مقالات

عودة الوصاية إلى لبنان

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

يبدو أن بعض اللبنانيين لا يجد غضاضة في رزوح بلادهم تحت نير الوصاية من جديد بعد أن تخلصوا منها، وبعد أن تجرعوا كل ألوان وغصص الذل، والمهانة على أيديهم، وهما المحتل الفرنسي ثم الأسدي.

فقد قامت قوات ومخابرات سورية الأسد باحتلاله منذ عام 1976وحتى عام 2005، وقد عاثت في ربوع لبنان فسادًا، وأهلكت الحرث والنسل، ولم تترك موبقة إلا مارستها في لبنان من قتل إلى اغتصاب إلى سرقة إلى… وقد ضاق اللبنانيون الشرفاء، والأحرار ذرعًا بتلك الممارسات، وراحوا يستغيثون بالغرب وأمريكا لتحررهم من ربقته، فكانت حادثة مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري، طوق نجاة لهم، فقد اسُتثمر لطرد السوري الأسدي المحتل، وبعد طرده والتخلص من رجسه ونجسه، لم يطب ذلك للعبيد الذين اعتادوا على الذل والإهانة، مما دفعهم للوقوف بجانبه، إثر الثورة السورية المباركة (2011) التي طالما نادى أصحابها قبل إشعالها تحت أقدام الطاغية  برفع اليد عن لبنان الشقيق.

على الرغم من كثرة الأحزاب اللبنانية، وكثرة المنظرين والإعلاميين، والمحللين السياسيين إلا أنهم – باستثناء الأحرار منهم – لم يقووا على تحمل أعباء مسؤولية البلاد وأعلنوا عجزهم، فبعد ست سنوات من التخلص من الوصاية الأسدية، هاهم يستدعون فرنسا( الدولة الاستعمارية القديمة) ويحنون ويتشوقون لأيامها الخالية.

فبعد تفجير مرفأ لبنان وتبادل التهم بين المسؤولين، والسياسيين حول الضالعين في هذه الجريمة الوحشية، أزفت الفرصة للفرنسيين  من أجل إحياء  أمجادهم التالدة، وخاصة أن كثيرًا من اللبنانيين كما ذكرنا يحبذون عودتها بل راحوا يستجدونها.

من يراقب زيارة ماكرون الثانية للبنان يُصاب بالألم والغيرة والحزن من تصرفات السياسيين اللبنانيين، وبالغضب والسخط من تصرفات ماكرون، فمنذ أن  وطأت قدمه أرض لبنان راح يتصرف بكبر وعجرفة وفوقية، وكأنه أتى إلى محمية من محميات الدولة الفرنسية، ووقف أمام ميشيل عون وقوف السيد أمام عبده (وكأن ميشيل المندوب السامي لفرنسا)، وقد أطلق سلسلة من التصريحات تشير فعلًا إلى أنه صار الحاكم الفعلي للبنان.

ونعرض لبعض تلك التصريحات ومن ثم ما رشح من تعليقات على تلك الزيارة:

” إن الدعم الدولي للبنان سيكون مشروطًا بالطريقة التي تتصرف في الطبقة السياسية وتطبيق الإصلاحات المنشودة، وفي حالة لم يحدث هذا، فالعقوبات والإجراءات العقابية، ستتبع”.

وقال في تصريحات لمجلة بولتيكو يوروب.

إنه سيعود إلى لبنان مرة ثالثة في كانون الأول، “وهذه هي الفرصة الأخيرة للنظام، أنا واع لهذا وأضع الشيء الوحيد على الطاولة وهو رأسمالي السياسي”.

” لن  أتساهل مع هذه الطبقة السياسية في لبنان، وإذا لم يحدث تغيير في الشهور الثلاثة المقبلة فقد تترتب على ذلك إجراءات عقابية ونحجب خطة الإنقاذ المالية”.

” إننا نريد معرفة الأرقام الحقيقية بشأن النظام المصرفي اللبناني، وندعو إلى تدقيق في الحسابات”.

ولا يفوتنا أن نذكر أن توقيت زيارة ماكرون إلى لبنان كان بتاريخ ذكرى استعمار فرنسا، وقد احتفي به أي احتفاء.

ومن نافلة القول ذكر بعض التعليقات على زيارته.

تمارا قبلاوي من شبكة سي إن إن:

” في عام 2020 يطلق على الحكومة اللبنانية بأنها حكومة السفير الفرنسي ببيروت ومركز سلطة المعتمدين السابقين”.

وعلق المحلل السياسي اللبناني إميل هوكايم قائلًا:

” فهمت الطبقة السياسية في لبنان أن ماكرون سيأتي بتوقعات وجود حكومة لبنانية ورئيس وزراء لهذا استبقوه…

ولكنهم وضعوه ( أي مصطفى أديب) كأمر واقع، بحيث لا يمكن لماكرون الاعتراض عليه”.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى