مقالات

عجوز منبج (2)

يونس العيسى

إعلامي وكاتب
عرض مقالات الكاتب

وأكثر المتباكين ، هم الذين يتاجرون بقضية منبج ، ويتظاهرون بحبها والحرص عليها ، وعلى مؤسساتها .. والعطف على أهلها ، ومآسيهم ، وحقوقهم في العودة .. ونحو ذلك !
ويلتبس في هذا التباكي ، صور: المهجرين في الداخل والخارج، والثوار الحقيقيين بصور المنافقين المتظاهرين بالإشفاق على أهل منبج.
أما التباكي، على الثورة، العدالة ، و الحرية ، والإنسانية .. والتباكي على قيم الشرف ، والعفة، والأمانة، والصدق والنزاهة
هذه الأصناف من التباكي ، فكثيرة جدا ومتنوعة من حيث : الأشكال ، والألوان ، والأشخاص، والهيئات ، والأسماء ، والصفات ! وأكثر الممارسين لها ، هم ممن يتاجرون بها ، لأسباب كثيرة ، ولكل تاجر أهدافه الخاصة !
في فن البكاء وليس التباكي يقال: ” لا يبنى الوطن لا من قبل لصوص ولا بسواعد عملاء ولا بجهود خونة”، ولكن الطامة الكبرى هي ان الخيانة اصبحت وجهة نظر.. والعمالة ولاء .. واللصوصية والتهريب جني غنائم.
فلا تراهنوا على مصطلحات (الثورية، الحر) والتي يدعيها كل من انضم لصفوف ثورتنا وأصبحت من المعرفات التي نسمع بها ولانراها، في وقت المتثورين والعملاء والمتاجرين والمتذبذبين يسرحون ويمرحون بسياراتهم و سرقاتهم..
ما يجب ان نراهن عليه هي القيم الأخلاقية والتحررية وليس (الثورية) ومن لبس لبوسها.. وهذا لا يمكن ان نحصل عليه الا بمنظومة إدارية متكاملة تشمل المنظومة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والتعليمية والتربوية.. الخ.. وهذا بالمحصلة يوجب ان نفرز بين القيم الأخلاقية وبين مدعيها من الثوريين ودعاة التحرر.. وخاصة ان الكارثة الكبرى بان الفاسدين والمتثورين والعملاء الذين نخروا ثورتنا لا يشعرون بانهم فاسدين وهذا ما ادى لنخر المجتمع نفسه ومفاصله ومؤسساته بالفساد.
المتباكين على منبج مختلفين على اسم المولود قبل ولادته؟!
والبعض يريد ان يحكم البلد ويديرها من خلال القبيلة والعشيرة، وذلك للحصول على حظوة وتعيين في منصب ووجاهة اجتماعية على حساب البسطاء من اهلها.
والبلد والعشيرة نظام اجتماعي مبني على الأخلاق الكريمة وإرشادات ديننا ولا يسيران جنبا إلى جنب، لأن الذي يريد ان يدير البلد ويحكمها ويتكل على قبيلته وعشيرته لتحميه من المساءلة القانونية إذا ما افسد أو سرق مالا عاما بطبيعة الحال لا يمكن أن يبني ويسير بلد لأن ولائه سيكون للجهة التي تحميه، وهذا ما يريده الانتهازيين و أصحاب المصالح الشخصية وطالبي الوظائف والمناصب بالعزف واللعب بدور العشيرة والقبيلة، وتفضيل المصلحة الخاصة على العامة.
علينا التخلص من النفاق الثوري والمجتمعي الذي يزداد بمجتمعنا القبلي والعشائري..

فمنبج تحتاج إلى جميع ابناءها أكثر من احتياج العشيرة لأفرادها.

فإلى متى هذا التباكي على منبج، ومتى سنجد من يتألم بصدق، ويعمل بجد؛ لتخليص البلاد من إرهاب قسد، والانطلاق نحو التحرر والمواطنة و البناء والعمران ؟!
منبج ليست ثغرة لغوية نستطيع بها كتابة نحن ومنبج بلا مسافة، وعبور المسافة يحدد وقتها وزمانها فرمان الباب العالي وقرار البيت الأبيض
عذرا منك يامنبج، فما اكثر الأفواه الممتلئة ماء في جموع بلدنا المغلوبة على امرها!
فكرامة أهلك المهدورة أساس السيادة ومادون ذلك مجرد أضغاث احلام وحق يراد به باطل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى