المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (40)

الجزء الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
الدولة العلوية بالأندلس على هامش الدولة الأموية
2- القاسم بْنُ حَمُّودِ بْنِ أَبِي الْعَيْشِ المأمون
ولي في ذي القعدة سنة 408هـ
وكانت ولايته 6 أعوام
ثم حبس 16 سنة إلى أن قتل
وقتل سنة 431هـ
اسمه ونسبه:
القاسم بْنُ حَمُّودِ بْنِ أَبِي الْعَيْشِ بْنِ مَيْمُونِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ (مَعَ اتِّفَاقٍ عَلَى صِحَّةِ نَسَبِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ) . وكان أكبر من أخيه علي بعشرين عاماً، وقيل بعشرة أعوام، ولقب القاسم بالمأمون.
صفاته وسماته الشخصية:
وَكَانَ أَسْمَرَ، أَعْيَنَ، أَكْحَلَ، مُصْفَرَّ اللَّوْنِ، طَوِيلًا، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ.
وَكَانَ وَادِعًا، لَيِّنًا، يُحِبُّ الْعَافِيَةَ، فَأَمِنَ النَّاسُ مَعَهُ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، ولا غيَّر الناس عادة ولا مذهباً، وكذلك سائر من ولي منهم بالأندلس.
وِلَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ حَمُّودٍ الْعَلَوِيِّ بِقُرْطُبَةَ:
ذَكَرْنَا مقتل أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَلَمَّا قُتِلَ بَايَعَ النَّاسُ أَخَاهُ الْقَاسِمَ، بقرطبة صبيحة يوم الأحد، بعد ست ليال من مقتل أخيه عليّ بها، وكان أسن منه بعشرة أعوام، ، وَلُقِّبَ الْمَأْمُونَ، فَلَمَّا وَلِيَ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ، كَاتَبَ الْعَامِرِيِّينَ وَاسْتَمَالَهُمْ وَأَقْطَعَ زُهَيْرًا جَيَّانَ، وَقَلْعَةَ رَبَاحٍ، وَبَيَّاسَةَ، وَكَاتَبَ خَيْرَانَ وَاسْتَعْطَفَهُ، فَلَجَأَ إِلَيْهِ وَاجْتَمَعَ بِهِ، ثُمَّ عَادَ عَنْهُ إِلَى الْمَرِيَّةَ.
وأحسن تلقي الناس وأجمل مواعيدهم، وأخرج النداء في أقطار البلاد بأمان الأحمر والأسود وتخلية الناس لشأنهم، وبراءة الذمة ممن تسور على أحد. وَبَقِيَ الْقَاسِمُ مَالِكًا لِقُرْطُبَةَ وَغَيْرِهَا إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (412هـ). (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة 1/ 481)
القاسم وابن أخيه يحيى بن علي بن حمود:
بقي القاسم كذلك إلى شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (412هـ)، فَسَارَ عَنْ قُرْطُبَةَ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود بقرطبة، ودعا الناس إلى نفسه، وخلع عمه، فأجابوه، وذلك في مستهل جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (412هـ). فهرب القاسم عن قرطبة بلا قتال،. فدخل يحيى قرطبة دون مانع وتسمى بالخلافة وتلقب بالمعتلي، فبقي كذلك إلى أن اجتمع للقاسم أمره واستمال البربر، وزحف بهم إلى قرطبة، فدخلها في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة (413هـ)، وهرب يحيى بن علي إلى مالقة، فبقي القاسم بقرطبة شهوراً واضطرب أمره، وغلب ابن أخيه على الجزيرة المعروفة بالجزيرة الخضراء، وهي كانت معقل القاسم، وبها كانت امرأته وذخائره، وغلب ابن أخيه الثاني إدريس بن علي صاحب سبتة على طنجة، وهي كانت عدة القاسم ليلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالأندلس، وقام عليه جماعة أهل قرطبة في المدينة وأغلقوا أبوابها دونه، فحاصرهم نيفاً وخمسين يوماً، سنة أربع عشرة وأربعمائة (414هـ) ولحقت كل طائفة من البربر ببلد غلبت عليه، وقصد القاسم إشبيلية، وبها كان ابناه محمد والحسن، فلما عرف أهل إشبيلية خروجه عن قرطبة، ومجيئه إليهم، طردوا ابنيه ومن كان معهما من البربر، وضبطوا البلد، وقدموا على أنفسهم ثلاثة رجال من شيوخ البلد وأكابرهم، وهم: أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي، ومحمد بن بريم الإلهامي، ومحمد بن محمد ابن الحسن الزبيدي، ومكثوا كذلك أياماً مشتركين في سياسة البلد وتدبيره، ثم انفرد القاضي أبو القاسم بن عباد بالأمر واستبد بالتدبير وصار الآخران في جملة الناس، ولحق القاسم بشريش واجتمع البربر على تقديم ابن أخيه يحيى، فزحفوا إلى القاسم فحاصروه حتى صار في قبضة ابن أخيه يحيى وانفرد ابن أخيه يحيى بولاية البربر، وبقي القاسم أسيراً عنده وعند أخيه إدريس بعده.
مقتله:
ثُمَّ أَخَذُوهُ أَسِيرًا، فَحَبَسَهُ يَحْيَى فَبَقِيَ القاسم فِي حَبْسِهِ أسيراً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَحْيَى وَمَلَكَ أَخُوهُ إِدْرِيسُ، فَلَمَّا مَلَكَ قَتَلَهُ، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَحُمِلَ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ بِالْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ فَدَفَنَهُ.
وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَةِ الْقَاسِمِ بِقُرْطُبَةَ، مُذْ تَسَمَّى بِالْخِلَافَةِ إِلَى أَنْ أَسَرَهُ ابْنُ أَخِيهِ، سِتَّةَ أَعْوَامٍ، وَبَقِيَ مَحْبُوسًا سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ قُتِلَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (431هـ)، وَكَانَ لَهُ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَهُ مِنَ الْوَلَدِ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ، وَأُمُّهُمَا أَمِيرَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفِ بِقَتُّونَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
مصادر ترجمته:
بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس
المعجب في تلخيص أخبار المغرب
المختصر في أخبار البشر
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة
الكامل في التاريخ
تاريخ ابن خلدون