مقالات

التطبيع الخليجي (العربي) مع إسرائيل ليس جديداً ولكن أوراقه ظهرت للعلن

طالب الدغيم

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

تطورت العلاقات (التعاونية الودية) الخليجية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، فمنذ مباحثات مدريد للسلام في عام 1991، وما تلاها من محادثات السلام العربية الإسرائيلية في العقد الأخير من القرن العشرين (وادي عربه وأوسلو)، وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (تمثيل تجاري إسرائيلي في الخليج وبلاد المغرب وغيرها). ومن ثم بدأت مشاورات جادة في عواصم غربية وأفريقية لإطفاء نار العداوة وبناء تفاهم ورسم خطة للسلام كان الوسيط الأول فيها هو الولايات المتحدة الأمريكية، وكما تبناها وسطاء إقليميون مثل سلطنة عمان وتركيا وأوغندا وجنوب أفريقيا ومصر …
وبعد أن تحددت ملامح الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه الخليج العربي في عهد الرئيس دونالد ترامب على ضوء التقارب الخليجي الإسرائيلي، تم تكثيف اللقاءات بين ممثلين عن الخليج وإسرائيل، ولإظهار حسن النية، أقيمت فعاليات وأنشطة رياضية وفنية وتجارية وثقافية مشتركة، لتنتهي أخيراً بالتوقيع على ما عُرف في الأدبيات السياسية بصفقة القرن في الرياض (2017)، والذي تَرجمت رغبة حقيقة من القيادات الحاكمة الخليجية في تطبيع شامل للعلاقات، والتبادل الدبلوماسي مع إسرائيل. وذلك لهدفين اثنين، هما:
الأول: الحفاظ على حالة الاستقرار السياسي والسلطوي لتلك الحكومات، والخوف من أية هبة شعبية أو مطالبات في التغيير أو انقلابات داخلية، يدعمها الغرب ضد حكومات الخليج.
الثاني: الادعاء بأن تلك التفاهمات والتعاون الأمني والاقتصادي فيما بعد، سيسبب حرجاً كبيراً لإيران ومخططاتها بالمنطقة، وسيضعف من نفوذها الإقليمي ويُعيدها لسابق عهودها!
سيترك اتفاق الشراكة والتعاون الإماراتي – الإسرائيلي أبعاداً سلبيةً لها تأثيرها على مستقبل الشعب العربي في فلسطين قبل غيره، وكما سيتكرر هذا الموقف المخجل عربياً؛ لأن هذا الاتفاق تدعمه دول عربية أخرى في الخليج العربي، وهو ما دلت عليه تصريحات البحرين وعمان المتفقة مع الخطوة الإماراتية. وبالطبع سيؤدي لتمييع للقضايا والأفكار التاريخية الكبرى التي حملتها ونادت بها الشعوب العربية عقوداً من الزمن في سبيل نيل الحرية والعدالة الاجتماعية والانتقال الديموقراطي السلمي والازدهار الاقتصادي، وتحقيق الاجتماع الأهلي والمواطني داخل البلد الواحد وبناء شراكة عربية أمنية واقتصادية وسياسية حقيقية.
فالاتفاق يعتبر ترسيخاً لواقع التفكك السياسي العربي وإحباطاً لنضالات وصمود الثائرين الذين خرجوا في ساحات أوطانهم مطالبين بالتغيير بعد عام 2011، وتعميقاً لاستبداد وتسلط الأنظمة العربية (الشمولية)، وهو صفحة جديدة من صفحات التنازع العربي – العربي؛ فريق يُطبع علناً، وفريق يزاود ويطبع سراً (ممانع)، وكلا الفريقين له نفس الأهداف والاعتبارات في التفرد والتأبيد في السلطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى