مقالات

زلزال آيا صوفيا

محمود القاعود

كاتب واديب مصري.
عرض مقالات الكاتب

انشغل الرأي العام في العالم الإسلامي يوم 10 يوليو 2020م بالحكم الذي أصدره مجلس الدولة التركي – المحكمة العُليا في البلاد- والذي يقضي بإلغاء القرار الصادر في 24 نوفمبر 1934م بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وأعقب هذا الحكم قرارا تاريخيا أصدره في نفس اليوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل آيا صوفيا إلى رئاسة الشؤون الدينية وفتحه للصلاة، ثم أعلن أردوغان في خطابٍ مؤثر على الهواء مباشرة أن أول صلاة سوف تُقام يوم الجمعة 24 يوليو 2020م، كما فند الأكاذيب التي تتعلق بوضع آيا صوفيا وتاريخه، ورد بقوة على المعترضين على قرار فتح آيا صوفيا للصلاة.

لاشك أن أردوغان رجل سياسة مِن الطراز الرفيع، فهو يعلم جيداً حقيقة الظروف الدولية، ومتى تحين الفرصة المناسبة لاتخاذ قرارات تفيد تركيا والأمة الإسلامية.

ولعل الظرف الدولي الحالي وانكفاء العديد مِن الدول الاستعمارية على نفسها في ظل أوضاع اقتصادية وصحية متردية، هو ما أعطى أردوغان الضوء الأخضر لتنفيذ حلمه القديم باستعادة آيا صوفيا كمكان للركع السجود .

كما أن امتلاك تركيا للعديد مِن الأوراق المؤثرة في السياسة الدولية، وحاجة الغرب والروس للأتراك، كان عاملا مهما في اتخاذ قرار فتح آيا صوفيا للصلاة، ما جعل أمريكا تُغبِّر عن خيبة أملها مِن القرار!

على الجانب الآخر ينشط العلمانيون العرب الذين لا يمتلكون مثقال ذرة مِن شرف أو حياء، لانتقاد قرار فتح آيا صوفيا، وهم أنفسهم الذين باركوا إعلان أمريكا أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وهم أنفسهم الذين يُؤيدون سيطرة إسرائيل على الجولان وفلسطين، وهم أنفسهم الذين يؤيدون احتلال الصين لتركستان، وهم أنفسهم الذين يؤيدون تحويل الهند مسجد بابري إلى معبد هندوسي، وهم أنفسهم الذين يؤيدون قمع المسلمين في كل مكان.

لقد كان قرار فتح آيا صوفيا بمثابة الزلزال الذي أيقظ العالم الإسلامي، وصدم الغرب الصليبي الذي يمضي نحو الاضمحلال بفضل الانهيار الأخلاقي واختفاء مفهوم الأسرة وانتشار المثلية والتحوّل الجنسي وتشريع القوانين المنافية للفطرة والإنسانية واستعباد البشر وتجارة الرقيق الأبيض.

إنَّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد سجل اسمه بأحرفٍ مِن ذهب في تاريخ تركيا الحديث، فما شهدته تركيا في عصره غير الكثير مِن المعادلات في الإقليم والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى