مختارات

الشـهيد الحي.. إبراهيم بك شكري

محمود سلطان

رئيس تحرير صحيفة المصريون
عرض مقالات الكاتب

مرت منذ أيام ذكرى وفاة المهندس إبراهيم شكري (توفي في أغسطس 2008)، ولم يتذكره ـ على حد علمي ـ أحد إلا الزميل ربيع سكر (قيد بنقابة الصحفيين عن طريق جريدة الحقيقة التي يصدرها حزب الأحرار وليس جريدة الشعب التي يصدرها حزب العمل).
الجيل الحالي لا يعرف شيئا عن واحد من أنبل السياسيين الذين عرفتهم الحياة السياسية المصرية منذ أن أصيب بطلق ناري في مظاهرات الطلبة ضد الاحتلال البريطاني في نوفمبر من عام 1935، وأطلق عليه بعدها “الشهيد الحي”.
ولد إبراهيم شكري في “درب الجماميز” ـ حي الدرب الأحمر المعروف حاليا بشارع بورسعيد ـ ورغم أنه باشا ابن باشا وتولى منصب وزير الزراعة في حكومة ممدوح عام 1977، إلا أنه ظل مرتبطا بهذا الحي والشارع (اتخذ منه مقرا لحزب العمل وجريدة الشعب، أكبر صحيفة معارضة في الشرق الأوسط قبل أن يغلقها مبارك عام 2000 بعد أن حركت الشارع ضد الحكومة في أزمة وليمة لأعشاب البحر).
قبل حركة الجيش في 23 يوليو 1952، تقدم بمشروع تحديد ملكية الأرض بـ 50 فدانا، وكان هو أول من أبدع فكرة “الإصلاح الزراعي” وأخذها عنه جمال عبد الناصر”.. حبسه الملك فاروق بعد أن كتب مقالا في جريدة “الاشتراكية” ـ آنذاك ـ قال فيه ” إننا نرى أن وجودنا في السجون للدفاع عن حرية الشعب هو أحسن وأفضل من أي نزهة نقضيها على أفخر يخت في العالم” وهو ما اعتبر في ذلك الوقت تلميحا ساخرا إلى يخت الملك فاروق المعروف بـ” فخر البحار” وحبس بسببها بتهمة” تحبيذ العيب في الذات الملكية” لمدة سبعة أشهر غير أنه لم يمكث في السجن إلا عدة أسابيع وخرج منه في 27 يوليو 1952 بعد الإطاحة بفاروق وتوجه مباشرة إلى كوبري القبة ليقابل محمد نجيب وجمال عبد الناصر.
حصل شكري على وسام الجمهورية من الدرجة الأولى عام 1977 تقديرا لدوره الكبير كمحافظ للوادي الجديد (1972 ـ 1976). وحصل في نفس العام على وسام الجمهورية من الدرجة الأولى بمناسبة الذكرى 25 لصدور قانون الإصلاح الزراعي قبل الثورة عام 1950.
في عام 1978 استقال شكري من منصبه كوزير للزراعة ليؤسس حزب العمل الاشتراكي ويخوض باسمه انتخابات مجلس الشعب عام 1979 وتم تزوير الانتخابات لحرمانه من دخول المجلس، حيث كان في تاريخه كله منحازا للفقراء والمظلومين ومعارضا شرسا ضد تجاوزات السلطات التي تعاقبت على عرش مصر.
وصدر عن الحزب “جريدة الشعب” ـ عُينت فيها صحفيا بقسم التحقيقات ـ وهي حالة فريدة في تاريخ الصحافة العربية حيث تصدت لكل من تعاقبوا على حكم البلد، وكانت أشد صلابة وتحديا لنظام مبارك الذي ضاق بها ذرعا وأمر بإغلاقها عام 2000 لتكون أول منعطف لانهيار الصحافة الوطنية الحرة.. وتحل محلها تدريجيا صحافة الكتبة الحكوميين والتزلف والسبوبة ورأس المال الطفيلي والفاسد.
رحمه الله

المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى