مقالات

العام الهجري الجديد

محفوظ الرحمن

كاتب من بنغلادش
عرض مقالات الكاتب

أفلت الشمس وما لها أن لاتغيب و أظلمت الدنيا بما فيها وكل شيئ أصبح يتغير . كانت الشمس في مسيرته اليومية حتي توقفت و غربت في أفق السماء، فما هي الدنيا التي نعرفها الآن الدنيا التي بالأمس ! انقرضت العام الماضي بما فيها من سرآء و ضرآء وغابت شموسه الذهبية بما فيها من أذعتها الفضية . طلعت الالشمس من جديد في يوم جديد من عام وليد وولدت اليوم الأول من العام التابع للعام الصارم فها نحن نستقبل العام الهجري الجديد بكل رحب وسعة وبترحيب حار وتهنئة قلبية مؤملين أن يكون لنا عام أمن و سلام ورحمة واطمينان وراجين أن يكون ذلك عام فرح و ابتهاج . فالعام الهجري الجديد يذكرنا مطلعه كل عام بالهجرة النبوية الشريفة و يعودنا إلي ذكريات ماضية ، ذكريات هجرة النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه . تلك الهجرة التي افترضها الله علي عباده وحث عليها المسلمين بالإيحاء إلي نبيه فقام بها المسلمون علي الرغم منهم والاستنكار أن يتركون وطنهم العزيز ومولدهم الغالي ويرتحلوا إلي دار لا قرابة لهم فيها ولا أصدقآء . وكانت الهجرة بداية انطلاق إلي الأمام دون النكوص إلي العقب . فلولاها لما انتشر الإسلام في أرجاء المعمورة بهذه المثابة وما كان له شأن في الفتوحات و إقامة الدولة الإسلامية في أنحاء العالم ، ولما قامت الدولة الإسلامية الفتية التي كانت أنموذجا للعدل و الرحمة و قدوة أثيرة للدول الإسلامية الأخري المتعاقبة ، و لما اعتنق الإسلام آلاف من الناس مثل ما اعتنقوه بعد الهجرة النبوية و الإسلام هو الدين الوحيد الذي اختاره الله لعباده و رضي له لنجاته فالهجرة نواة ربانية و بذور إلهية لازدهار الإسلام ورقيه و ليرقي الإسلام إلي أوج الرقي والازدهار و إلي قمة المجد والعز و إنها لرحمة إلهية و نعمة ربانية أنعم بها علي الإنسان و أسدي بها إليه معروفا وهي خطوة إيجابية لدين الله المختار لولاها لما قامت الإسلام علي قدم وساق و لأوشك التاريخ أن يقلب مجراه و كانت الهجرة بجميع معانيها تضحية وهي تضحية بالنفوس والأموال ، تضحية لايفوقها تضحية في التاريخ البشري كله . وكان النبي العربي سيدولد آدم صلي عليه المولي حينما خرج من مكة نظر إليها بعين مبتلة – قد اهرورقت الدموع علي وجنتيه حبا علي وطنه و تأسفا علي أهله – وهو يقول يا مكة المكرمة! لولا أن قومك أخرجوني قهرا ما خرجت منك . وفي الهجرة دروس وعبر : منها التآلف و التحابب فيما بين الناس والتعاون علي البر والتقوي . وبالنظر إلي ذلك كانت الأنصار من الصحابة الأخيار يمدون يد العون والمساعدة إلي المهاجرين الذين هجروا أوطانهم وتركوا أموالهم لا طواعية و رضا وقد آخي النبي صلي الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة ربطا لأواصر الإيمان و حفظا للأخوة الإيمانية و من دروس الهجرة أيضا التضحية والتفادي لدين الله عز وجل ورسوله فكان المسلمون حينما تركوا أوطانهم و أموالهم ورآء ظهورهم لم يبالوا بحبها وبحب الأموال التي فيها وقد أرهقتهم متاعب السفر و وعثاؤه و أتعبتهم الجوع و الظمأ فيعود العام الهجري بتك الذكريات الحلوة الجميلة التي تحمل في طياتها عبرا ودروسا لتحثنا علي الاحتذآء بالصحابة و الاقتداء بسيرهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى