مقالات

مذيعون ومذيعات

حسام الدين الفرا

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

ارتبط اسم المذيعات لديّ، بإحدى حلقات الفوازيرعلى ما أعتقد، والتي اشتهرتْ بتقديمه الفنانة المصرية شيريهان في عام 1984 يرافقها الفنان الجميل أحمد راتب .

تقوم شيريهان بحركاتها واستعراضها في الفوازير التي كانت تُشاهد، على نطاقٍ واسعٍ، حتى تكاد أن تخلو الشوارع من مرتاديها، قبيل الإفطار في رمضان من ذلك العام .

 عندما كانت شيريهان تؤدي الأغنية وتقول :

” نحنا مذيعات التلفزيون … وعرايس الشاشة لكم مليون “

كنت أقول لنفسي، بأن المذيعات هنّ فعلاً عرايس الشاشة، يدخلنَ البيوت، وقد يصبحن جزءاً من أحلام يقظة الشباب والعزّابية .

وكم واحدٍ منا اُفتتنَ بهنّ و ألصقَ صورهنّ على جدران غرفته، وتتبعَ أخبارهنّ كما نجمات السينما !

في ذلك الزمان لم يكن لدى الناس سوى التلفزيون للترفيه، ولم تكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي مثل اليوم، فيضطرّ أفراد الأسرة للجلوس، ومشاهدة البرامج والمسلسلات .

وكان للمذيعات دورٌ كبيرٌ، فهنّ اللواتي يقدمنَ الأخبار والبرامج، ويقمنَ بالربط بين الفقرات والمسلسلات .

وبلغ الافتتان بالمذيعات، في القرن الماضي أنهنّ صرنَ موضوعاً للنكات، بين الناس مثل : لماذا الحمصي يضع جهازي تلفزيون فوق بعضهما بعضٍ ؟

والجواب : لكي يرى المذيعة بشكلٍ كاملٍ من الأعلى إلى الأسفل .

ولكنْ بعد ذلك بسنين، أيقنتُ وتأكدتُ، بأنهنّ لسنَ كما تقول شيريهان

” عرايس الشاشة لكم مليون “

بل هنّ ” عرايس ” للأشخاص الذين أوصلوهنّ إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون .

ولعلّ ما عزّز ذلك لديّ ما أشيعَ عن علاقة وارتباط بعض المذيعات بوزراء إعلام، ومسؤولين رفيعي المقام في الدولة، منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي .

هذا الكلام لا ينطبق بالتأكيد على المذيعات جميعهنّ، فمنهنّ مَن كان العلم والاجتهاد طريقهنّ للوصول إلى العمل، وإلى قلوب المشاهدين .

لا شك بأن بعض المذيعين والمذيعات لا غبار على عملهم، وعملهنّ في التلفزيون، ولكنْ بالمقابل فإنّ بعضهم وبعضهنّ لا يكفي أن نقول عليهم الغبار، بل يجب أن نقول عليهم كثبانٌ رمليةٌ، كتلك الموجودة في الربع الخالي .

ونحتاج ونحن نتابعهم ونتابعهنّ أن نشد شَعرنا، ونصرخ كما صرخ أحمد راتب، وكان يؤدي دور المخرج، في وجه شيريهان وقال :

” الست دي حتجنني … نزّلْ لوحة عطل فني … أنا حاطلع من هنا مجنون ” .

لأن شيريهان وهي تؤدي دورها كمذيعة، لا تعرف كيف تلفظ الحروف من مخارجها الصحيحة، وكانت تلفظ القاف كافاً، كما تفعل بعض مذيعاتنا الدلّوعات، وخاصةً في لبنان .

مذيعو القنوات السورية الرسمية ومذيعاتها يجب أن يكونوا ويكنَّ مرضياً عنهم وعنهنّ أمنياً، ليتعيّنوا في التلفزيون، وغالباً أكثرهم وأكثرهنّ لا يمتلكون، ولا يمتلكنّ المؤهلات الواجب وجودها لتعيينهم وتعيينهنّ ..

يبدو أن الأمر لم يتغيرْ في القنوات المعارضة، فقد ابتلينا بمذيعين ومذيعات، يقبضون آلاف الدولارات، وهم محسوبون ومحسوباتٌ على الثورة ( حسد وضيقة عين طبعاً ) .

لا أدري مَن رضيَ عنهم وعنهنّ، ليُتحفونا بإطلالاتهم وإطلالاتهنّ البهية على شاشة التلفزيون، وقلةٌ منهم ومنهنّ يمتلكون ويمتلكنّ الحضور والتأهيل المناسب واللغة السليمة، لمخاطبة الجمهور !!

اليوم لسوء حظي بسبب تعطل الأنترنت في البيت، فتحت على قناة تلفزيون سوريا، لأشاهد حلقةً من ” الصالون السياسي ” وموضوع الحلقة عن القبائل والتجاذبات السياسية في الجزيرة، حسب ما أذكر .

بغض النظر عن ضعف الحلقة والموضوع والإعداد

يظهر المذيع بأبهى حلةٍ ببدلته الرسميه واعتنائه بشكله وإكسسواراته : من لحيةٍ مشذبةٍ ونظاراتٍ جميلةٍ، وساعة يدٍ لافتةٍ للنظر، وأزرار قميصٍ لمّاعةٍ، ولكن كل ذلك لا يشفع له، عندما يلْحن في اللغة، ولا يستخدمها بشكلٍ أمثل .

حبذا لو يعتني قليلاً بلغته، كما يعتني ويهتم ببدلته وإكسسواراته الجميلة .

في قناة سوريا برامج جيدة، ولكنْ هناك برامجُ لا أعلم ما الفائدة منها، ومَن الذي اقترحها، وتعذّب لكي تخرج باسم القناة، ومن هذه البرامج برنامج حمصوود، يقدّمه شابٌ ويبدو بأنه موهوب كيوتيوبر، ولكن هو غير مناسبٍ صوتاً وأداءً، لدرجة أنني أحياناً لا أفهم ما يقول، وكلامه يضرب العصب السمعي لديّ، لدرجة صرتُ أقول لنفسي : أموت وفي نفسي شيءٌ من حمصوود !

يعني هل من جهةٍ نافذةٍ في القناة فرضت هذا الشاب الجميل الذي يقدّم حمصوود، وغيره من المذيعين والمذيعات الرائعين والرائعات ؟!

لا أدري فعلاً مَن الذي رضيَ عنهم وعنهنّ وأرضاهم وأرضاهنّ !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى