حقوق وحريات

إضاءات سياسية (38)

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

تصريح صحفي:

حول تصريح وزير العدل إلى سيريا نيوز حول الإفراجات الأخيرة

23/01/2006

إشارة إلى تصريح السيد وزير العدل إلى سيريا نيوز حول الإفراجات الأخيرة أبين الملاحظات التالية :

حين اعتقل السادة الأفاضل كما درجنا على تسميتهم بما  سمي -ربيع دمشق- ، كنت وكيلاً عنهم جميعاً ، ودافعت عن النائبين السيدين رياض سيف ومأمون الحمصي أمام محكمة الجنايات ، بينما دافعت عن الزملاء رياض الترك وحبيب عيسى وكمال اللبواني ووليد البني وفواز تللو وحبيب صالح وعارف دليلة أمام محكمة أمن الدولة ، وانتهت القضايا بالحكم على النائبين بخمس سنوات مع الحجر والتجريد ، وعلى رياض الترك بسنتين ومدد أخرى للآخرين .

في العام الماضي استحق النائبان السابقان مأمون الحمصي ورياض سيف أن يجري وقف الحكم النافذ بحقهما وإطلاق سراحهما لتنفيذهما ثلاث أرباع محكوميتهما . وقد أمضيت ثلاثة أشهر بين السجن ومحكمة الجنايات وإدارة القضايا والنيابة العامة لدى محكمة النقض والغرف الجنائية فيها ، سعياً للإفراج عنهما .

توجهت للمرة الأولى مع طلب محال من المحكمة إلى مدير السجن للإجابة عليه ، وبعد دخولي السجن لم أستطع مقابلة مديره إلا بعد مضي ساعتين على وجودي في إدارته ، وعقب المقابلة قدمت له الطلب المحال من محكمة الجنايات للإجابة عليه ، وفعلاً سلمني إجابته مجتزأة ، لم تكف محكمة الجنايات .

عدت ثانية إلى سجن عدرا بطلب آخر فتهرب مدير السجن مني ، فعدت لدمشق وأبرقت إلى وزير الداخلية شاكياً مدير السجن بأنه لا يطبق القانون ، وعدت إلى السجن وسلمني مدير السجن جواباً وفق الشكل المعتاد على طلب المحكمة الثاني ، إلا أن مدير السجن قال بأنه لا يكتب على الجواب بأن السجين أصلح نفسه كما هو وارد في (المادة /172/ ع .ع) بداعي أن حكم مأمون الحمصي ورياض سيف حكم سياسيٌ وهما عضوان في مجلس الشعب ، فلا يوجد معنى لعبارة أصلح نفسه ، وقد أكد بأنه شطب هذه العبارة من جميع الأجوبة التي أرسلت للمحاكم . وقد أخذت المحكمة العسكرية بمعنى هذا الجواب في العديد من القضايا المماثلة .

عدت بالجواب إلى المحكمة فقال رئيسها : إن على مدير السجن أن يكتب عبارة “إن السجين أصلح نفسه” ، ثم راجعت المحامي العام ورئيس النيابة اللذين وعدا بالتدخل لدى مدير السجن .

راجعت بعدها رئيس التفتيش القضائي الذي صرح لي بأنه أعطى رأياً لصالحي حين سئل من قبل محكمة الجنايات .

سطرت برقية ثانية إلى رئيس الجمهورية وضعته أمام الملابسات التي أعاني منها ولم أتلق أي جواب .

التقيت وزير العدل وشرحت له الموضوع ، وقلت بأن العبارة المطلوبة لا تنطبق على الموكل مأمون الحمصي إذا اعتبرناه من المعارضة فهل معنى أصلح نفسه هو أن يتحول إلى المولاة ؟ ووعد الوزير بحل الموضوع .

عدت لمحكمة الجنايات وقدمت مذكرة أوضحت فيها وجهة نظري ، غير أن المحكمة أصدرت قراراً برفض وقف الحكم النافذ .

طعنت بالحكم إلى محكمة النقض وراجعت النيابة العامة لديها وفوجئت بمطالعة للنيابة بطلب تصديق القرار الطعين ، أي رفض وقف تنفيذ الحكم .

قابلت ثانية الوزير ، كما قابلت بعدها السيد وليد المعلم معاون وزير الخارجية ووعد ببذل الجهد . وعدت ثانية إلى وزير العدل أحثه على العمل لدى محكمة النقض لإطلاق سراح الموكل مأمون الحمصي ، لكن جهودي ذهبت أدراج الرياح .

راجعت محكمة أمن الدولة فأعلن رئيسها بأنهم لا يقبلون طلبات ربع المدة وهو أمر غير مألوف عند هذه المحكمة! إلا إذا كان هناك تعليمات أخرى! .

سبق أن أفرج عن الزميل الأستاذ رياض الترك الذي كان محكوماً من قبل محكمة أمن الدولة بعد أن أمضى في السجن سنة واحدة ، دون أن توضح السلطات المعنية مرجعية هذا الإفراج .

ضربت مثال الأستاذ رياض لأوضح أمام القارئ بأنه لا يوجد قواعد قانونية تحكم هذه المسائل ، بل أن التعليمات والأوامر هي الفاعلة في هذا المجال .

مؤخراً أفرج عن السادة حبيب عيسى ورياض سيف ومأمون الحمصي ووليد البني وفواز تللو . وقد ألمح وزير العدل إلى أن الإفراج ، إنما يتم على أساس “إصلاح النفس” . وقد علمنا أن إدارة السجن قد حاولت خلال أشهر إقناع المفرج عنهم بالتوقيع على طلبات تتضمن اعترافهم “بإصلاح أنفسهم” ، فلم تفلح . وقد رفض الأستاذ حبيب عيسى التوقيع على أي طلب لوقف الحكم النافذ .

وأخيراً تم حذف عبارة “أصلح السجين نفسه” ، فوقع الجميع على طلبات وقف تنفيذ الحكم ، ما عدا الأستاذ حبيب عيسى .

لذلك وجدتني باعتباري وكيلاً عن الجميع أن أوضح مجريات الإفراج حتى يتبين الحق الذي ندافع عنه . 

وفي كل الأحوال فإن المطلوب بصورة جازمة وصريحة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي القابعين في مراكز التوقيف للأجهزة الأمنية .

اللقاء الأول للقوى الوطنية السورية في أمريكا الشمالية

26/01/ 2006

سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركاته ، وبعد :

لقد دعيت لأكون بينكم إلا أن حالة منعي من السفر لا زالت قائمة مستمرة ، دون أن أرى أي تقدم باتجاه رفعها برغم المحاولات المتكررة .

تعلمون أيها الإخوة أنه في ظل قيادة دولة الولايات المتحدة -القوة المتفردة الآن- في اتخاذ القرار وتنفيذه بعيداً عن احترام الأمم المتحدة أو القانون الدولي أو شرعة حقوق الإنسان ، نقف اليوم مشدوهين إزاء ما يعانيه العالم من انتكاسة وردة ، ذهبت بكل ما أحرزه الإنسان من مكتسبات ، وبكل قيمه ومبادئه ومصداقيته ، وما يواجهه هذا العالم من زيفٍ : قلب المفاهيم وأفسد الموازين واقتلع الثقة وهيج العداوات والبغضاء بين الشعوب ، وأعاد الناس إلى شريعة الغاب ليحتكموا إليها فيما ينشب بينهم من نزاعات ، بعد أن كانوا تجاوزوا هذه الشريعة ، وأيقنوا أن استخدام القوة وإشعال نار الحروب والفتن لا يحل المشكلات بقدر ما يعقدها ، وأن المشكلات إنما تحل على طاولة المفاوضات مهما طال أمد التفاوض . وكان الاتحاد الأوروبي ثمرة هذا التحول ، وشكل منعطفاً حاداً أو شوطاً متقدماً في مسيرة التقدم البشري .

لقد سئمت الإدارة الأمريكية على ما يبدو من تكاليف الحضارة ، وناءت بأعبائها ومسؤولياتها ، وتنكبت للمثل التي قامت عليها دولتها بدءاً من جورج واشنطن ، وآثرت المصالح على القيم ، ونظرت إلى الظواهر وأغفلت المسببات وامتلكت القوة فتعسفت في استعمالها ورفعت شعار حقوق الإنسان ثم كانت أول من يضحي بها ، ونادت بالعدالة والمساواة ثم ارتكبت باسمهما وتحت غطائهما أبشع أنواع المظالم والتمييز العنصري ، واستعملت إرهاب الدولة في هيروشيما وناغازاكي والفيتنام وانقضت على نورييغا في باناما لتعتقله في سجونها ، ودمرت أفغانستان وهبطت بجيوشها خارج إطار الأمم المتحدة في العراق وخالفت سائر شعوب العالم حتى الشعب الأمريكي نفسه والستمائة مدينة في العالم التي ناهضت الحرب .

أي احترام للحقوق يمكن أن يطالب به في زمن التردي الأخلاقي الذي تتولى أمريكا أمره ، فتهدم بيديها كل ما شيَّده الإنسان من قيم الحق والعدل والمساواة والديمقراطية وسائر حقوق الإنسان ، وكل ما حققه من تقدم !! .

بغض النظر عن موقع كل منا جغرافياً . فإن المكان الذي نتواجد فيه هو ثغر من ثغور الوطن والأمة ، علينا وبكل ما وهبنا الله من ملكات أن نقتحم العقبات ونسعى لتذليلها ، وأن نسعى جاهدين لأن نثبت لمن حولنا أننا جديرون بالرسالة التي نحمل ونؤمن ، علينا أن نكسب احترام ومودة من معنا في العمل ، ومن يجاورنا السكن ، محتذين بقول الله تعالى وبسيرة نبيه الكريم .

إنني أتمنى عليكم أن تتعمقوا في فهم المجتمع الذي تعيشون فيه ، وأن تحاولوا فهم اقتصاده والاطلاع على آدابه وفنونه ، فالإطلالات على السياسة وحدها لا تكفي . إن تآزركم في البحث عن آليات جديدة لتعزيز نضالنا سيضع كلاً منكم في موقع أفضل وكلما تمكن أحدنا أو كلنا في التمسك بمشاعره وسلوكه سنجد أنفسنا أقرب إلى الآخرين ، وسنجد بينهم أصدقاءً جدداً وربما ظنناهم وللوهلة الأولى أنهم أعداء ، وإن البحث عن مصادر القوة من أجل إعدادها للتغيير نحو الأفضل هو واجب علينا القيام به .

علمتني تجربتي في العمل داخل وطننا سوريا أن كل خدمة وكل جهد مهما كان بسيطاً حتى السماع لمشاكل الآخرين ومشاركتهم همومهم ، هو أفضل من السكون والركون ، بانتظار فعل كبير أستطيع القيام به .

منذ سنوات طويلة وأنا أملأ يومي بالعمل ؟ أعطي الإنسان العادي البسيط من اهتمامي ما أعطيه للمهم منهم ، وقد غير هذا السلوك مع الزمن الكثير من داخل نفسي ، طور طاقتي وموهبتي ، وعوضتني محبة الناس واحترامهم لما أقوم به ، عن الكثير من متاع الدنيا .

إن السعادة التي أعيشها خلال عملي الدائم لمساعدة الناس لهي سعادة عظيمة لم يكن لمال أو جاه أن يهبني مثيلاً لها .

أستطيع القول أن العمل في سوريا قد خطى خطوات جيدة نحو الأمام ، فنحن اليوم نستقبل أناساً عديدين بسطاء يسألون مساعدتهم في حل مشاكلهم ، لقد تم كسر حاجز الخوف أو بعضاً منه ، وإن أحسنّا العمل سينكسر المزيد .

نحن في عملنا هنا نلتقي بأناس من مختلف أنحاء المعمورة ، ونتحاور معهم باستمرار ورغم حاجتنا الملحة للدعم فإننا لا نساوم أبداً على هويتنا أو قناعتنا بل نقدم أنفسنا ورؤانا بطريقة لطيفة ومهذبة كما هي ، وندافع بكل حزم بهداية العقل عن أسس هويتنا ، متسلحين بالحلم والحجة والأناة والمعرفة .

لقد تمكنت عبر زمن مضى مع بعض صحبي الكرام أن نكسب جولات وجولات وأن نغير من رؤية كثيرين زارونا لمشاكل وقضايا المنطقة التي نعيش فيها ، وتعلمنا منهم الكثير في الوقت نفسه .

لقد اكتشفت لدى الكثير من زواري من الغرب حساً والتزاماً جد عميقين بما هو إنساني ، بل أقول لكم وبصدق أنني فخور بصداقات أضفتها إلى كنـزي الروحي ، مع رجال ونساء من كافة أنحاء العالم فالخير ليس محصوراً في بقعة أو مجموعة بل هو عميم .

نهدف في عالمنا إلى بناء ديمقراطية في سوريا أسلوباً للحكم ولن نحيد عنه ، فهي المخرج من معظم مشاكلنا وعبرها وبواسطتها وخلال سيرورتها سنتمكن من مواجهة التخلف بأشكاله المتعددة الحاكمة لنا اليوم .

لن نقبل وسنقاوم كل محاولة لحرف مسارنا الديمقراطي تحت أية مقولة ، ونحن في هذا على عجلة من أمرنا في أن نقوم بالمهام اليومية المطلوبة منا ، ولسنا على عجل بحيث نستبدل وتحت ضغط الواقع والرغبة ما هو حقيقي بما هو افتراضي .

العمل المنتج يتطلب حسن التخطيط وحسن الأداء ، والبحث الدائم عن مصادر جديدة للطاقة ، لكننا في مسعانا نرفض وسنرفض أن يكون الخارج هو حامل التغيير الديمقراطي ، على الأقل أننا ندرك أن الخارج لن يهبنا الديمقراطية ، بل سيسعى لتحقيق مصالحه وطالما نحن في حالة الضعف ، فسنكون عاجزين عن إجراء حوار ندِّيٍّ مع الخارج . إننا نمد وسنمد أيدينا لتلك القوى الخارجية المتمثلة في هيئات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المناهضة للعولمة المتوحشة وللظلم بكافة أشكاله .    

في الختام أرجو لمؤتمركم كل التوفيق ، وأسأل الله أن يأخذ بيدكم لما فيه الخير والرشاد .

والسلام عليكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى