مقالات

كانت لنا دولة اسمها اليمن..!!

محمد الخامري

كاتب ومحلل سياسي يمني
رئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية
عرض مقالات الكاتب

قبل ست سنوات فقط؛ كانت معنا نحن اليمنيين دولة ذات سيادة (مهما كان فسادها وفقرها وجوعها، لكنها كانت قائمة، وجوازها مقبول في أغلب دول العالم، ومنافذها مفتوحة لكل العالم)، كانت لنا دولة قائمة على الأرض.. رئاسة وحكومة ومؤسسات دولة، وجيش وشعب وموظفين مدنيين وعسكريين، وامن مبسوط وأمان موجود، افضل من دول كبرى كثيرة تغلق اسواقها قبل حلول الظلام خوفاً من السرقة..

كانت لنا نحن اليمنيين دولة قائمة؛ بهوية حقيقية، وثقل سياسي وعسكري في المنطقة، نغادرها متى شئنا ونعود إليها متى اشتقنا، نغترب عنها بكيفنا ونمارس حياتنا بشكل طبيعي مع شعوب الأرض، نشتاق لها فنعود مباشرة، دون الحاجة إلى إذن عودة من أحد، او الخوف من أحد، او التنسيق مع احد؛ مهما كان هذا الكائن او الكيان..!!

كان لنا جيش يمني؛ ترتيبه الخامس بين الجيوش الأقوى عربياً بعد مصر والسعودية والجزائر وسوريا، وفي المرتبة 43 عالمياً ضمن قائمة أقوى جيوش العالم لعام 2013، التي يعدها سنوياً موقع جلوبال فاير باور المتخصص في مجال التسلح..!

كان لنا جيش جبار عُدة وعتاد، يتألف من القوات البرية، والقوات الجوية والدفاع الجوي، والقوات البحرية والدفاع الساحلي، وقوات حرس الحدود وقوات الاحتياط الاستراتيجي التي تضم العمليات الخاصة والحماية الرئاسية وألوية الصواريخ، غير القوات والأجهزة الأمنية الكثيرة في مجالات الامن العام والسياسي والمركزي والقومي وغيرها..

سيصطاد البعض في الماء العكر وسيثير زوبعة حول ممارسات الامن السياسي والقومي، واقول له حيا لتلك الأجهزة ورجالها مقارنة بأجهزة اليوم التي تمارس بطشاً غير مسبوق وخروقات قانونية ودستورية في ظل عدم وجود الدولة أصلاً..
الأخطاء والفساد والمحسوبية والشللية والأسرية كلها كانت موجودة، ولازالت موجودة إلى اليوم بشكل ابشع واقبح، فلم يتغير من ايام الدولة الا غياب علي عبدالله صالح رحمه الله وأسرته، اما رجاله فهم جميعاً لازالوا في المشهد، وفسادهم اليوم تطور إلى البيع والشراء، بنا وببلادنا ودمائنا ومقدراتنا، ولو وُجدت الدولة لحاكمتهم جميعا بتهمة الخيانة العظمى طبقاً للدستور..

كانت لنا دولة يمنية قائمة، فيها مطارات وموانئ ومؤسسات سيادية عسكرية ومدنية، ومؤسسات مالية واقتصادية تمارس دورها في الداخل والخارج ومع نظرائها في المجتمع الإقليمي والدولي، وكود دولي تم الغاؤه اليوم، وطيران وطني تم إلغاء اعتراف الاياتا الدولي منه واصبح عبارة عن شركة لصوص فاشلة..

اليوم أصبحنا بلا دولة حقيقية، رئيس مغترب منذ ست سنوات ومغيب عن الواقع تماماً، وبرلمان اختزل في مجموعة واتس اب، وحكومة لاعلاقة لها بالسياسة ورئيسها سكرتير لدى السفير السعودي، ووزارات عبارة عن أجنحة في فنادق الرياض وشقق في القاهرة، ومؤسسات دولة عبارة عن صفحات فيسبوك وتويتر، وجيوش متشاكسة من المعسكرات التي تقدم ولاءها وتعمل مع من يمولها ويدفع مرتباتها واعتماداتها، تارة للامارات وأخرى لقطر وثالثة للسعودية او ايران.. بل أصبحنا ندير معاركنا على رؤوس المواطنين الأبرياء، ونستعرض قدراتنا بالمدرعات الاماراتية والمقاتلات السعودية والقوات السودانية، والصرخة الإيرانية..
اصبحنا شعب الله المكسور، المقهور.. جيشٌ من العاطلين في الداخل، بلا مرتبات، ولاخدمات ولادورة حياة يومية، والفائز منهم من وجد حيلة ووسيلة للخروج إلى اي دولة أوربية بحثاً عن الأمان، ولازال عشرات الالاف في مخيمات اللاجئين في الصومال وجيبوتي بانتظار المساعدات الإنسانية التي تجود بها الدول التي دمرتنا ولازالت تدمرنا إلى اليوم..!!

أخيرا..
هل لازال من كان يُصفق لدمار اليمن وتحطيم الجيش واستهداف المعسكرات نكاية في خصمه السياسي؛ هل لازال مُصر على موقفه ذاك.. هل لازلنا مسلوبي العقول بعد ان سُلبنا الإرادة..
أسف على اليمن السعيد إلى اين وصل، وتباً لكل مسؤول لازال يصر على انه يؤدي واجبه، وهو يستلم ثمن خيانته وقبوله تمثيل اليمن امام العالم للموافقة على تدميره؛ بدءاً بهادي وانتهاءً بآخر مفسبك يستلم مرتباً شهرياً لقاء دفاعه عن الشرعية الرخوة والتحالف العربي لدعس الشرعية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى