دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (37)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الجزء الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
11- المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر

ولد في سنة 366هـ
ولي الأمر سنة 399هـ، وكانت ولايته 16 شهراً
قتل في 8 من ذي الحجة سنة 400هـ، وله من العمر 34 سنة.
مولده:
هو مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار ابْن النَّاصِر لدين الله أبي الْمطرف عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد يكنى أبا الوليد، ولقب بالمهدي، أمه أم ولد اسمها مُزْنة، وكان له ولد اسمه عبد الله، وقيل عبيد الله، انقرض ولا عقب للمهدي.
وكان مولده في سنة ست وستين وثلاثمائة (366هـ).
وقتل وله من العمر أربع وثلاثون سنة.
وهُوَ أول من فتح على بني أُميَّة بالمغرب بَاب الْفِتْنَة قَامَ فِي ثَلَاثَة عشر رجلا توثب على الْأَمر بالأندلس وخلع الْمُؤَيد بِاللَّه هشاماً وَحَارب عبد الرَّحْمَن الْحَاجِب ابْن أبي عَامر القحطاني الَّذِي وثب قبله بِسنة وسمى نَفسه ولي الْعَهْد، وَأمر بِإِثْبَات كل من جَاءَهُ فِي الدِّيوَان فَلم يبْق زاهد وَلَا جَاهِل وَلَا حجام حَتَّى جَاءَهُ(الوافي بالوفيات5/108)
ولايته:
ذكرنا في ترجمة المؤيد هشام بن الحكم المستنصر أن أبا عامر محمد بن أبي عامر استولى على تدبير المملكة، واستمر المؤيد هشام في الخلافة إِلى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة (399هـ)، فظَهَرَ (صاحب الترجمة) مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمَهْدِيِّ بِقُرْطُبَةَ ، سَلْخَ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَمَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا واجتمع عليه الناس وبايعوه بالخلافة ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَمَلَكَ قُرْطُبَةَ، وَأَخَذَ الْمُؤَيَّدَ فَحَبَسَهُ مَعَهُ فِي الْقَصْرِ، وَأَخْفَاهُ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَاتَ.
وَكَانَ قَدْ مَاتَ إِنْسَانٌ نَصْرَانِيٌّ يُشْبِهُ الْمُؤَيَّدَ، فَأَبْرَزَهُ لِلنَّاسِ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الْمُؤَيَّدُ، فَلَمْ يَشُكُّوا فِي مَوْتِهِ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ، وَدَفَنُوهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ إِنَّهُ أَظْهَرَهُ، وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ، فَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَةِ الْمُؤَيَّدِ هَذِهِ إِلَى أَنْ حُبِسَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَنَقَمَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ النَّبِيذَ فِي قَصْرِهِ، فَسَمَّوْهُ نَبَّاذًا، وَمِنْهَا فِعْلُهُ بِالْمُؤَيَّدِ، وَأَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا، مُتَلَوِّنًا، مُبْغِضًا لِلْبَرْبَرِ، فَانْقَلَبَ النَّاسُ عَلَيْهِ. (الكامل في التاريخ 7/ 351)

واستمر في الخلافة إلى أن خرج عليه سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر (تأتي ترجمته بعد هذه الترجمة)، فهرب المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار، واستولى سليمان على الخلافة في أوائل شوال من سنة أربعمائة (400هـ).
ثم جمع المهدي محمد بن هشام جمعاً وقصد سليمان بقرطبة، فهرب سليمان وعاد محمد المهدي إِلى الخلافة في منتصف شوال من هذه السنة (400هـ).
مقتله:
اجتمع كبار العسكر وقبضوا على المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار، وأخرجوا المؤيد من الحبس، وأعادوه إِلى الخلافة في سابع ذي الحجة من سنة أربعمائة (400هـ)، وأحضروا المهدي بين يديه، فأمر بقتله، فقتل، كما ذكرنا في ترجمة المؤيد هشام بن الحكم.
فكانت ولاية محمد المهدي منذ قام إلى أن قتل ستة عشر شهراً من جملتها الستة أشهر التي كان فيها سليمان بقرطبة، وكان هو بالثغر.
الفتن في عهد المهدي:
ذكرنا أن المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر قام على هشام المؤيد بن الحكم المستنصر في جمادى الآخرة سنة 399هـ، فخلعه وتسمى بالمهدي.
وبقي كذلك إلى أن قام عليه يوم الخميس لخمس خلون من شوال سنة 399هـ هشام بن سليمان بن الناصر مع البربر فحاربه بقية يومه، والليلة المقبلة وصبيحة اليوم الثاني، وقام عليه أهل قرطبة مع المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار إلى أن انهزم البربر وأسر هشام بن سليمان فأتى به إلى المهدي فضرب عنقه.
واجتمع البربر عند ذلك فقدموا على أنفسهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، على أنفسهم فنهض بهم إلى الثغر، فاستجاش بالنصارى، وأتى بهم إلى قرطبة وبرز إليه جماعة من أهل قرطبة فلم تكن إلا ساعة حتى قتل من أهل قرطبة نيف على عشرين ألف رجل في جبل هناك يعرف بجبل قنطش، وهي الوقعة المشهورة، وذهب فيها من الخيار وأئمة المساجد والمؤذنين خلق عظيم، واستقر محمد بن هشام المهدي أياماً ثم لحق بطليطلة وكانت الثغور كلها من طرطوشة وأشبونة باقية على طاعته ودعوته فاستجاش بالإفرنج وأتى بهم إلى قرطبة، فبرز إليها سليمان بن الحكم مع البربر إلى موضع بقرب قرطبة على نحو بضعة عشر ميلاً يدعى عقبة البقر فانهزم سليمان والبربر، واستولى المهدي على قرطبة ثم خرج بعد أيام إلى قتال جمهور البربر، وكانوا قد صاروا بالجزيرة فالتفوا بوادي “آره” فكانت الهزيمة على المهدي محمد بن هشام وانصرف إلى قرطبة، فوثب عليه العبيد مع واضح الصقلبي فقتلوه.
ظل المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار والياً إلى أن قُتِلَ، ورُدَّ هشام المؤيد إلى الأمر؛ وذلك يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة 400 هـ ؛ وبقي كذلك وجيوش البربر تحاصره مع سليمان بن الحكم بن سليمان، واتصل ذلك إلى خمس خلون من شوال سنة 403هـ ؛ فدخل البربر مع سليمان قرطبة، وأخلوها من أهلها، حاشا المدينة وبعض الرَّبَض الشرقي، وقتل المؤيد هشام بن الحكم.
مقتل المهدي:
وَهَرَبَ ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ إِلَى طُلَيْطُلَة، وَاسْتَنْجَدَ بِالفِرَنْجِيَّة، وَبَعَثَ إِلَيْهِم مِنْ بَيْت المَالِ بَذَهَبٍ عَظِيْمٍ، فَلِلَّه الأَمْرُ، ثُمَّ أَقْبَلَ فِي عَسْكَرٍ عَظِيْمٍ، فَكَانَ المَصَافُّ عَلَى عقبَة البقرِ بقُرْبِ قُرْطُبَة، فَانْهَزِمُ ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَقُتِلَ مِنَ الفِرنج ثَلاَثَةُ آلَاف، وَغَرِقَ خلائق، ثم ظَفِرُوا بِابْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، فَذُبِحَ صبراً، وَقُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ فِي يَوْم التَّرويَة سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
مصادر ترجمته:
بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس
المعجب في تلخيص أخبار المغرب
المختصر في أخبار البشر
الكامل في التاريخ
تاريخ الإسلام ط التوفيقية
الوافي بالوفيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى