مقالات

ميليشيات الإرهاب الشيعي: عصابة (ثأر الله) نموذجا؟

داود البصري

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

الحديث عن الإرهاب الطائفي الشيعي يعني فتح ملفات سوداء لإرهاب أسود ضرب الشرق الأوسط منذ أن حملت الخطوط الفرنسية فايروس الخميني لطهران في أوائل عام 1979 ، وهو الحدث الذي كان بداية النهاية للشرق الأوسط و كان الموسم الإفتتاحي لعصر المجازر و التصفيات و الحروب و الأمراض الطائفية في المنطقة العربية ، مع مجيء الرياح الشعوبية الصفراء المحملة بقذارات القرون كان واضحا أن ملفات الفتنة الكبرى قد تم إحياؤها في مطابخ السياسة الدولية ، و تصنيف الراحل محمد حسنين هيكل لشخصية الخميني في كتابه ( مدافع آية الله ) كان أصدق و أنضج تعبير عن الحالة حيث وصفه بكونه ( رصاصة من القرن السابع إستقرت في قلب القرن العشرين )!!، فمع التغيير في إيران وسقوط نظام الشاه إختل التوازن الإقليمي و عصفت بالمنطقة رياح ما يسمى بالصحوة الإسلامية ولا أراها كذلك و إنما التوصيف الصحيح لها هو الفتنة الإسلامية ، فالإسلام لايختزل بحركة طائفة بل بحركة أمة ، وما حصل في إيران لا يمثل ثورة بقدر ما يمثل لحظة إستغفال كبرى وخديعة تاريخية لشعوب المنطقة! ، نقول ذلك بعد أربعين عاما من الخراب ومن ملايين الضحايا و المشردين ، فالحروب التي أشعلها التيار الشعوبي الطائفي في إيران قد حول المنطقة الملتهبة أصلا لبرميل بارود متفجر ، وحروب الإستنزاف الدموية المرهقة و العبثية أكلت من إقتصاديات وخيرات و موارد شعوب المنطقة الشيء الكثير ، لقد كان العراق للأسف هو ساحة المواجهة الأولى في حروب آيات الله و أحلامهم و مطامعهم التوسعية ، وشاءت الظروف لهذا البلد العربي المركزي و المهم أن لايعيش حياة طبيعية مستقرة منذ إنقلاب 14 تموز/يوليو الدموي عام 1958 الذي أدخل البلد في سلسلة إنقلابات عسكرية وفي تناحرات دموية مرعبة بين القوى السياسية التي كانت متمحورة بين قوى اليسار الإشتراكي وقوى القومية العربية من بعثيين وناصريين ، المهم إنه بعد إنفجار الموقف في الخليج و إندلاع الحرب العراقية/ الإيرانية بدأ الفكر الطائفي بالظهور و بدأت إرهاصات برامج التبشير الإيرانية في المنطقة و نشأت حروب الإرهاب من تفجيرات و إغتيالات وخطف للطائرات كما حصل في ثمانينيات القرن الماضي ، ومع إحتلال العراق أمريكيا عام 2003 وحالة الفراغ السلطوي المرعبة بعد إنهيار وتقويض الدولة العراقية و مؤسساتها الأمنية والعسكرية برز الدور الإيراني و ظهرت الأحزاب و العصابات الطائفية التي إنسلخت من مؤسسات السلطة السابقة ذاتها ، فظهر جيش المهدي الطائفي الذي لعب أدوارا قذرة في تصعيد الفتنة الطائفية وفي إقتناص وقتل الكفاءات العراقية وفي إستهداف السنة ومن بين تلك العصابات عصابة بدأت صغيرة في مدينة البصرة الجنوبية النفطية المهمة ولكنها تضخمت مع الوقت وهي عصابة ( منظمة ثأر الله الإسلامية) التي يقودها شخص همجي كان من سكان الصرائف في شمال البصرة حيث العشائر البدائية المتقاتلة على الجواميس حتى اليوم وهو المدعو ( يوسف سناوي الموسوي ) الذي برز إسمه خلال الحرب الطائفية بعد عام 2005 وظل إسمه مرعبا للعديد من البصريين و أشتهر وعصابته المكونة أولا من أهله و أقربائه بسيرته الإجرامية وبممارساته الإرهابية و بإبتزازه للشركات و مكاتب الأعمال و بممارساته الإرهابية في خطف وقتل أهل السنة تحديدا في قضائي الزبير و أبو الخصيب مستعينا بثلة من القتلة و المجرمين ففي عام 2007 أجهز على أربعين شخصا من السنة إختطفهم من أبي الخصيب كما دخل في نزاع مسلح مع عصابة حزب الفضيلة الطائفي الذي كان يهيمن على البصرة ، كانت أساليب عصابة يوسف الموسوي مافيوزية بكل معنى الكلمة فهو يمتلك تنظيم من النساء يبلغ عددهن حوالي 450 إمرأة يقمن بدور إستخباري مهم في جلب المعلومات حول رجال الأعمال و الشركات و تقديمها له ليقوم وعصابته بحملات إبتزاز و تهديد وحتى قتل لتلكم الشركات كما إقتحم مؤسسة الموانيء العراقية وهاجم شركات الشحن الأجنبية لعدم دفعها الإتاوات له ، وفي عام 2008 وبعد عملية ( صولة الفرسان ) التي أطلقها نوري المالكي في البصرة تم إعتقاله بعد أن رفعت ضده من المواطنين البصريين 104 قضية جنائية خرج منها جميعا بالبراءة!!! دون أن تثبت عليه أي تهمة وطبعا بسبب القضاء العراقي المضروب و الفاسد وبسبب أهم وهو تدخل جهاز المخابرات الإيرانية ( إطلاعات ) التي وفرت له الحماية والرعاية بعد أن تم إستدعائه لطهران ليعود من هناك بحلة جديدة و مظهر جديد و أستبدل مظهره البائس القديم بحلة عصرية وببدلة حديثة و بربطات عنق وليكون بهيئة رجل الأعمال وليستمر في الإبتزاز ويكون اليوم من أصحاب الملايين ، وقبل شهر هاجمت ما يسمى بقوات مكافحة الإرهاب مقره في البصرة في منطقة المعقل وصادرته ولكن سرعان ما تمكن من العودة لمقر وطرد قوات مكافحة الإرهاب نظرا لمساندة المخابرات الإيرانية له و بما ينبيء و يؤكد على ضعف و تهاوي سلطة رئيس الحكومة الجديد مصطفى مشتت!!؟ وطبعا الحديث عن هذا الإرهابي طويل وذو شجون و سنعود لنفتح ملفاته في مقالات قادمة و لكن ما يحصل يؤشر بشكل واضح على أن إدارة العراق اليوم تتم من خلال عصابات البلطجة الطائفية الرثة التي أصبحت مراكز قوى في دولة الطائفية العميقة الفاشلة ، و إقتلاع جذور الإرهاب في العراق مهمة ليست باليسيرة في ظل إدارة الأحزاب و الشخصيات الطائفية المحمية إيرانيا.. اليوم تكرس النفوذ الإيراني أكثر من أي وقت مضى.. فهل من حلول تنقذ العراق أم أنه يسير في دروب المجهول مع تلك العصابات الطائفية الرثة؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى