دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (34)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الدولة الأموية في الأندلس
8- الناصر لدين الله عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل

مولده في رمضان سنة 277 هـ.
وولي في ربيع الأول سنة 300 هـ
وكانت خِلافتُه50 سنةً، و6 أشهرٍ، و3 أيام.
ووفاته في رمضان سنة 350 هـ. عن عمر 73 سنة
اسمه ونسبه:
هُوَ أميرُ المؤمنينَ، النَّاصِرُ لدين اللهِ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان، يكنى أَبُو الْمطرف، أعظم بني أُميَّة بالمغرب سُلْطَاناً، وأفخمهم فِي الْقَدِيم والْحَدِيث شاناً، وأطولهم فِي الْخلَافَة بل أطول مُلُوك الْإِسْلَام قبله مُدَّة وزماناً (الحلة السيراء 1/ 197)
مولده:
كان مَولدُه – فيما ذَكَرَه الرَّازيُّ -: يومَ الخميسِ، عند انْبِلاجِ الصُّبحِ، لثلاثَ عشرةَ ليلةً خَلَتْ من شهرِ رمضانَ، سنةَ سبعٍ وسبعينَ ومِائتينِ (277 هـ).
وكان يكنى: أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها مزنة، وقيل مدنة.
قُتِلَ أبوه محمد وترك ابنه عبد الرحمن هذا وهو ابن عشرين يوماً، فوَلِيَ الأمر وله اثنتان وعشرون سنة. (جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس صـ12)
صفاته :
وصفوه فقالوا: الملك القمر الأزهر، الأسد الغضنفر، الميمون النقيبة، المحمود الضريبة، سيد الخلفاء، وأنجب النجباء. وكان أبيض أشهل حسن الوجه.
وَتسَمى النَّاصِر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بأمير الْمُؤمنِينَ بعد سِنِين من خِلَافَته لما ضعف سُلْطَان العباسية بالمشرق وغلبت عَلَيْهِم الأتراك وَادعت الشِّيعَة مَا شَاءَت بإفريقية وساعدتهم عَلَيْهِ قبائل الْبربر وَأصْبح النَّاس فِي الْآفَاق فوضى، وَكَانَ من قبله من آبَائِهِ يدعونَ بالأمراء
وَظهر لأوّل ولَايَته من يمن طَائِره وسعادة جده واتساع ملكه وَقُوَّة سُلْطَانه وإقبال دولته وخمود نَار الْفِتْنَة على اضطرامها بِكُل جِهَة.
ولايته:
وَلِيَ بقرطبة صبيحة يَوْم الْخَمِيس مستهل شهر ربيع الأول سنة ثَلَاثمِائَة (300هـ) عِنْد وَفَاة جده الْأَمِير عبد الله بن مُحَمَّد.
وهو أول من تلقب من الأمويين أصحاب الأندلس بألقاب الخلفاء، وتسمى بأمير المؤمنين، وكان من قبله يخاطبون، ويخطب لهم بالأمير وأبناء الخلائف، وبقي عبد الرحمن كذلك إلى أن مضى من إِمارته سبع وعشرون سنة، فلما بلغه ضعف الخلفاء بالعراق في أيام المقتدر، وظهور الخلفاء العلويين بإفريقية (الفاطميين) ومخاطبتهم بأمير المؤمنين أمر حينئذ أن يلقب بالناصر لدين الله، ويخطب له بأمير المؤمنين (المختصر في أخبار البشر 2/ 102)
وكانت ولايته من المستطرف، لأنه كان في هذا الوقت شاباً، وبالحضرة جماعة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه، وذوي النسب من أهل بيته، فلم يعترض له معترض، واستمر له الأمر.
فتولى الملك والأندلس جمرة تحتدم، ونار تضطرم، وشقاق ونفاق، فأخمد نيرانها، وسكن زلزالها، وافتتحها عَوْداً كما افتتحها بِدءاً سَمِيّه عبد الرحمن بن معاوية.
وكان شهماً صارماً.
أعماله:
أول غزاةٍ غزاها، هي الغزاة المعروفة بغزاة المنتلون، افتتح بها سبعين حصنا، كلّ حصن منها قد نكبت عنه الطوائف، وأعيا على الخلائف، ولم يكن مثل هذه الغزاة لملك من الملوك في الجاهلية والإسلام.
وله غزاة مارشن وقد بدأت مغازيه من سنة إحدى وثلاثمائة إلى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
ولم تمر خمس وعشرين سنة من ولايته، إلا وصار جميع أقطار الأندلس في طاعته.
ومن مناقبه التي لا أخت لها ولا نظير، ما أعجز فيه من بعده، وفات فيه من قبله، الجود الذي لم يعرف لأحد من أجواد الجاهلية والإسلام إلا له؛ وقد ذُكِر ذلك في شعر الشعراء.
وفاته:
وتُوفِّيَ الناصر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لليلتين خلتا من شهر رَمَضَان سنة خمسين وثلاثمائة (350هـ) فَكَانَت خِلَافَته خمسين سنة وَسِتَّة أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام. لم يبلغهَا خَليفَة قبله. ولما مات ولي الأمر بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن وتلقب بالمستنصر(المختصر في أخبار البشر 2/ 102)
ذكر من طالت خلافته:
ذكرنا أن الناصر لدين الله عبد الرحمن صاحب الترجمة كَانَت خِلَافَته خمسين سنة وَسِتَّة أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام.
وهذه مدة لم يبلغهَا خَليفَة قبله، وقارب أَن يلْحق فِيهَا شأوه الْقَادِر بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن إِسْحَاق بن المقتدر الْمُجْتَمع عَلَيْهِ بالمشرق فِي آخر هَذِه الْمِائَة الرَّابِعَة فَإِنَّهُ بلغ فِي الْخلَافَة ثَلَاثًا وَأَرْبَعين سنة وَقيل أقل.
ثمَّ ابْنه الْقَائِم بِاللَّه أَبُو جَعْفَر عبد الله بن أَحْمد الْقَادِر بلغ فِي ولَايَته أَرْبعا وَأَرْبَعين سنة وَثَمَانِية أشهر وأياماً.
وَمن هَؤُلَاءِ العباسيين الْمُتَأَخِّرين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد النَّاصِر لدين الله بن المستضىء بِاللَّه أَبى مُحَمَّد الْحسن بلغ فِي ولَايَته سبعا وَأَرْبَعين سنة وبويع لَهُ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
وفي كتب التاريخ، فِي أَخْبَار مُلُوك العبيدية أَن الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَبَا تَمِيم سعد بن عَليّ بن الظَّاهِر بن الْحَاكِم بلغ فِي ولَايَته بِمصْر سِتِّينَ سنة وأشهراً فأربى على هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء (الحلة السيراء 1/ 198، المختصر في أخبار البشر 2/ 102)
مصادر ترجمته:
العقد الفريد
الحلة السيراء
تاريخ علماء الأندلس
بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس
المختصر في أخبار البشر
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى