مقالات

العيد السوري السعيد – من ذكريات الأردن عمان 2016

محمد الفضلي

كاتب وأديب سوري
عرض مقالات الكاتب

البارحة وحين كنت أرافق أوﻻد شقيقي الصغار إلى مكان ألعاب العيد.. وقفت جانباً أراقبهم، وهم يلعبون، وكان هناك بعض الأهالي يفعلون ما أفعل، ونتبادل نظرات التهنئة، ثم وقعت عيني على رجل يقف في مكان غير بعيد عنا، يبتسم من كل قلبه والدموع تملئ عينيه، والمكان منعدم لديه، ﻻيلقي بالا ﻷحد…
على وجهه تعبير انساني يفوق الوصف… هو ليس تعبيراً عن حالة واحدة:
فرح وحزن وقهر
مما استرعى انتباهي وانتباه الجميع ..
يالله ماهذه اﻻنسانية المختلطة بكل حالاتها!!!.
تساءلنا في ايماءاتنا، ونظراتنا، كان الجميع ﻻيدري.
صاحب اللعبة تنبه لنا فاقترب منا…قال: أنتم تشعرون بالغرابة من تصرف الرجل، وكلكم يقول: لما هو هكذا… يضحك ويبكي؟!!
قلنا له: أي والله.
قال لنا :هذا رجل سوري، عمره حوالي خمسة وأربعين عاما، ومن الغوطة الشرقية، استشهد أطفاله الثلاثة الصغار بقصفٍ من طائرات النظام في أحد أعياد الفطر قبل أربع سنوات عندما كان يراقبهم، وبعدها أصيب بصدمة كبيرة، وأخرجه أهله إلى الأردن، وبقي على هذه الحال التي تشاهدونها.
ومنذ ثلاثة سنوات وحتى اليوم… يأتي إلى هنا كل أيام الأعياد، و يبقى من الصباح حتى المساء يراقب الأطفال، وهم يلعبون، وتراه يضحك ويبكي وهو يتابع الأطفال، وأحياناً يشير لهم ملوحاً، وﻻ يتحرك من مكانه، وﻻيغير وقفته، وﻻيرضى أن يجلس، وعندما يتعب يرحل للمنزل، ثم يعود في اليوم التالي.
بادئ الأمر كنت أتضايق منه، لكن مرةً كان معه أحد أقاربه، وشرح لي القصة.. أقسم بالله بكيت، ولم أعرف ما أفعل!!
كان صاحب اللعبة يتكلم، وعيون الجميع تحترق فيها الدموع، حتى أن إحداهن شهقت من الحزن..

يارب ارحمنا فقد طال بنا القهر .
اللهم أعوذ بك من قهر الرجال

أيها المكلمون في بلدي
كل عام، و أنتم ﻻتزالون على قيد الحياة. …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى