مقالات

عصا القيصر وجزرة روسيا

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

من غير المنطقي اعتبار التحركات الروسية الأخيرة حصلت وتحصل بعيداً عن أسوار دائرة القرار الأمريكي، سواء ماتم في روسيا من لقاءات وتفاهمات أو ما جرى أمس الأحد من زيارة وفدٍ روسي للعاصمة دمشق على رأسه نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، في اجتماعات تأخذ في ظاهرها طابعاً اقتصادياً وسياسياً، وتحمل أوجهاً عدة ، منها ما يتعلق بالتأكيد على استمرار الدعم الروسي العسكري والسياسي لنظام الأسد، إضافة إلى مناقشة الملفات السورية المحلية، وكيفية إدارة العالق منها، فضلاً عن البحث عن حلول لمواجهة “قانون قيصر”، وإدارة ملف العقوبات الأمريكية على النظام السوري، ومعلوم أن واشنطن هي من حركت وتحرك كافة الأطراف الرئيسية، فتارة تضغط -استحياءً- على النظام، وتارة أخرى توجّه روسيا كي تحمل في جعبتها المبادرات السياسية وتنطلق باتجاه دمشق للتخفيف عن “النظام السوري” ومحاولة الإيحاء للعالم بأن الحل السياسي ممكن وهو الأنسب، كي تستمر لعبة العصا والجزرة والدائرة المفرغة التي أنهكت السوريين وأطالت عمر النظام الذي فاجأ مصنّعيه ببدء انهياره مع احتدام الثورة الشعبية السورية حيث عملوا المستحيل كي يستمر هذا النظام ويمنعوا سقوطه ريثما يتم تحضير البديل الذي يناسبهم .
هي لعبة من جملة الألعاب التي تجيدها الولايات المتحدة الأمريكية حيث تظهر امتعاضها من تصرفات طرف من أطراف اللعبة الدولية في الساحة السورية والذي لا يمكنه التحرك خطوة واحدة من دون تخطيطها وتوجيهها، لكنه الكذب والمكر والخبث الذي طغى على السياسية الأمريكية ولم يزل.

لا ريب أن الحزمة الرابعة المنتظرة من عقوبات “قيصر” -إن طُبّقت كما أُقرّت ستكون الأكثر إيلاماً في الجانب الاقتصادي لنظام الأسد، بعد التركيز في الحزمات الثلاث السابقة على المجالين العسكري والإعلامي، فالقائمة الرابعة لا سابق لها، وستشمل شخصيات غير سورية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ منتصف حزيران/ يونيو الماضي، ومن المنتظر أن تطال هذه الحزمة شخصيات وكيانات غير سورية من الداعمين والمتعاملين مع النظام السوري، وهذا إن حصل سينهك النظام السوري ويؤثر سلباً على مواقف داعميه، لذا كان لا بد لأمريكا من توجيه بعض الأدوات في محاولة لتحرك سياسي يحفظ ما تبقى من ماء وجوههم .

فهل تصب هذه الزيارة الروسية في السياق ذاته .. أم أنها تأتي استكمالاً لابتزاز الأسد ومحاولة الاستحواذ على ما تبقى من “سورية المفيدة” ؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى