مقالات

حماس وفقدانها البوصلة

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

حماس هي حركة فلسطينية، إسلامية سُنية، شعبية وطنية، مقاومة للاحتلال الصهيوني، وهي جزء من حركة النهضة الإسلامية، تؤمن أن هذه النهضة هي المدخل الأساسي لهدفها، وهو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر.

وتعتبر الحركة أرض فلسطين وقفًا إسلاميًا ووطنًا تاريخيًا للفلسطينيين عاصمتها القدس.

وقد جاء في ميثاق الحركة أنه: ” يوم يغتصب الأعداء بعض أرض المسلمين، فالجهاد فرض عين على كل مسلم.

تأسست الحركة عام 1987على يد الشيخ المجاهد الزاهد أحمد ياسين، وقد كان الشيخ ياسين قدوة في العطاء والتضحية بأقواله وأفعاله، فقد قال: ” إننا طلاب شهادة، لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية” وقال في موضع آخر ” الموت في سبيل الله أسمى أمانينا” وقد كان استشهاده كما كان يرجو على يد الوحشية الإسرائيلية التي قصفته بصاروخ، ومزقت جسده.

وجاء من بعده من هو على شاكلته في حب الشهادة وطلبها، وهو الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي كان على نهج خلفه واقتدى بأسره، وكانت نهاية حياته على غرار الشيخ بضربة إسرائيلية همجية بربرية.

وقد كان الشيخان الجليلان متمسكين بالمبادئ، والثوابت الإسلامية في دفاعهم عن أرض فلسطين، فلم يكونا وطنيين ولا قوميين – كما قادة حماس الجدد – وإنما كانا يجاهدان نيابة عن الأمة الإسلامية، واستجابة لتعاليم الإسلام الحنيف بوجوب الجهاد، والدفاع عن المقدسات، ففلسطين ليست وطن كأي وطن، وإنما كما ذكر في ميثاق الحركة هي وقف للمسلمين، ويجب على جميع المسلمين الدفاع عن مقدساتها، فالمسجد الأقصى مرتبط بالمسجد الحرام.

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” (1)

سورة الإسراء

وفي الحديث الشريف: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى”.

لذلك وجدنا أن الشعوب الإسلامية  والعربية برمتها تقف خلف حماس وتدعمها، وتعتبرها ممثلة لها.

وبعد رحيل الشهيدين(ياسين والرنتيسي) خلف من بعدهم خلف أضاعوا البوصلة، وراحوا يتغنون بشعارات وطنية متناسين أنهم حركة إسلامية ملتزمة بالكتاب والسنة ، وليس بالجغرافية ، وحدود الوطن

” إن الأرض لا تقدس أحدًا وإنما يقدس الإنسان عمله كما قال سلمان الفارسي”.

بدأت حماس تفقد حاضنتها وجماهيرها رويًدا رويدًا إثر اندلاع الثورات العربية، فقد أصابها التخبط في الاصطفافات، مع أن الحق أبلج كالشمس، ولكنها وقعت في صراع بين الإيديولوجية التي تحملها، والتي كانت وراء شعبيتها الكاسحة في العالم الإسلامي، وبين البراغماتية التي تظن أنها يمكن أن تحقق لها مكاسب دنيوية، فانتصرت مع الأسف البراغماتية، فهل من المعقول حركة إسلامية تحررية، تساند إيران التي تحتل أربع عواصم إسلامية (باعترافها) وتقف بجانب ميليشيا حزب الله الذين دمروا الشعب السوري، وساهموا في قتل زهاء مليون إنسانًا جريمتهم أنهم سنة.

لقد صرح إسماعيل هنية تصريحًا مثيرًا للجدل وللاشمئزاز ، وللقرف إثر هلاك قاسم سليماني بأنه– سفاح السنة في سوريا والعراق –شهيد شهيد شهيد.

يبدو أنهم لم يقرؤوا المقال الذي خطه الشهيد، ورئيس حركة حماس الأسبق الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله والذي عنونه ب” السياسة فن التمسك بالثوابت وليست فن التراجع”.

إثر انفجار مرفأ بيروت ، ومنذ أيام قليلة توجه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس بزيارة إلى لبنان، وقابل فيها المجرم حسن نصر الله، بصفته (مقاوم) ومع كل هذا التملق لإيران وحسن نصر الله ( فإنهم لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم في سب ولعن الصحابة، ونبش التاريخ لإثارة الفتن والنعرات كما فعل حسن منذ أيام بمناسبة ذكرى عاشوراء) فقد كانت ردود الفعل متباينة في الزيارة، فقد صرح الوزير الأسبق وئام وهاب، وهو من تلاميذ حسن المخلصين له – وإن كان يختلف عنه في الانتماء الطائفي – في الحقد والطائفية وزرع الفتن والسعي لإلغاء من يخالفه في التوجه، قال: “إن سوريا دفعت ثمنًا كبيرًا دفاعًا عن حركة حماس، وحركات المقاومة، وكان رد الجميل، التآمر على سوريا والمشاركة في تدميرها كما هي مدرسة الإخوان المسلمين والرئيس أردوغان في الغدر”.

وهذا التصريح ينبغي أن يحرك العقول لدى حماس بأن من يتغطى بهؤلاء الطائفيين ينام عريانًا.

يشير هذا الكائن إلى أن حماس لم تساند الأسد في قمعه لشعبه، والحقيقة أن حماس كان موقفها في البداية هو الحياد – وهذا الموقف هو موقف مخز بكل ما تحمل الكلمة من معنى – وقد حاول الشعب السوري أن يلتمس لها الأعذار في ذاك الموقف الهزيل خاصة، وأن أعداءها كثر من المتصهينين والعلمانيين… ولكن حماس فيما بعد أمعنت في تقهقرها وخذلانها للشعب السوري الذي أحبها وساندها ودعمها، وآثرت الوقوف بجانب السفاح المجرم الطائفي، فراحت تغازله بعد أن رأت كفته رجحت على الثوار وهذا ما يترفع عن فعله حتى فاقدي المبادئ، ومن ثم تابعت انصهارها في محور الشر.

وفي النهاية نتمنى من حماس أن تعود إلى رشدها وتراجع نفسها قبل أن يفوتها القطار، ولا تكون خنجرًا  مسمومًا في جسد الأمة الإسلامية التي أدركت فيما بعد أن إيران وحزب الله هما أخطر عدو يقفان أمامها، وأن إيران منذ ثورتها الإسلامية المزعومة،  أي ما ينوف عن أربعين عامًا لم توجه سهامها، وسلاحها إلا إلى صدور المسلمين السنة في العراق وسوريا ولبنان واليمن..             

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى