صحافة

صحيفة: بوتين تخلى عن “الأسد”.. ومخطط روسي جديد في سوريا

أفادت صحيفة كويتية في تقرير لها بأن روسيا تسابق الزمن لتنفيذ خطتها في سوريا لضمان مصالحها قبل نهاية العام الجاري.

ونقلت صحيفة “القبس” عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن روسيا تضع ثقلها لإيجاد حلٍ يناسبها ويضمن مصالحها قبل نهاية العام وقبل وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، كونها حتى الآن الخاسر الأكبر اقتصاديًا، وتريد أن تضمن عائد استثمارها في الحرب السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أن سوريا باتت الآن في حالة “ستاتيكو” أو ما يعرف بقانون الابقاء على الوضع الراهن في بقعة جغرافية ما على ما هو عليه، في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية كي تُحسم الأمور والصفقة التي يمكن تركيبها بين الأطراف الفاعلة في الميدان.

وفيما يتعلق بالخطط الروسية على ضوء المستجدات الأخيرة، كشف مصدر سوري معارض لـ “القبس” أن موسكو تحاول الالتفاف على عقوبات قيصر من بوابة الجنوب السوري، فقانون قيصر يضر بروسيا بشكل كبير، لذلك عملت مؤخرًا على استراتيجية متعددة الأهداف تضمن لها ورقة تفاوض رابحة، فقد فتحت على المنطقة الجنوبية التي تتكون من محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، لتثبيت نفوذها العسكري هناك وتخلق “منطقة استراتيجية خالصة” لها، كون المناطق الأخرى تقع إما تحت سيطرة الأميركيين وقوات سوريا الديموقراطية أو تحت سيطرة الأتراك والفصائل الثورية وإما تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية.

وفي هذا السياق يرى الكاتب السياسي خضر الغضبان في حديث مع “القبس” أن الروس الذين وصلوا إلى المياه الدافئة منذ عقود من خلال قاعدتهم في طرطوس، يريدون الآن تعزيز تواجدهم بعد أن أصبحوا يسيطرون على عدد من القواعد والنقاط الاستراتيجية في سوريا، والرئيس فلاديمير بوتين، الذي حقق مكتسبات جيواستراتيجية جراء التدخل العسكري في سوريا ودول اخرى بالمنطقة واعاد نفوذ روسيا إلى المعادلة الدولية والشرق أوسطية، بات مدركا أن كل هذه الانتصارات يجب ان تترجم في مكان إلى مكاسب وامتيازات لبلاده.

 فالأميركيون ومن خلفهم الأوروبيون لن يعطوه ما يريد في السياسة واعادة الاعمار الا ضمن تفاهمات تفضي إلى تسويات كبيرة في عدد من الملفات الساخنة.

 وتتنافس ثلاث قوى على الجنوب والايراني حتى اللحظة هو الأقوى على الارض مع حزب الله في مناطق استراتيجية مطلة على الجولان، وهناك روسيا واسرائيل، والروس لم يستطيعوا حتى اليوم ابعاد الايرانيين كما يجب وكما تطلب تل ابيب.

ولفت التقرير إلى أن روسيا استطاعت الدخول إلى الجنوب السوري من بوابة المصالحات، والفيلق الخامس الذي عززته بعناصر وضباط سابقين من الجيش الحر بعد وساطة من القيادي السابق في الجيش الحر أحمد العودة وهو صهر رجل الأعمال السوري خالد المحاميد، الذي كان نائباً لرئيس هيئة التفاوض السورية قبل ان يستقيل منه عام 2018.

أمن إسرائيل

وبحسب التقرير فإن الروس والأمريكيون يختلفون على جميع الملفات تقريباً إلا على أمن اسرائيل، والروسي يحاول الاستفادة من هذا الأمر وايضا من المصالحات والفيلق الخامس ليخلق منطقة تحت سيطرته يكسب من خلالها شخصيات معارضة وازنة، ويُظهر المنطقة على انها خارج سلطة الاسد، وتحت قيادة معارضة معتدلة، وفي حال نجح فإنه سيعاود التفاوض على حل سلمي للأزمة السورية من بوابة الجنوب.

إلى ذلك، يرى مصدر سوري معارض أن التظاهرات التي خرجت مؤخراً في درعا شكلية وضد الوجود الايراني حصراً، وهو ما برز في كلام قائد الفيلق الخامس أحمد العودة خلال تشييع قتلى للفيلق، عندما اعلن عن تأسيس جيش حوران قائلاً إن “الهدف من تأسيس جيش حوران هو محاربة إيران، وأن حوران ستكون قريبا تحت جيش واحد، وأن مهمته ليست لحماية حوران فحسب، بل ليكون الأداة الأقوى لحماية سوريا”.

 ويتماشى التوجه الروسي الجديد ايضاً مع وثيقة عهد حوران التي طرحت قبل اعوام من قبل محامين وأكاديميين وناشطين من درعا، وقيل ان لخالد المحاميد وهيثم مناع علاقة بها.

 لكنها لم تسلك طريق التطبيق بسبب الرفض الواسع لها من قبل المعارضة، حيث انه تحدث عن حكم ذاتي وادارة محلية رأت فيها المعارضة نوعاً من اعلان الفدرالية والتقسيم فتم سحبها، ولكنها عادت اليوم بدعم روسي.

وبحسب المصدر ، فإن الروسي يقول انه “للتخفيف من تداعيات عقوبات قيصر نأتي إلى الجنوب ونعلنه منطقة خالية من النظام ونبعد عنه الفرقة الرابعة ونطلب ازالة حواجزها ونقوي الفيلق الخامس ونبني نموذجاً من الحكم الذاتي خارج سلطة الأسد”.

 ولفت المصدر إلى أن الخلافات بين الفرقة الرابعة والفيلق الخامس، رغم تكرارها، يتم احتواؤها بطلب من الرئيس بشار الأسد ما يعطي دفعاً قوياً للفيلق الخامس.

مخطط تقسيم سوريا

ويضع المصدر المعارض لقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع الرئيس الأسبق للائتلاف معاذ الخطيب مؤخراً في خانة محاولة اقناع الخطيب بفكرة تشكيل حكومة يكون صلبها المعارضة المعتدلة لإدارة هذه المنطقة كي لا تشملها العقوبات الاميركية.

ويلفت المصدر إلى أن الخطيب ليس الوحيد الذي اجتمع اليه بوغدانوف بل ان الأخير عقد لقاءات سرية مع 10 شخصيات معارضة وتم التركيز على آفاق التسوية السياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن.

ورغم ان الخطيب ميال إلى الحل الروسي، فانه من المبكر الحكم على ما يجري من تحضيرات روسية للالتفاف على قيصر، والتي يدخل ضمنها قراران متناقضان وغريبان لرئيس النظام السوري، فهو كان قد اصدر قرارًا بمصادرة املاك السوريين المعارضين، وعاد ليصدر قرارًا آخر يرد املاك ابناء درعا، كما انه عمد مؤخراً لاصدار عفو خاص أطلق بموجبه معتقلين من درعا كانوا في اسوأ سجونه سمعة بينها صيدنايا وعدرا.

 كل هذه الأمور توصل إلى نتيجة أن النظام بات يتعاطى بمرونة أكبر مع الطروحات الجديدة، لا سيما التي تأتي من جانب الروس، فالتظاهرات خرجت في درعا لتهتف ضد إيران وحزب الله بحماية روسية.

وهذا الأمر يفتح للروس باب التفاوض مع الأميركيين، لا سيما أن قانون قيصر الذي اقره الكونغرس يضع استثناءات من العقوبات يقررها الرئيس الأميركي لفترة محدودة وفي ضوء ظروف معينة ترتبط بالأمن القومي الأميركي.

من جهة أخرى، فإن موسكو تضمن سلاسة تدفق المساعدات الدولية، التي هي غير خاضعة للعقوبات، عبر المعابر الشرعية في الجنوب مثل نصيب والقنيطرة وغيرها من خلال تحييد هذه المنطقة عن العقوبات.

 وكذلك الأمر في السويداء، التي لها روابط تاريخية مع درعا ضمن معادلة “السهل والجبل”، فهناك تراكمات أدت إلى خروج التظاهرات الأخيرة في السويداء التي دعت إلى طرد إيران وحزب الله وإسقاط النظام.

روسيا تتخلى عن الأسد

وعن النظام السوري يرى الكاتب السياسي خضر الغضبان أن نظام الأسد بات شكلياً وبدأ الحديث مؤخرًا عن الأسد مجددًا التأكيد على عدم تمسك روسيا به، وإذا أتت تسوية وفق مبدأ “الحل السياسي مقابل إعادة الإعمار” فإن الروسي قد يفاوض على هذا الامر، فهو حتى الآن يتمسك بالأسد فقط كواجهة يستمد منها شرعية تواجده في سوريا، غير أنه يدرك أن أية تسوية للأزمة مرتبطة بالحل السياسي وفق مسار جنيف والقرار الأممي والبحث في ملف إعادة الإعمار، وفي هذا السياق يأتي كلام الرئيس بوتين ،الأربعاء، في القمة الافتراضية مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني الذي يعيدنا إلى ما تريده أميركا وأوروبا عن أن الحل يأتي عبر مسار جنيف واللجنة الدستورية.

فبوتين، وفق الغضبان، يتحكم في اللجنة الدستورية ويهمه في الدرجة الأولى أن يخرج بنظام جديد يتفهم مصالح بلاده ويحافظ عليها ويضمن لها الدور الأكبر في المفاصل العسكرية، وهذا تطور إيجابي، فقبل عامين كان بوتين لا يرى أحداً ويضع مسار أستانة بموازاة جنيف، أمّا اليوم فقد أزاح أستانة وبدأ بجنيف واضعًا “منتجه الخاص” المتمثل في اللجنة الدستورية تحت سقف جنيف والقرار 2254، وهذا شيء لافت في السياق الذي يعمل عليه كي لا يغضب الأميركيين ويثبت مقولة إن ما بعد قانون قيصر ليس كما قبله.

وحسب الغضبان فإن نجاح المسعى الروسي في الجنوب يتوقف عند عدة عوامل أبرزها قدرة موسكو على جمع أكبر قدر من الشخصيات المعارضة حول هذا الطرح، وتأمين دعم عربي وإقليمي له، وكيفية التعاطي الأميركي معه، فالنجاح هنا هو على مستوى سياسي أي “من يشارك، من يدعم ومن يغطي”.

وكانت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، رأت في تقرير لها نشرته مؤخرا أن استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حوّلت نصر رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى رماد، وتبقت خطوة واحدة للإطاحة بهِ من حكم سوريا.

واعتبر الصحفي جوناثان سبايير، في مقال بالصحيفة تحت عنوان “سياسة ترامب في سوريا ناجحة”، أن الإستراتيجية التي اتبعتها إدارة ترامب أفلحت بتحويل نصر الأسد إلى رماد، ولم يبق سوى إقناع روسيا بالتوقف عن دعم نظام الأسد.

وأوضح  “سبايير”، بأن الهدف الأساسي لسياسة إدارة ترامب، هي ضمان موافقة نظام الأسد على وقف شامل لإطلاق النار يسمح ببدء المفاوضات حول المستقبل السياسي للبلاد، كما تأمل أن يشفع ذلك في تنظيم انتخابات حرة تسفر عن مغادرة الأسد السلطة.

الدرر الشامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى