مقالات

رياض حجاب والعودة إلى الواجهة السياسية

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

منذ تباشير ثورات الربيع العربي التي هبت نسائمها من تونس، ثم راحت تتابع مسيرتها، وتطوافها حول أخواتها من الدول العربية، لأن الألم، واحد، والأمل، واحد، والشجون، واحدة، والشؤون واحدة، وقد استطاعت تلك الثورات أن تحدث التغيير في جميع الدول التي أتت عليها باستثناء سورية الذي غرقت في بحر من الدماء على يد سفاح لم يعرف له مثيل في التاريخ.

وما إن خلع الشعب السوري لباس الخوف والاستكانة والذل واستبدله بلباس الشجاعة، والجرأة مكافحًا في سبيل تحقيق حريته، وكرامته حتى وجدنا شخصيات مختلفة بدأت تلتحق بركب الثورة معلنة انشقاقها عن ذلك النظام المجرم.

وثمة شخصيات وازنة من الضباط ،والوزراء، وحتى رئيس الوزراء انحازت لخيارات الشعب – كما تقول – وانقلبت على من كانت في صفوفه وتحت جناحه حينًا من الدهر، ولكن الشعب السوري  بذكائه المعهود لم يطمئن لبعض الشخصيات التي فارقت النظام، وأعلنت مناهضتها له، وأصابه الريبة والشك من تلك الخطوة، وقد تؤول ثلاثة احتمالات لتلك الظاهرة:

الأولى: إن من نشأ وترعرع في حضن النظام لا يؤمن إلا بتحقيق مصالحه الشخصية، فرأى أن كفة الثورة راجحة آنذاك على النظام فقرر القفز من سفينته قبل أن تغرق ويغرق معها.

والاحتمال الثاني: أن هذه الطائفة زعمت انشقاقها عن النظام وولاءها للثورة وبقي ارتباطها بالخفاء مع النظام حتى يحبطوا تلك الثورة ويجهضوها، بل إن النظام قد أوكل لها هذه الوظيفة الجديدة.

والاحتمال الثالث: أن تلك الثلة قد صحا ضميرها، ولم يعد يقوى على تحمل مشاهد تلك الدماء البريئة التي سفحت.

الدكتور رياض حجاب شغل منصب رئيس الوزراء عند النظام من حزيران إلى آب عام /2012/ ثم أعلن انشقاقه موليًا وجهه شطر الأردن لينضم إلى صفوف الثورة.

دخل رياض حجاب في المفاوضات السياسية، وأسند إليه منصب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات  السورية المعارضة، وقبل اجتماع (رياض2) أعلن حجاب استقالته من منصبه في بيان نشره على صفحته الرسمية (تويتر) جاء فيه:

” بعد مسيرة سنتين من العمل الدؤوب للمحافظة على ثوابت الثورة السورية المجيدة التي لم نحد عنها طرفة عين، أجد نفسي اليوم مضطرًا لإعلان استقالتي من الهيئة العليا للمفاوضات متمنيًا لها المزيد من الإنجاز ولبلدي الحبيب سوريا السلم والأمان والاستقرار”.

بعد هذا الإعلان أفل نجمه السياسي وتوارى نوعًا ما عن الأنظار، لكنه فجأة ظهر على واجهة المشهد السياسي ثانية من البوابة الأمريكية.

فقد دعاه مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص إلى سوريا جويل رايبورن، ليعقد معه سلسلة من اللقاءات خلال يومين، ولم ترشح عن تلك اللقاءات سوى بعض التصاريح المقتضبة حيث نُقل عن رايبورن قوله:

” سعيد جدًا بالتمكن من مواصلة المحادثات مع الدكتور حجاب لليوم الثاني في واشنطن، وتابع تحدثنا عن الحاجة للتعاون في المجالات كافة الخاصة بالمجتمع السوري بإطار السعي للتوصل إلى حل سياسي يرضي جميع السوريين “.

وذكرت السفارة الأمريكية: إن اجتماعًا ضم حجاب ورايبورن والمستشارة في وزارة الخزانة الأمريكية (آنا موريس) وأعضاء مجموعة التعاون الخاصة بالعقوبات المدرجة تحت ما يُعرف ب

( قانون قيصر).

ورأت مصادر أن هناك رابطًا بين الحراك الأمريكي في مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وبين زيارة حجاب، وذلك؛ لأن الاتفاق الأمريكي الأخير مع “الإدارة الذاتية” حول النفط، اعتبر خطوة أولى في طريق الاعتراف بفيدرالية سوريا.

وهناك من رأى هذا اللقاء له علاقة بلقاء نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف  في الدوحة برئيس الائتلاف الأسبق معاذ الخطيب أواخر حزيران الماضي.

وهناك من رأى أن أمريكا تجهز حجاب لمرحلة انتقالية في سوريا يكون هو على رأسها.

والأيام حبلى ننتظر مولودها الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى