بحوث ودراسات

فتح القسطنطينية – 4 من 11

أ.د. أحمد رشاد

أكاديمي مصري
عرض مقالات الكاتب

المشهد الثالث

إذكاء روح الجهاد للجند

وفى أواخر شهر مارس 1453 م أتم السلطان محمد الفاتح استعداداته للمعركة الفاصلة فزحف بجيشه حتى وصل إلى مشارف إلى القسطنطينية وخطب جنوده خطبة بليغة حثهم فيها على الجهاد وصدق القتال وقرأ عليهم الآيات القرآنية الحاثة على الجهاد والأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بفتح القسطنطينية وأبان لهم أى فخر يحوزون بفتح القسطنطينية الذى سيعز فيه قدر الإسلام ويرفــع فيه  راية القرآن. ولم يكد ينتهى السلطان الفاتح من خطبته العصماء حتى تعالت صيحات الجند مدويـة تشق عنـان السماء : الله الله . وكان في طليعة الجيش الشيوخ والعلماء يتقدمهم الشيخ آق شمس الدين والذى برز دوره في تكوين شخصية محمد الفاتح منذ صغره الذى كان يبين دائما للفاتح في صغره بالإيحاء بأنه الأمير المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش، والشيخ آق ببق ده والعالم الرباني أحمد بن إسماعيل الكوراني وهو مشهود له بالفضيلة وكان مدرس الفاتح فى عهد السلطان مراد الثاني والد الفاتح  والمولى خسرو وكانت دعواهم لله تبارك وتعالى أن ينصر جيش المسلمين ويبيض وجوه الفرسان وأن ينزل عليهم النصر  ويسدد جهادهم  . فسرى الحماس والحمية فى نفوس الجند وغمرهم سرور عظيم فأخذوا يتواثبون من الفرح يعانق بعضهم بعضا ويدقون الطبول والأبواق وأصبح كل شخص كالغضنفر.

وفي يوم الخميس 26 ربيع الأول 857 هـ / 6 أبريل 1453 م وصلت قوات السلطان وعددهم 250000 جندي ومعهم المدفعية الجديدة بعد أن تحركت منذ شهرين من أدرنه إلى القرب من القسطنطينية بقيادة الفاتح نفسه  وكان منظرا من أروع ما روى التاريخ : جموع زاخرة من الجند بين مشاة وركبان بأعلامها الخفاقة المزهوة تتهادى ، وقوافل من الأنعام تنوء بالزاد والعتاد ، واختلطت صيحات الرجال بالتكبير بصهيل الخيل ، وكانت تعلو رؤوس الجند في هذا السهل الفسيح العمائم البيض يموج بعضها فى بعض كزبد البحر المتلاطم .  ولما آن الوقت لصلاة الظهر نشر السلطان محمد الفاتح سجادته واستقبل القبلة وكبر للصلاة وكبر الجيش العرمرم الله أكبر في صوت جهير رهيب ممزوج بالخشوع والخضوع وراء إمامه وقائده الذى خطب فيهم بعد الصلاة وحمسهم في خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة وذكرهم فيها بالتضحية وصدق القتال عند اللقاء وقرأ عليهم الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد كما ذكر لهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي بشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء.

ومما زاد في إذكاء الروح الجهادية في نفوس الجند هو وجود العلماء بين صفوفهم مجاهدين ومقاتلين معهم ويذكرونهم بفضل الجهاد وفضل الشهادة في سبيل الله وصدق اللقاء مع العدو مما أثر تأثيرا مباشرا فى نفوس الجند ورفع معنوياتهم حتى كان كل جندي ينتظر القتال بفارغ الصبر ليؤدي ما عليه من واجب نحو دينه للفوز بالنصر أو الشهادة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الم نقل ان سرد هذا التاريخ العريق المشرف للامة الاسلامية لهو خير عظة وعبرة خاصة لايقاظ شعوب الامة خاصة بمصر والذين اصبحوا اعجاز نخل خاوية لا امل فيه ولا حياة
    فمن دروس اليوم النية الخالصة لله والجهاد في سبيله اعلاء لكلمة الله وتطبيق شرعه على ارضه واعداد جيش باقوى الاسلحة وهو حلاوة الايمان بالقوب والثقة بنصر الله لاخلاص نيتهم والتنافس الممدوح على الشهادة وليس جيش سارق حدود يعمل لمن يدفع له تحت شعار(ابجني تجدني مسافة السكة )
    وكذلك مساندة العلماء لجيش المسلمين وحثهم على الجهاد ونصرة الاسلام من اهم اسباب تقوية القلوب وتثبتهم على الحق وليسوا مجرد عمم على رمم قوادون يتجارون بالدين وكلام الله
    ولكن للاسف ليت قومي يعقلون !!!!،ولهذا من اعمالهم سلط عليهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى