حقوق وحريات

رسالة للمستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

مقام السيدة انجيلا ميركل الموقرة

المستشارة لجمهورية ألمانيا الاتحاية

تحية طيبة وبعد،،،

يتشرف الأستاذ المحامي هيثم المالح، بتقديم أسمى آيات التقدير لجمهورية ألمانيا الاتحادية شعباً وقيادةً، وبحكم أن جمهورية المانيا الاتحادية الآن، عضو غير دائم في مجلس الأمن حالياً، نقدم لكم هذا الخطاب، بعد أن ساهمت مؤخراً في مشروع مقدم لمجلس الامن من أجل تمديد العمل للأمم المتحدة لدخول المساعدات إلى سورية، آملين منكم، بتقديم المشاريع إلى مجلس الأمن في مواجهة روسيا بوصفها طرفاً بالنزاع إلى جانب نظام الأسد ميدانياً عسكرياً، وسياسياً، وفقاً للمادة /27/ الفقرة /3/ من ميثاق الأمم المتحدة، مما يعني امتناع روسيا عن التصويت، ونقدم لكم ما يلي:

منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية في عام 2011 ضد نظام الأسد؛ تدخلت المليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً إلى جانبه، ثم تدخلت إيران رسمياً عن طريق الحرس الثوري منذ بداية عام 2012م، وقد كانت روسيا حينها (ومازالت) تؤمن الغطاء والحماية السياسية والدعم العسكري بالسلاح والذخيرة  للنظام ولميليشياته الداخلية والخارجية .

ومنذ عام انطلاق الثورة في عام  2011 م وإلى الآن استخدمت روسيا حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لحماية نظام الأسد ستة عشر مرة، وكان أول استخدام لها لحق النفض (الفيتو) في شهر أكتوبر من عام 2011م، وكان آخرها في 17 نوفمبر من عام 2017م، من بينهم فيتو خاص ضد إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية (الفيتو الرابع في مارس 2014م)، وخمسة مرات لحماية النظام من استخدامه للكيماوي، وفيتو في ديسمبر 2019 لمنع دخول مساعدا إلى سورية عبر حدود تركيا والعراق، واثنين مؤخراً في هذا الشهر/ السابع 2020م لمنع استمرار دخول مساعدات الأمم المتحدة إلى سورية بدون موافقة النظام.

وعندما أوشك نظام الأسد على السقوط بالرغم من التدخل الإيراني عسكرياً بمليشياته العابرة للحدود للقتال إلى جانب النظام، ورغم توفير الغطاء والحماية الروسية له سياسياً على الصعيد الدولي وتزويده بالأسلحة والدعم اللوجستي، تدخلت روسيا عسكرياً وبكل ثقلها العسكري تدخلاً مباشراً إلى جانب النظام لقتل وسحق الشعب السوري، بتاريخ 30/9/2015م، حتى صرَّح وزير خارجية روسيا لافروف في 17 كانون الثاني/ يناير 2017م ما يفيد، بأن العاصمة دمشق “أي نظام الأسد” كانت على بعد أسبوعين من السقوط، لولا تدخلهم، وقد سبقه بذلك عدة تصريحات إيرانية وبذات المعنى، ومنهم تصريح القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بتاريخ 28 أيار/مايو 2016م.

وقانوناً؛ يُعتبر كل من التواجد العسكري الإيراني والروسي في سورية، احتلالاً صريحاً ومباشراً لسورية، ولا يصبغ على تدخلهما الشرعية، طلب بشار الأسد بتدخلهما، لأن نظام الأسد فقد شرعيته القانونية مع انطلاق الثورة بتاريخ 15/3/2011م، فضلاً عن أنه لا يحق للدول التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وفقاً لميثاق الأمم التحدة، وقد تدخلت روسيا وإيران في الشأن الداخلي السوري لقمع ثورة شعبية من داخل سورية لإسقاط نظام الأسد فيها.

وبالإضافة إلى اعتبار كل من إيران وروسيا دولتي احتلال لسورية رسمياً وقانونياً، فقد شاركوا نظام الأسد بقتل الشعب السوري بجرائم ومجازر توصف قانوناً وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنها جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، بل وجرائم إبادة جماعية أيضاً، بحق الشعب السوري. ولاننسى قصف روسيا بطائراتها الحربية للقنابل المحرمة دولياً، ومنها القنابل الحارقة، والقنابل الفوسفورية، والقنابل الارتجاجية المدمرة، مستهدفةً المدنيين ومراكز تجمعهم، ومساكنهم، بقصف عشوائي وبربري ممنهج.

أما على الصعيد السياسي حالياً، فروسيا لعبت دوراً بارزاَ ورئيسياً في إعاقة كل الجهود الدولية، والاقليمية، والعربية، ومنعت التوصل الى حل سياسي يُلبي المطالب المشروعة التي ثار من أجلها الشعب السوري ولو بحدها الأدنى، فعملت وتعمل للقضاء على المسار السياسي الأممي الشرعي الوحيد، مسار جنيف، الذي تمسكنا به لأنه يحقق الحد الأدنى لمطالب الشعب السوري، في ظل التخاذل الدولي وعدم جديته في دعم الشعب السوري، بل وعدم دعمه لمسار جنيف ذاته، مما يعني ذلك دعم نظام الأسد ضمنياً من قِبل المجتمع الدولي.

بدأت روسيا باختلاق مسار أستانا، الذي كان في حقيقته إضعاف لمسار جنيف، حيث تم سحب الملف الإنساني من جنيف إلى أستانا، أي سحب أوراق القوة والضغط من يد وفدنا السياسي من جنيف، وهي أوراق القوة الوحيدة التي كانت بيده، فضلاً عن أن هدف أستانا هو الفصل ما بين السياسيين والعسكريين لشق الصف وزرع الفرقة والتجزئة بين ثوار سورية على الصعيد السياسي والعسكري، فضلاً عن عدم التزام روسيا وإيران وعميليهما نظام الأسد، بما تم التوصل إليه في أستانا، فكان هدف أستانا إعادة إرجاع جميع مناطيق خفض التصعيد لسيطرة الأسد بإرهاب روسي وإيراني مشترك ضد الشعب السوري.

وفي الهاية تم الإعلان عن مسار سوتشي ومن بين نتائجه ما يسمى “اللجنة الدستورية” التي رفضها نظام الأسد شكلاً وموضوعاً بدايةً، ثم قبل بها لتعطيل العملية السياسية، بدعم من روسيا، التي تملك القرار والإقرار عن نظام الأسد فعلياً، وذلك كله للالتفاف على قرار مجلس الأمن 2245 وهذا تجاوز للترتيب الذي الذي ذكره القرار المذكور لإفراغه من محتواه، حيث أنه بموجبه تبدأ العملية السياسية بتشكيل هيئة حكم انتقالي.

أكدنا في أكثر من مناسبة، بأن روسيا طرفاً بالنزاع إلى جانب نظام الأسد ضد الشعب السوري، سياسياً وعسكرياً، وقانونياً، وفقاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، وأن التذرع باستخدام روسيا للفيتو، من أجل أن يُخلي مجلس الأمن بدوله دائمي العضوية مسؤوليتهم، ليس له محلاً قانونياً أو مبرراً سياسياً، حيث كان يجب أن تكون مشاريع القرارات التي تُقدم إلى مجلس الأمن في مواجهة روسيا بوصفها طرفاً بالنزاع إلى جانب نظام الأسد، لتفادي استخدامها لحق النقض “الفيتو” وفقاً للمادة /27/ الفقرة /3/، من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص:

(تصدر قرارات مجلس الأمن كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس، والفقرة 3 من المادة 52، يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت)

وبالتالي ومن مجمل ما تقدم، نأمل منكم الاستجابة لطلبنا في تقديم المشروع في مواجهة روسيا بوصفها طرفاً بالنزاع إلى جانب نظام الأسد ضد الشعب السوري، لكي تسجل جمهورية ألمانيا الاتحادية عبر تاريخها المجيد موقفاً سياسياً وقانونياً حقيقياً، في وقوفها بوجه الإجرام، ومع الإنسانية، التي ضاعت بين أروقة مجلس الأمن عبر عشر سنوات، مع استمرار عذابات الشعب السوري، الذي استشهد منه مليون شهيد، وإصابة مليون ونصف المليون منه بإعاقة وعاهة مستدامة، فضلاً عن تهجير نصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ بعدد يقدر بـ 11 مليون.

بكل شكر وتقدير

المحامي هيثم المالح

نسخة إلى وزارة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. الله يطول عمرك يارب دكتور وتضلك حصن منيع من حصون الثورة السورية.
    نثق بكم سعادة الدكتور هيثم المالح

    1. شيخ الحقوقين و كبير المحامين السيد هيثم المالح يمثلني ويمثل كل حرّ من أبناء الشعب السوري …..كرم الله قلباً حمل هموم وطنه و شعبه كالأستاذ هيثم المالح …..كانت لكلماتكم صدى في مقارعة هذا النظام الجائر الفاجر و ألف الف شكراً لك أيها الشيخ في سعيك الدؤؤب لتدويل الثورة السورية عالمياً و عربياً …..

  2. شيخ الحقوقين و كبير المحامين السيد هيثم المالح يمثلني ويمثل كل حرّ من أبناء الشعب السوري …..كرم الله قلباً حمل هموم وطنه و شعبه كالأستاذ هيثم المالح …..كانت لكلماتكم صدى في مقارعة هذا النظام الجائر الفاجر و ألف الف شكراً لك أيها الشيخ في سعيك الدؤؤب لتدويل الثورة السورية عالمياً و عربياً …..

  3. رسالة في غاية الأهمية لها دلالات قانونية وإنسانية ..
    نتمنى ونرجو أن تلقى آذانا صاغية واهتماما كبيرا في مركز القرار في ألمانيا
    وأن تترجم الأقوال إلى أفعال في اتخاذ إجراءات تنصف الشعب السوري في ثورته وتوقف النظام السوري وداعميه من الإحتلالين الروسي والإيراني وتصنيفهم طرفان مشاركان في النزاع في سوريا ..
    لك كل التحية وجزيل الشكر والإمتنان أستاذنا الفاضل هيثم المالح الحقوقي الثائر الحر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى