مقالات

الإخوان بين الوجود والحدود

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

اانقلاب ال3 من يوليو 2013 لم يكن مجرد انقلاب عسكري على إرادة شعب بخطف الرئيس المدني المنتخب واستيلاء العسكر علي الحكم؛ بل كان اانقلاب شامل متشعب في السياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام والفن والمجتمع قيمه الأخلاقية وعلاقاته الاجتماعية وبكل تأكيد الدين خاصة وأن الإنقلاب فى الأساس كان على الإخوان فكرة وحركة وتنظيما…
فى سياق الإنقلاب العام لكل مكونات المشهد خرجت المقالات والدراسات والشعارات تتكلم عن .. تفكك الأيدولوجيا وانتهاء التنظيم.. وأيضا عن مصر مقبرة الإخوان ؛ ورأي شركاء الثورة الذين شاركوا العسكر جريمته أن إزاحة الإخوان والقضاء عليهم قتلاً وسجنًا ونفيًا هو أكبر إنجاز تحقق بل يفوق خلع مبارك ونظامه ..

بعيدًا عن خلفيات الأطروحات السابقة التي غلب عليها ردود الأفعال وتصفية الحسابات أكثر منها دراسات علمية منهجية… يأتى السؤال الأهم : هل حقًا تفككت أيدولوجيا الإخوان وانتهى التنظيم ؟

شواهد ودلالات

ثبات وصمود الرئيس محمد مرسي رحمه الله وإصراره للأنفاس الأخيرة من عمره على الشرعية ورفض الإنقلاب وعدم الإستسلام له.. بل رفض كل العروض فى إعلان التنحي مقابل سلامته وأسرته ،فرفض وكانت حياته وأحد أبنائه ثمنا لموقفه ،وكذلك كان حال الأساتذة مهدي عاكف وعصام العريان، وقرابة الألف من قيادات وقواعدالجماعة قتلوا عمدا تحت عنوان الإهمال الطبي .

عشرات اآلاف السجناء من الإخوان ، لم يثبت خلال السنوات السبع الماضية أن غير أحد منهم فكرته أو عقيدته أو إنتماءه رغم كثرة القضايا الملفقة والأحكام الجائرة؛؛ نعم قد يقول البعض تحت التعذيب ما تريده الأجهزة ،لكن هذا يحسب لمن قاله ولا يحسب عليه.

يأس الأجهزة من الإخوان السجناء جعلهم يفبركون بأنفسهم مبادرات التصالح والهجوم على القيادات ومطالبات العفو الرئاسى وغير ذلك وينسبونها للإخوان .

حتى الذين انشقوا عن الجماعة أو فصلوا منها، مازالوا يحملون اسم الإخوان بكل فخر واعتزاز، وما كان الخلاف والاختلاف إلا حرصًا على الجماعة فكرًاوتنظيمًا وتنميةً وتطويرًا.

فشل المربع المناهض للإخوان التيار اليساري والقومي والليبرالي وهو حر طليق؛ ومعه المربع التابع للإنقلاب وتديرة وتدعمه الأجهزة المخابراتية والأمنية؛ فشل الجميع في ملء الفراغ الناتج عن غياب الإخوان في السياسة والمجتمع سواء بسواء.

استخدام نظام الاانقلاب لفزاعة الإخوان منذ سبع سنوات وحتى اليوم ،وجعلها شماعة لكل فشل وإخفاق ؛ وهو ما يذكر الناس دائما بالإخوان وعلاقات الإخوان وخدمات الإخوان

النتائج والتداعيات

الإخوان فكرة ومنهج .. والأفكار لا تموت ولا تنتهي ولا تدخل المقابر، الأفكار قد تحارب أو تحاصر أو تسكن تحت ضغط القمع والقهر وإرهاب السلطة.. لكنها في عقول وقلوب أصحابها، تنتشر وتتمدد وتتوارث، حتى تتحسن الظروف فتعود الي الحركة والسريان في مجراها الطبيعى.

تاريخ ورصيد الجماعة في الأزمات الكبرى يكون على عكس المتوقع و المستهدف من الخصوم، يريدون تفككًا وانشقاقا فيكون تلاحمًا وترابطًا وارتباطا… يريدون تقهقرا وتنازلاً فيكون ثباتًا وصمودًا وتمسكًا..

مازالت الدراسات العلمية الغربية والشرقية بل والتقارير الأمنية حتي اليوم تؤكد أن فرص الإخوان في العودة للمشهد مازالت متاحة وكبيرة رغم ما تعرضوا له من قتل وجرح وسجن ونفي، ومصادرة وفى المقابل فرص استمرار نظام العسكر لن يكون إلا باستمرار التخويف والقهر والقتل، وهي أدوات لن تبقى طويلاً.

الخلاصة:
استمرار وجود الإخوان مسألة محسومة، بمعنى أن قضية الوجود مسلمة وبديهية لأنها تخضع لأمور العقائد التي لا سلطان لأحد عليها إلا معتنقيها، لكن الحدود بمعنى التوسع والانتشار والحركة يخضع لقوانين الفيزياء في التمدد والانكماش وعلاقته بدرجات الحرارة؛ وكذلك قوانين نيوتن في الفعل وردة الفعل.

ولكن يبقى السؤال الأهم :بأي شكل ومضمون يبقى الإخوان فى المشهد بعد تجربة مؤلمة وكارثية بحجم الزلزال وتوابعه الإرتدادية؛ هل استوعبوا الدرس رغم تكراره ،وهل يملكون من الإيمان ما يساعدهم ألا يلدغوا من جحر مرتين ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى