حقوق وحريات

نعي الفريق أول الركن سلطان هاشم

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران

صدق الله العظيم

الشيخ صباح الشيخ غازي الحنش الطائي المحترم :

في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة مُلتفُّون حولهُ تَمُرُّ جنازة فيَرْمقها الناس بأبصارهم، وإذا الألسُن تُثني على صاحبها خيرًا فقال النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ( وجبَتْ . وجبتْ . وجبت) ثم مُرَّ بِجنازة أخرى فإذا ألسن الناس تثني عليها شرًّا فقال رسول الْهُدى (وجبتْ . وجبت . وجبت) وأمامَ هذا الاستغراب والاستفهام من الناس يأتي التَّعليق النبويُّ بقوله (مَن أثنيتم عليه خيرًا وجبتْ له الجنَّة ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار . أنتم شُهَداء الله في الأرض . أنتم شهداء الله في الأرض . أنتم شهداء الله في الأرض )  

ولا أدري هل أعزيك ؟ أم أعزي نفسي والأمة يا أبا أحمد فيك ؟

في بلدٍ يموتُ رجاله بين أحضانه، وشعبٌ نسيَ ماضيك . من أين أبدأ وكيف أرثيك؟ . وكيف لهذا القبر الصغير أن يحتويك . يا جبلا طويت الأرض وسوح الوغى لم تطويك .

كل حناجر أهلك تثني عليك وتبكيك .

فاهنأ في جنان الخلد التي ستؤويك والنار والجحيم لقاتليك …

عند خروجنا من الثقيلة في مُعتقل أبو غريب بعد الاحتلال الى ما تسمى الخفيفة أنا، والفريق الركن البطل نوري داود المشعل رحمه الله، والأخ طه النعيمي جيء بوالدك الشيخ غازي والأمريكان يقيدون أذرعنا بقسوة، وقوة آذوه كثيرًا وعن قصد . قلت له تهون إن شاء الله فقال : لو أبيدت قبيلة طي، وأنا أولهم فدى العراق، وشعبه لن نبيع ولا نساوم . وأشهد الله إنكم كفيتم، ووفيتم فإلى جميع شهدائنا أقول :

كيف أنسى عيونكُم المُكتظة بالحُزن وابتسامتكُم التي اختفَت خلف تَجاعيد الأيام … فحين خوى نجم الخَير، وكسَدت سوق البِر، وبارت بضائِعُ أهله، وصارت البطولة عارًا على أصحابها، آضت المُروءات، وجهل قدر المَعروف، وماتَت الخَواطر، وسقطَت همَم النفوس لمن قام لله مَقامه، وصبر على الجهاد  صبره، ونوى أن يُلبسه الله لباس الضمير .

فاحتضنوا عروقكُم وجراحكُم حتى يأذن الله بنصره، أو يهلك الرجال دونه …

يا فارساً عرشَ العُلا تتربَّعُ

صُمُّ الجبالِ أمامَ عزمِكَ تَركعُ

أذللْتَ حُبَّاً للحياةِ ونزعةً

وَهَببْتَ طوعاً عنْ دِيارك تَدْفعُ

ظَمِئَتْ جراحُك للعُلا فسَقَيْتَها

نبلاً ومَجْدا بالشَّهادَةِ يُتْرَعُ

وَسَعَيْتَ للأَمجادِ تَطْرُقُ بابَها

بابُ الشَّهادةِ خير بابٍ يُقْرَعُ

هل على الدُنيا أقبحُ من أن تنام وينامون ودماؤكُم مازالت تئنُ وجُرحكُم مازال يتوجع .

 لكُم تحيات أشنونا وبطولات بابل ونصر ذي قار والقادسيتين . لكُم تحيات كُل الشُهداء الذين حفروا من دمائهم رافدًا ثالثًا في أرض العراق .

ولا تحزنوا فالأيام حُبلى وسيولد مُعتصمٌ جديد والرجال مواقف وأخطأ من ظنكُم أموات .

فالمَوت من أجل ما نُؤمنُ به ليس موتًا …

بل خلودٌ في المَوت …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى