مقالات

أنقرة وأثينا ومعركة عض الأصابع

أحمد الحسين

محرر الشؤون التركية – رسالة بوست
عرض مقالات الكاتب

إن الصراع التركي اليوناني ليس وليد الخلاف على ترسيم الحدود البحرية الذي تأجج بعد اكتشاف الغاز في المياه الاقتصادية للدول في شرقي المتوسط، فالصراع قديم، وله أسباب مركبة، ترتبت على الالتزامات السياسية والاجتماعية، والجغرافية التي حدّدها مؤتمر باريس للسلام عام 1919، وتوقيع معاهدة فرساي بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، بعد انهيار الدولة العثمانية، وقيام تركيا الجديدة بحدودها الحالية.
لم تكتفِ الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بالسيطرة على معظم الأراضي التي كانت تتبع للدولة العثمانية في أوروبا والعالم العربي، بل وفرضت عليها شروطًا سياسية، وإدارية وجغرافية كذلك، فقد فرضت معاهدة سيفر 1920 إعطاء تراقيا الغربية، والجزر التركية في بحر إيجة لليونان، والاعتراف بإخضاع سورية، والعراق للانتدابين، الفرنسي والبريطاني، واستقلال شبه الجزيرة العربية وأرمينيا، ووضع مضيقي البسفور، والدردنيل تحت إدارة عصبة الأمم، كانت قد تشكلت للتو في مؤتمر باريس للسلام عام 1919، مع بقائهما منزوعي السلاح، وإعطاء جزر دوديكانيسيا لإيطاليا التي كانت احتلتها خلال الحرب العثمانية الإيطالية 1911-1912، تنازلت عنها لليونان بعد الحرب العالمية الثانية.
بعد ذلك بدأ ظهور أحزاب ذات توجهات إسلامية ، عاد الحديث عن الاستقلال، والتحرّر من هيمنة الغرب على القرار السياسي، والعسكري التركي، فالإسلام، بما ينطوي عليه من قيم، وحقوق، يتعارض مع الإذعان للتبعية والاستغلال والقهر، وبرزت دعوات إلى التوجه شرقًا، والتنسيق السياسي، والاقتصادي مع دول العالم الإسلامي، بدأها حزب الرفاه (تأسس عام 1983 وحل عام 1998) وزعيمه نجم الدين أربكان (رئيس الوزارة من 28 يونيو/ حزيران 1996 – 30 يونيو/ حزيران 1997)، وتابعها حزب العدالة والتنمية (تأسس عام 2001) وزعيمه رجب طيب أردوغان (رئيس الوزراء من 2003 إلى 2014 والجمهورية منذ 2014) الذي أضاف إلى التوجه الاستقلالي أبعادًا جديدة أساسها الدعوة إلى إعادة النظر في تاريخ الدولة التركية الحديثة، والنظر بالثمن الذي دفعته تركيا مقابل الاعتراف الأوروبي بها، في إشارة إلى التنازلات التي قدمتها في اتفاقية لوزان، والتخلص من قيودها،
اليوم هناك حشود تركية واستنفار يوناني
حيث تتزايد حدة التوترات بين تركيا واليونان، حيث أرسلت تركيا، قوات إضافية إلى حدودها مع اليونان، في تصعيد جديد للتوتر مع أثينا، بينما قامت الأخيرة باستنفار قواتها، وذلك بالتزامن مع قرب انطلاق مناورات تجريها أنقرة، في المتوسط.
وفي حديث للدكتور باكير اتجان لموقع “رسالة بوست ” تحدث أنه يؤيد الخيار العسكري، وضرب اليونان، ومن يقف خلفها لكي يعلم الجميع أن تركيا تقرن أقوالها بالأفعال ،ولكشف حقيقة الاتحاد الأوربي، وتابع من وجهة نظره الشخصيه أنه ضد الحرب مع اليونان، وذلك نظرًا لعلاقات القرابة، والصداقة التي تربط البلدين أي تركيا، واليونان
وتوقع أتجان أن الصدام سيحدث؛ لأن الاتحاد الأوربي يظن أن صدام أنقرة مع أثينا هو؛ لتحقيق مكاسب سياسية في الداخل التركي، وتابع أيضًا، إن حصل أي صدام ستتدخل الولايات المتحدة للضغط على جميع أطراف الصراع، وللضغط على فرنسا؛ لأنها أي الولايات المتحدة تدرك جدية أنقرة في تدخلها، وهذا ما رأيناه في تدخلها في سورية ، وليبيا، وقطر.
بالنهاية تركيا تصارع الجميع ،
ففي الوقت الذي تحاول فيه اليونان، وحلفاؤها حصار تركيا في سواحلها، تسعى تركيا إلى منع فرض أمر واقع جديد عليها، بالتخلص التدريجي مما تبقى من معاهدتي سيفر ولوزان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى