المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (41)

الجزء الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
الدولة العلوية بالأندلس على هامش الدولة الأموية
3- يحيى بن عَلِيُّ بْنُ حَمُّودِ بْنِ أَبِي الْعَيْشِ المعتلي
بويع في مستهل جمادي الأولى سنة 412هـ، وكان عمه القاسم بأشبيليه
وانفرد بالخلافة في 18 ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ 413هـ
وقتل يوم الأحد 7 محرم سنة 427هـ
اسمه ونسبه:
هو يحيى بن عَلِيُّ بْنُ حَمُّودِ بْنِ أَبِي الْعَيْشِ اختلف في كنيته فقيل أبو إسحاق وقيل أبو محمد وقيل أبو زكريا.
وَكَانَتْ أُمُّهُ عَلَويَّةً أَيْضاً وهي: لبونة بنت محمد بن الحسن بن القاسم المعروف بقنون.
صفاته وسماته الشخصيية:
وكان أشجع بني حمود وأكرمهم وأجملهم، وكان مذموم السيرة
بين يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ وعَمِّهِ القاسم:
نازع يحيى المعتلي بن عليّ (صاحب الترجمة) عمه القاسم بن حمود (صاحب الترجمة السابقة) في الأمر بعد أربع سنين من خلافته، وكان يحيى بسبتة، وكان أمير الغرب ووليّ عهد أبيه، فبعث إليه أشياعهم من البربر مالاً مع جند الأندلس سنة عشر(410هـ) واحتل مالقة، وكان أخوه إدريس بن عليّ بها منذ عهد أبيهما، فبعث إلى سبتة ووصل إلى يحيى بن علي عميد البرابرة ثانية يومئذ،
ولَمَّا سَارَ الْقَاسِمُ بْنُ حَمُّودٍ عَنْ قُرْطُبَةَ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ زحف يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ (صاحب الترجمة) مِنْ مَالِقَةَ إِلَى قُرْطُبَةَ، فَدَخَلَهَا بِغَيْرِ مَانِعٍ فملكها، فَلَمَّا تَمَكَّنَ بِقُرْطُبَةَ دَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ فَأَجَابُوهُ، فَكَانَتِ الْبَيْعَةُ مُسْتَهَلَّ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (412هـ)، وَلُقِّبَ بِالْمُعْتَلِي، واستوزر أبا بكر بن ذكوان، وفرّ المأمون إلى إشبيلية، وبايع له القاضي محمد بن إسماعيل بن عباد.
وَبَقِيَ بِقُرْطُبَةَ يُدْعَى لَهُ بِالْخِلَافَةِ وَعَمُّهُ الْقَاسِمُ بِإِشْبِيلِيَّةَ يُدْعَى لَهُ بِالْخِلَافَةِ، إِلَى ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (413هـ). ( وفيات الأعيان 5/ 22)
فَسَارَ يَحْيَى عَنْ قُرْطُبَةَ إِلَى مَالِقَةَ. وَبَقِيَ الْقَاسِمُ بِقُرْطُبَةَ شُهُورًا.
ثم سَارَ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ (صاحب الترجمة) إِلَى الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ، وَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَبِهَا أَهْلُ عَمِّهِ وَمَالِهِ، وَغُلِبَ أَخُوهُ إِدْرِيسُ بْنُ عَلِيٍّ، صَاحِبُ سَبْتَةَ، عَلَى طَنْجَةَ، وَهِيَ كَانَتْ عِدَّةَ الْقَاسِمِ الَّتِي يَلْجَأُ إِلَيْهَا إِنْ رَأَى مَا يَخَافُ بِالْأَنْدَلُسِ.
وبلغ الخبر إلى قرطبة بتغلب ابن أخيه يحيى على قواعده وحصونه، مع ما كان يتشدد على بني أمية، فاضطرب أمر المأمون وثار عليه أهل قرطبة ونقضوا طاعته، وبايعوا للمستظهر الأموي (الخليفة رقم 13 تاتي ترجمته) ، ثم للمستكفي (الخليفة رقم 14 تاتي ترجمته) من بني أمية. ثم خلع أهل قرطبة المستكفي ، وصاروا إلى طاعة المعتلي(صاحب الترجمة)، وفرّ المستكفي إلى ناحية الثغر فهلك بمدينة سالم، على ما سنذكره في ترجمته.
وتجهز المأمون(القاسم) وبرابرته، وقاتلوا دونه وحاصروا المدينة خمسين يوما. ثم صمّم أهل قرطبة لمدافعتهم فانفضت جموع المأمون (القاسم) سنة أربع عشرة (414هـ).
ثُمَّ إِنَّ القاسم(المأمون) نَزَلَ بِشَرِيشَ ورجع عنه البربر إلى يحيى المعتلي ابن أخيه (صاحب الترجمة) فبايعوه سنة خمس عشرة(415هـ)، فَزَحَفَ يَحْيَى (صاحب الترجمة)، وَمَعَهُ جَمْعٌ مِنَ الْبَرْبَرِ فَحَاصَرُوا القاسم ثُمَّ أَخَذُوهُ أَسِيرًا، فَحَبَسَهُ يَحْيَى واعتقل محمداً والحسن ابني عمه القاسم المأمون بالجزيرة، فَبَقِيَ فِي حَبْسِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَحْيَى وَمَلَكَ أَخُوهُ إِدْرِيسُ، فَلَمَّا مَلَكَ قَتَلَهُ، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ في محبسه سنة سبع وعشرين وأربعمائة(427هـ)، وَحُمِلَ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ بِالْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ فَدَفَنَهُ. (الكامل في التاريخ 7/ 620، تاريخ ابن خلدون 4/ 198)
ثم نقض أهل قرطبة طاعة المعتلي سنة سبع عشرة واربعمائة(417هـ) وصرفوا عامله عليهم ابن عطاف وبايعوا للمعتمد أخي المرتضى. ثم خلعوه ، واستبدّ بأمر قرطبة الوزير ابن جهور. (تاريخ ابن خلدون 4/ 198)
ولايته:
تسمى يحيى بالخلافة بقرطبة سنة ثلاث عشرة وأربعمائة (413هـ) ، ثم هرب عنها إلى مالقة سنة أربع عشرة(414هـ) ثم سعى قوم في رد دعوته إلى قرطبة في سنة ست عشرة (416هـ) فتم لهم ذلك، إلا أنه تأخر عن دخولها باختياره، واستخلف عليها عبد الرحمن بن عطاف اليفرني، فبقي الأمر كذلك إلى سنة سبع عشرة (417هـ)، فنقض أهل قرطبة طاعة المعتلي (صاحب الترجمة) سنة سبع عشرة واربعمائة(417هـ) وصرفوا عامله عليهم وبايعوا للمعتمد (هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر الأموي) أخي المرتضى (عبد الرحمن بن محمد). ثم خلعوه، واستبدّ بأمر قرطبة الوزير ابن جهور فركب المعتلي لخيل أغارت على معسكره بقرمونة وقد أكمنوا له، فكبا به فرسه وقتل. (تاريخ ابن خلدون 4/ 198)
مقتلة:
بعد أن قطعت دعوته عن قرطبة، بقي يتردد عليها بالعساكر، إلى أن اتفقت على طاعته جامعة البربر، وسلموا إليه الحصون والقلاع والمدن، وعظم أمره، ثم توجه إلى إشبيلية محاصراً لها، طامعاً في أخذها.
فخرج يوماً وهو سكران إلى خيل ظهرت من إشبيلية بقرب قرمونة، فلقيها، وقد كمنوا له فلم يكن بأسرع من أن قتل، وذلك يوم الأحد لسبع خلون من المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (427هـ)، وكان له من الولد الحسن، وإدريس، لأمي ولد، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلده إِدْرِيْس.
عَوْدِة بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى قُرْطُبَةَ وَوِلَايَةِ الْمُسْتَظْهِرِ:
لَمَّا انْهَزَمَ الْبَرْبَرُ وَالْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ أَهْلِ قُرْطُبَةَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، اتَّفَقَ رَأْيُ أَهْلِ قُرْطُبَةَ عَلَى رَدِّ بَنِي أُمَيَّةَ، فَاخْتَارُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرِ الْأُمَوِيَّ، (وهو أخو المهدي محمد بن هشام الخليفة رقم 11) فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ ثَالِثَ عَشَرَ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ(414هـ)، وَعُمْرُهُ حِينَئِذٍ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَتَلَقَّبَ بِالْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، وقتلوه في ذي القعدة، كل ذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة(424هـ)، فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ شَهْرًا وَاحِدًا وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقُتِلَ.
ولما قتل المستظهر، بويع بالخلافة محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، ولقب محمد المذكور المستكفي، ثم خلع المستكفي المذكور بعد سنة وأربعة أشهر، فهرب وسُمَّ في الطريق فمات.
مصادر ترجمته:
وفيات الأعيان
المختصر في أخبار البشر
مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار
سير أعلام النبلاء ط الحديث
تاريخ ابن خلدون
الكامل في التاريخ