إعداد: فريق التحرير
رغم كل التهديد الذي وجه له، كانت التقارير تقول بأن السفاح سيستخدم الكيماوي.
عشرات التهديدات الدولية، والوعيد من الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هذا لم يمنع ذاك النظام المجرم من تجريع أهلنا في الغوطة من كأس السارين السام. فكيف إذاً استطاع أن يتجرأ على فعلها؟ وما الذي جعل من دمائنا جزء من صفقة سياسية تافهة؟
البداية كانت عندما استخدم النظام السلاح الكيماوي بعدة مناسبات ولكن بشكل ضيق ومحدود، وهو ما تلقفته وسائل الإعلام بطريقة هزلية ولكن كان له صدى قوي في أروقة الاستخبارات العالمية، فخلال عدة أشهر فقط كان هناك أكثر من 10 تقارير على مكتب الرئيس الأمريكي آنذاك “باراك أوباما” تتوقع أن النظام السوري سيستخدم سلاحاً كيميائياً بحربه ضد شعبه، وهو ما صرح به أوباما بعدة مناسبات.
أسباب الاستخدام
كان جلياً للمتابع أن النظام الأسدي سيستخدم جميع الأسلحة التي تمكنه من إنهاء الثورة واستعادة السيطرة على الرقعة الجغرافية السورية، ولكن لم يكن ليقوى على استخدام سلاح محرم دولياً إلا بموافقة وتغطية دولية، وهنا يأتي دور روسيا التي أنبرت للدفاع عن النظام السوري، ورفعت الفيتو بوجه المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً عن نجدة من قضوا بموقف مذل للإنسانية جمعاء وللأمم المتحدة تحديداً.
وكما أن لروسيا دور في حماية المجرم لا يمكن إنكار دور إيران المحرض على استخدام العنف المفرط، خاصة وأنها كانت من يقاتل على الأرض وتحتاج لانتصار بعد عدد كبير من الهزائم أمام الثوار في محيط العاصمة دمشق، والمقرر ضمناً تهجير سكانها لإحلال شيعة إيرانيين وعراقيين مكانهم وهو ما كشفته عدة تقارير نشرت في ذاك الوقت.
تقارير استخباراتية
قبل الهجوم الكيماوي بآب 2013 كان هناك عشرات التقارير المنشورة والغير منشورة التي تتحدث عن تحرك داخل النظام الأسدي نحو استخدام السلاح المحرم دولياً، وتحدثت تقارير استخباراتية أمريكية عن وجود نشاط متزايد في مخازن الأسلحة الكيميائية السورية، وقام أوباما بالإدلاء بعدة تصريحات، قبل هجوم آب الكيماوي، حملت تهديدات مباشرة للنظام السوري، من أن أي استخدام لهذا السلاح سيكون له تبعات خطيرة.
صمت دولي
في صبيحة الهجوم الكيماوي استفاق العالم مذعوراً من هول ما شاهد على قنوات الأخبار وكان الأشد رعباً هم المؤيدون لنظام الطاغية لمعرفتهم يقيناً أن فعلة كهذه ستطح بالنظام المتهالك كورقة خريفية هشة، ولكن الذي حدث هو صمت أمريكي وأوربي وحتى عربي لأسباب كانت تختصر بكلمتين اثنتين (أمن إسرائيل).
ففي حين كان الجميع ينظر لما حدث كجريمة نكراء لا تغتفر نظر وقتها النظام الأمريكي للموضوع أنه فرصة لمزيد من الخراب لدولة مجاورة شعبها معاد لإسرائيل، وبنفس الوقت مناسبة لا تكرر لتجريد نظام تلك البلد من أحد أسلحته، والتي وإن لم يستخدمها قبلاً ضد الاحتلال لتبعيته وخيانته، إلا أنها تبقى كورقة ضغط بيده، فكان التوصل لاتفاق هو أهم ما حدث ووقع الجميع على اتفاقية نزع الأسلحة الكيماوية من النظام الأسدي بدماء المئات من النساء والأطفال والرضع لا زالت صورهم وصمة عار بجبين كل من إدعى الإنسانية.
معارضة الدمى
في الوقت التي كانت فيه القنوات الإعلامية المعارضة ومراكز الرصد والمنظمات الحقوقية تعمل كآلات لتجميع الحقيقة ونقل الصورة بوجهها المروع للعالم أجمع، كانت المعارضة السورية متمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة تعمل على التباكي أمام السفراء والمبعوثين الدوليين، دون التحرك الحقيقي في أروقة السياسة واتخاذ القرار والضغط على الجميع لاتخاذ فعلاً أكثر حزماً يتلائم مع قسوة الجريمة، ففي ذاك اليوم التاريخي قضى الائتلاف يومه في الاجتماع بين أعضائه لإصدار بيان، بدل أن يكونوا في أروقة البيت الأبيض والأمم المتحدة يصنعون قراراً.
لا تزال جريمة الكيماوي رغم مرور 7 سنوات عليها من أبشع الجرائم التي مرت في هذا القرن، ومن الانتكاسات المهمة التي لا يزال الشعب السوري يدفع ثمنها للآن تهجيراً وموتاً وعجزاً، أما المجتمع الدولي فدفع ثمنها بالحكم على نفسه بالموت بغاز الصمت.