مقالات

لا يوجد مسلم شيعي ولا مسلم سني، وإنما مسلم وبس، أو لا مسلم (ج1)

د. موفق السباعي

كاتب ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

ابتداءً نقول: إن دين الإسلام هو دين عالمي، جاء به كل الرسل طراً – من لدن نوح إلى خاتم الرسل محمد صلوات الله عليهم وسلامه جميعاً – إلى العالمين جميعاً، وإن كان كل رسول قبل خاتم الرسل، كان يأتي بشريعة مختلفة عن الآخر، لكي تناسب طبائع ذلك الجيل، وتتلاءم مع ذلك القوم بالذات، ولهذا امتن عيسى بن مريم عليه السلام، على بني إسرائيل، بأنه جاء ليحل لهم بعض الذي حُرم عليهم (وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ){1}.

وقد قرر الله عز وجل، وقدر بشكل حاسم، وبات، وبشكل قاطع لكل الألسنة، التي زعمت، وستزعم أنها هي المفضلة عند الله، أو دينها هو المقبول عند الله فقال: (وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ){2}.

وكذلك قرر أبناء يعقوب، حينما سألهم حين احتضاره، ماذا سيعبدون من بعده، فأجابوا كلهم (إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ){3}.

والصحابة رضوان الله عليهم، حينما بدأوا يدخلون في دين الإسلام، ما كان يُطلق على الواحد منهم، مسلماً سنياً، ولا مسلماً شيعياً، وإنما مسلماً فقط، كما كان إبراهيم عليه السلام حينما وصفه ربه (مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ){4}.

لم يكن أبو بكر أو عمر أو عثمان مسلماً سنياً، ولا كان علي مسلماً شيعياً! إنهم جميعاً كانوا مسلمين فقط، دون أي إضافة أو نعت، أو تصنيف لنوعية إسلامهم!

جيل الصحابة الفريد والمتميز

إذن لم يكن في جيل الصحابة – وهو أعظم جيل مر في تاريخ البشرية طراً – مسلماً سنياً ولا مسلماً شيعياً. فقد كان جيلاً فذاً متميزاً، فريداً في نشأته، فريداً في أخلاقه وسلوكه ومعاملاته، فريداً في تربيته لأنه رباه معلم البشرية، ونبي الإنسانية، ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم، على طريقة مستقيمة، متميزة، لم تتوفر لجيل آخر من بعدهم، ولا من قبلهم، بسبب أنه لم يأت نبي آخر يماثل ويشابه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يُنشئ جيلاً مماثلاً!

(لقد خرجت هذه الدعوة جيلاً من الناس – جيل الصحابة رضوان الله عليهم – جيلاً مميزاً في تاريخ الإسلام كله وفي تاريخ البشرية جميعاً){5}.

من أين جاءت أسطورة وخرافة الشيعة؟!

إنها جاءت عقب قدوم شخص من يهود صنعاء باليمن، إلى المدينة، وإعلانه الدخول في الإسلام ظاهرياً، وتسمية نفسه باسم عبد الله بن سبأ، الذي لقب فيما بعد (بابن السوداء)، وباطنياً كان يمكر في قلبه الحقد والبغض لهذا الدين، وهو الذي حرض على قتل عثمان رضي الله، وأشاع بين عامة المسلمين، والبسطاء منهم، وخاصة الذين دخلوا في الإسلام حديثاً، أن علي رضي الله عنه، هو أولى بالخلافة من أبي بكر ومن عمر ومن عثمان رضوان الله عليهم جميعاً، وادعى بألوهية علي، فحكم عليه علي بالإعدام حرقاً، مما زاد من سفاهته وفجوره واستكباره، فجعل حرقه بالنار دليلاً على ألوهية علي، لأنه – حسب زعمه – لا يحرق بالنار إلا الله!

(و كان رأس هذه العناصر المناوئة: عبد الله بن سبأ، الملقب بابن السوداء، و كان من يهود اليمن، وفد إلى الحجاز، وانتحل الإسلام لأغراض كان يسترها، كشفت عنها دعوته المارقة، (اختزن خياله مرارة الإجلاء اليهودي من الجزيرة العربية، فقدم إلى المدينة بكل توتره و حقده، وأسلم ظاهريا وهو يصر على إغراق هذا المجتمع الناشئ في بحور من الفتنة و الشك){6}.

(عن أبي جعفر: أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة، ويزعم أن أمير المؤمنين هو الله -تعالى عن ذلك- فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو، وقد كان قد ألقى في روعي أنت الله، وأني نبي. فقال أمير المؤمنين: ويلك قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى. فحبسه، واستتابه ثلاثة أيام، فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: “إن الشيطان استهواه، فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك”.{7}.

(وعن أبي عبد الله أنه قال: “لعن الله عبد الله بن سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين، وكان والله أمير المؤمنين عبداً لله طائعاً، الويل لمن كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم”{8}، وهناك روايات أخرى.{7}.

الشيعة فرقة مارقة

إذن الشيعة، فرقة مارقة، خرجت من رحم الإسلام، ولكنها ضلت، وانحرفت، وشذت، وكفرت بالإسلام، وأعلنت الحرب الشعواء عليه، وعلى أهله ظاهراً وباطناً، لأنها بالأساس فرقة يهودية، وهذا باعتراف رئيس وزراء العدو الصهيوني نتن ياهو.{9}.

أو هي بالأصح فرقة دخيلة على الإسلام تشكلت من الفرس واليهود لتطعن بالإسلام وتدمره وتشوهه وتقضي على أهله وهذا لا ينكر وجود أفراد من العرب بالذات دخلوا هذه الفرقة المنحرفة بطريق الخداع والتضليل وهم بسطاء وسذج يرددون أقوال أئمتها دون أن يدروا أو يعرفوا ماذا يرددون! 

وبناءً على هذا الحديث المروي عن علي رضي الله عنه (كنَّا جُلوسًا عندَ عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه، فأتاهُ أُسْقفُ نَجْرانَ، فأوسَعَ له، فقال له رجُلٌ: تُوسِّعُ لهذا النَّصرانيِّ يا أميرَ المُؤمنينَ؟! فقال عليٌّ: إنَّهم كانوا إذا أتَوا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوسَعَ لهم، فسألَهُ رجُلٌ: على كمِ افترقَتِ النَّصرانيَّةُ يا أُسْقفُ؟ فقال: افترَقَتْ على فِرَقٍ كثيرةٍ لا أُحصِيها، قال عليٌّ: أنا أعلَمُ على كمِ افْتَرقَتِ النَّصرانيَّةُ مِن هذا وإنْ كان نَصرانيًّا؛ افترقَتِ النَّصرانيَّةُ على إحدى وسَبعينَ فِرقةً، وافترقَتِ اليهوديَّةُ على ثِنْتينِ وسَبعينَ فِرْقةً، والَّذي نَفْسي بِيَدِه: لَتفترِقَنَّ الحنيفيَّةُ على ثلاثٍ وسبْعينَ فِرقةً، فتكونُ ثِنْتانِ وسبعونَ في النَّارِ، وفِرقةٌ في الجنَّةِ).{10}.

ومن قول علي في خطبته قبل التوجه إلى موقعة الجمل: ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، أشرها فرقة تحبني ولا تعمل بعملي.{11}.

وهذا اعتراف، وإقرار صريح وواضح من علي رضي الله عنه، بأن شيعته هي أسوأ، وأشر، وألعن الفرق الخارجة من الإسلام.

قول السفهاء من الناس

وسيقول السفهاء من الناس، ومن الشيعة خاصة: إن هذا الكاتب مترع، ومشحون، ومشبع بالطائفية! وهذه التهمة ليست بجديدة، وإنما هي توجه لكل من أراد أن يعري الشيعة، ويهتك أستارها، ويكشف سوءاتها، ويظهر للملأ حقيقتها السوداء، البغيضة، الحاقدة، المبغضة للإسلام والمسلمين، وجرائمها الوحشية في حق المسلمين منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، وحتى هذه اللحظة.

افتخار الكاتب بأنه من الطائفة المنصورة

ومع ذلك، لا يضير الكاتب أن يُتهم بأنه طائفي، فهو يفتخر، ويتباهى بأنه من الطائفة المنصورة، الظاهرة على الحق، كما ورد في أحاديث سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عن عمر بن الخطاب إنَّ نبي َّاللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يقولُ لا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ منصورةٌ حتى يأتيَ أمرُ اللهِ ) ( لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي ظاهرةٌ على الحقِّ لا يضرُّهُم من خالفَهم ولا من خذلَهم حتَّى تقومَ السَّاعةُ .. المحدث ابن تيمية ){12}.

 فهو يجاهد في سبيل الله بالقلم، والقرطاس، واللسان، ويكشف زيغ المنافقين، والزنادقة المجرمين، الذين يلبسون ثوب الإسلام! ليضربوه، ويدمروه، ويبيدوا أهله، ويزعمون أنهم هم المسلمون! وغيرهم الكافرون!

ولكن الله غالب على أمره، فالنصر لنا، والعاقبة لنا، نحن المسلمين الموحدين، إن عاجلاً أو آجلاً (إِنَّهُمۡ يَرَوۡنَهُۥ بَعِيدٗا ﴿٦﴾ وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا ){13}.       

وسنذكر في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى، الصفات الرئيسية والأساسية، التي يجب أن يتصف بها المرء، حتى ينال شرف اسم مسلم فقط ، دون أي إضافة البتة.

ونحاور كلا ممن يزعم أنه شيعي أو سني! لنطلع بنتيجة يقينية، علمية، إيمانية، شرعية، بأن كل إضافة تضاف إلى اسم مسلم، هي إضافة باطلة، ساقطة، مستحدثة، مبتدعة، حسب الحديث الصحيح عن جابر بن عبد الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته ( إنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وأحسنَ الهديِ هديُ محمَّدٍ ، وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلُّ محدثةٍ بِدعةٌ ، وكُلُّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلُّ ضلالةٍ في النَّارِ ).{14}.

فهي بدعة سيئة وشريرة، تم إحداثها بعد عهد الصحابة، وليس لها أساس في منهج الله ونظامه، وشرعه، وكل ذلك بالأدلة اليقينية الشرعية، العلمية، والقرآنية، والسيرة النبوية.

وسيقول بعض المسلمين الطيبين، البسطاء، السذج، الذين لا يزالون يعيشون في الماضي، ولا يزالون ينهلون علمهم من الأوراق الصفراء، التي بليت، واهترأت: إن كبار العلماء مثل النووي وابن تيمية وابن حنبل وسواهم، قد استخدموا هذا المصطلح القميء ( أهل السنة والجماعة ) وقسموا المسلمين إلى سنة وشيعة!

نقول لهم: قد يكونون أحسنوا في هذا التقسيم، حينما كان المسلمون هم الذين يحكمون الدنيا، ولم يكن للشيعة أي سلطان، حتى وإن سيطروا على مصر والمغرب أكثر من مائتين سنة، باسم الفاطميين، وأكثر من مائة سنة على الشام، إلا أنه لم تكن جرائمهم، تشبه جرائمهم حينما سيطر الغلام المدعو إسماعيل الصفوي على إيران في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، أو القرن العاشر الهجري، حيث أباد المسلمين إبادة كاملة، كما فعل النصاري قبله بثمان سنوات فقط في الأندلس، فهو مشى على خطاهم!

فهؤلاء العلماء الأجلاء، الذين يستشهد بهم، هذا الجيل الضائع، التائه، لم يحضروا تلك الجرائم في إيران، ولم يحضروا جرائمهم في العراق، حيث كانوا يستخدمون المثقاب الكهربائي في ثقب رؤوس المسلمين وهم أحياء، وكانوا يضعون كبار العلماء، وأئمة المساجد، في قدر ماء، ويسخنونه حتى يغلي ويقضي على الضحية، ولم يشهدوا جرائمهم في سورية، ولبنان، واليمن، ولم يسمعوا دعواتهم باحتلال الحرمين، وإن احتل الحرم أبو طاهر القرمطي في 317 هج وقتل المسلمين، ولكن كانوا يعتبرونه غير منتسب إلى الشيعة.

فلو كانوا في هذا الوقت، لما رضوا، وقبلوا، بأي شكل من الأشكال تقسيم المسلمين إلى سنة وشيعة، ولقالوا بالصوت العالي: إما مسلم أو لا مسلم، ولنفوا نفياً قاطعاً، أن يكون هناك مسلم شيعي، ومسلم سني.

غير أن علماء هذا الجيل البائس، التعيس – إن كانوا فعلاً علماء – لا يتجرؤون أن يقولوا ما قاله الكاتب، لأنهم مشددون إلى الماضي السحيق! فليبقوا في غيهم، وضلالهم يعمهون، إلى يوم الدين.  

المصادر:

1-       آل عمران 50

2-       آل عمران 85

3-       البقرة 133 

4-       آل عمران 67

5-       معالم في الطريق لسيد قطب ص11

6-       صيد الفوائد http://www.saaid.net/bahoth/43.htm

7-       عبد الله بن سبأ والشيعة https://ar.islamway.net/article/1902/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D8%A8%D8%A3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9

8-       معرفة أخبار الرجال، للكشي:70-71

9-       اعتراف نتن ياهو بصناعته للشيعة https://www.youtube.com/watch?v=IqqjnXKl1DU

10-     الدرر السنية https://dorar.net/hadith/search?q=%D9%83%D9%86%D8%A7+%D8%AC%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%A7%D9%8B+%D8%B9%D9%86%D8%AF+%D8%B9%D9%84%D9%8A+&st=a&xclude=

11-     البداية والنهاية 5/410

12-     الدرر السنية https://dorar.net/hadith/search?q=%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D9%84+%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9+%D9%85%D9%86+%D8%A3%D9%85%D8%AA%D9%8A&st=a&xclude=

  1. المعارج 6-7
  2.  الدرر السنية https://dorar.net/hadith/search?q=%D9%88%D9%83%D9%84+%D8%B6%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A9+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1&st=a&xclude=

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى