت جائزة نوبل (نجيب محفوظ – أحمد زويل) فضلًا عن الكم الكبير من المثقفين الذين لهم الفضل في تثقيف العالم العربي بأسره، فمن منا لم ينهل من كتب العقاد، والحكيم، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، والزيات ومصطفى محمود، ومحمد الغزالي…والقائمة تطول؟!

لكن مع الأسف خرج معظم الحكام من المؤسسة العسكرية، وكان همهم الوحيد الهيمنة على السلطة والاحتفاظ بها إلى الأبد، وقد نهجوا سلوكًا همجيًا بربريًا في التعامل مع الشعب المصري، بنخبه وعوامه، ابتداء من جمال عبد الناصر، ومرورًا بالسادات، ومبارك إلى السيسي، وجعلوا من مصر ذات الكوادر البشرية المتميزة، وذات الخيرات المائية والنفطية ( الغاز) دولة متقزمة أمام الدول الكبرى، فلو قارنا مصر بأي دولة أوربية، أو تركيا مثلًا لوجدنا أن هناك بونًا شاسعًا في كل شيء.

وصل السيسي إلى سدة الحكم عن طريق انقلاب دموي على الشرعية، وهو يحكم منذ عام /2013/ بالحديد والنار، وقد تجاوز السيسي كل سلفه من العسكريين في إذلال الشعب وتحديه وإفقاره وتجهيله… وقد قام بخطابات وتصريحات لم يعهدها المصريون في حياتهم من قبل، بهذا  الترهل والابتذال الذي  لا ينبغي أن يصدر عن رئيس دولة، بل يصدر عن فنان مهرج، وكلما رأى الشعب يصبر على سفاهته كلما أمعن وأوغل في إذلاله، ونهبه وانتهاك حقوقه، فقد كانت آخر مآسيه هدم المساجد، وهدم البيوت بحجة أنها مخالفة للقانون، مما أثار حفيظة الشعب، وجعله يفقد أعصابه، وينفد صبره على الرغم من آلة القمع المسلطة على رقابه.

في /20/ سبتمبر أيلول العام الفائت دعا المقاول الفنان محمد علي إلى مظاهرات للإطاحة بالسيسي، وقد استجاب الشعب لندائه لكنه لم يحسن إتقان الحراك وإنما كانت الخطط واهية مما أدى إلى اعتقال الآلاف من الشعب.

وبعد مرور عام على تلك المظاهرات عاد محمد علي للدعوة إلى مظاهرات جديدة تنهي عهد أكبر ظالم وديكتاتوري في تاريخ مصر، وكانت ردة فعل الشعب عبر التواصل الاجتماعي  – برلمان الشعب المصري الحقيقي – أنه ضاق ذرعًا بممارسات النظام، ولم يعد يحتمل تلك الآلام؛ لذلك قرر النزول إلى الساحات مهما كلفه ذلك من ثمن باهظ – لأن الحرية لا تعطى وإنما تنتزع انتزاعًا – ولكن على الشعب المصري وكل الشعوب العربية التي ترزح تحت الطغاة، أن تكون مظاهراتهم عارمة ومتواصلة ليل نهار، وإلا ستكون العواقب وخيمة، فإذا قاموا بمظاهرة – على غرار الدول الديمقراطية – وعادوا إلى بيوتهم، فإنهم حفروا قبورهم بأيديهم، فإما يمتلكون الساحات ويقيمون فيها حتى سقوط السفاح، وإما ألا يخرجوا مطلقًا، هكذا هو التعامل مع أي ديكتاتور.

ويلاحظ أن المناخ السياسي الآن مناسب للخروج؛ وإذا ما تلكأ الناس وخشوا من بطش السيسي فإنه سيفعل  بمصر ما فعل نيرون بروما بحرقها على أنغام موسيقى يحبها، فقد فرط(السيسي) بالأرض (تيران وصنافير) وفرط بالمياه ( سد إثيوبيا) وهدم المساجد والبيوت، وعُرض له فيديو مؤخرًا على نطاق واسع ،يطلب من المصريين أن يهاجروا إلى بلدان أخرى – على خطى بشار أسد – يريد أن يجعل من مصر شعبًا متجانسًا، من العسكر، والمطبلين، والمزمرين، والفاسقين والفاسدين، ويطرد بقية السكان.

كل هذه الأسباب تجعل من الحكمة أن ينتفض الشعب ويهيمن على الساحات بالطرق السلمية ويبقى متشبثًا في الشوارع حتى يسقط السيسي، ويسلم الدولة لمن هو أهل ولمن يخرج من الصناديق، فالرئيس يجب أن يكون خادمًا للشعب، وليس الشعب خادمًا للرئيس كما هو حال السيسي.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى