مقالات

هل 30 يونيو ثورة أم انقلاب

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

ما إن بدأت تباشير الربيع العربي تهب أنسامها من تونس الخضراء(2011) حتى شرعت الكرة الثلجية تتدحرج، وتكبر رويدًا رويدًا حتى عمت معظم الدول العربية الديكتاتورية(مصر – ليبيا – اليمن – سوريا) ما أدى إلى وقوع الأنظمة في حيص بيص وكادوا أن يفقدوا البوصلة أمام تلك الحشود الغفيرة من الجماهير التي تريد تغيير تلك الأنظمة المتوحشة، فراحت الأنظمة تضع كل ثقلها من أجل إحباط تلك المظاهرات ومحاولة إعادة الشعوب إلى حظيرة العبودية، ولكن الأمر خرج من يدهم، واستطاعت كل الشعوب باستثناء سورية، أن تغير الرؤساء من خلع إلى قتل إلى استقالة..

ولكن الشعوب غفلت عن الدولة العميقة المتعششة والمتجذرة في جسم تلك الدول، مما أدى إلى إحياء الثورة المضادة بدعم من الدول الطاغية الملكية الوراثية التي خشيت أن تطالها عدوى الثورات.

والآن لو ذهبنا إلى أهم ثورة لأهم بلد عربي، وهو مصر، فقد كانت ثورة /25يناير/ من أعظم الثورات في تاريخ مصر، وقد استطاعت الإطاحة بالديكتاتور مبارك الذي جلس نحو ثلاثين عاماً يعيث فساداً في أرض مصر، فجعلها في مؤخرة الدول، ومن ثم استلم البلاد المجلس العسكري، ووعد الشعب بإقامة انتخابات حرة نزيهة وتسليم الدولة لرئيس وحكومة مدنية ، وفعلاً وفى بوعده ليمتص حنق، وغضب الجماهير لكنه كان يضمر شرًا، وينصب أفخاخًا إلى حين.

أُعلنت الانتخابات، وتقدم المرشحون للرئاسة، وقد فاز الدكتور محمد مرسي بجدارة، وبطريقة نزيهة وخالية من كل ألوان التزوير باعتراف المنظمات العالمية كلها وباعتراف الدول كلها وباعتراف جميع المصريين.

ولكن الذي حصل أن هذه النتائج لم ترق للغرب وأمريكا وإسرائيل الذين يريدون أن تبقى مصر ضعيفة ذليلة مرتبطة بهم بجنرال ديكتاتوري وعميل وخائن لهم، ولم ترق لدول الخليج التي خشيت أن تصلها رياح التغيير ورياح الديمقراطية والحرية، فتعاضدت جميع تلك القوى على إحباط هذه الثورة وعلى التخلص من رئيسها المنتخب.

فشرعت برص الصفوف وشراء الذمم من أجل الإطاحة بالرئيس المنتخب.

وبما أن خلع مبارك كان عبر ثورة ومظاهرات سلمية، فقد ارتأت تلك القوى أن تقوم بانقلاب بنكهة ثورة ومظاهرات فحشدت نحو خمسة ملايين مصري في ساحة التحرير الشهيرة(وقد ادعت زوراً أنهم أكثر من ثلاثين مليون)  ومن ثم أعادت العسكر، ليحكموا مصر من جديد على غرار حكم مبارك بل أشد قمعاً وكماً للأفواه.

والسؤال الذي يطرح منذ سبع سنوات بين الإعلاميين والسياسيين والمثقفين ، هو هل كانت مظاهرات /30يونيو/ ثورة أم انقلاب؟

فالذين يقفون مع السيسي يزعمون أنها ثورة ويحاولون عبئاً سوق الحجج والبراهين التي تعزز رؤيتهم.

والذين يقفون ضد العسكر ويريدون دولة مدنية ديمقراطية يرون أن ما حدث في/30 يونيو/ هو انقلاب على الشرعية.

و لو أخذنا المسألة بموضوعية وحيادية وقمنا بتحليلها لوجدنا أنه انقلاب كامل الأركان والأوصاف.

وإنني لأتفق مع الفريق الذي يقول إن/30 يونيو/ هو ثورة ولكنني بمصطلح مغاير لما درج عليه أنصار تلك الثورة، فهي ثورة كما يحلو لي أن أسميها على الديمقراطية!!

نعم ثورة على الديمقراطية.

لقد نجح الدكتور مرسي بصناديق الاقتراع وأجرى خلال العام الذي حكم فيه خمسة استفتاءات ديمقراطية كلها رجحت كفته وكفة حزب (الحرية والعدالة) ومن بعد ذلك كيف تخرج الجماهير للإطاحة به وتتجاوز صوت الصناديق وكل الأعراف الديمقراطية وتضرب بها عرض الحائط.

هل سمع أحد في عصرنا الراهن أن دولة مثل الولايات المتحدة، أو أي من الدول الأوربية نجح بها رئيس عبر الصناديق ثم قاموا بثورة ضده، هذا الأمر مثير للسخرية، الذي يحصل أن بعض المنظمات والمؤسسات المختصة تقوم بإجراء حول تناقص أو زيادة شعبية ذاك الرئيس بعد عام، أو عامين من حكمه وإذا انخفض مؤيدوه إلى الحضيض/10بالمئة/ لا يمكن لشخص عاقل أن يفكر بقيام مظاهرة ضده، وإنما يقوم بمظاهرة ضد أخطائه لتصويبها، ويصبر على خياره ويعض أنامله حتى تنتهي ولاية الرئيس.

ولو كان الذين استاءوا من حكم مرسي، وضاقوا به ذرعًا فعلوا مثل شعوب العالم المتحضرة، لقاموا بمظاهرة ضد أخطائه، ومن ثم يصبروا أربع سنوات لتغييره عقوبة لأنفسهم عن اختيارهم غير الموفق – حسب زعمهم – ولكن أن ينتخبوا رئيساً ثم يقوموا عليه بعد سنة أو سنتين أو ستة أشهر، هذا لعمري من عبث الصبيان وليس من صنيع الرجال الناضجين .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا تغالط الناس، فرنسي لم يفز بالانتخابات إلا بفارق ضئيل جدا أمام أخر رئيس وزراء لمبارك الذي أطاحت به ثورة ٢٥ يناير (٥١ %فقط). فلو ما كان شفيق وكان أي شخص أخر لفاز ذلك الشخص على مرسي وبفارق كبير. وعليه إذا اعتبرنا أن ٤٩ في المئة من الشعب المصري لم ينتخب مرسي في الانتخابات النزيهة حقا، فإن الخمسة ملايين أو حتى ٣٠ مليون التي خرجت هي قليلة إذا أخذنا في الاعتبار حجم سكان مصر. يا سيدي، لا استغفلوا الناس لان لها ذاكرة وعقول، فسنة مرسي الكبيسة هي كارثية من جميع النواحي على الشعب المصري. فلو استمر أربع سنوات لكانت مصر مثل العراق أو أفغانستان. سأعطيك الدليل على ذلك. لقد بدأت تنتشر القنوات الدينية التي تسب أتباع الاديان الأخرى و تنتقص من الطوائف الاسلامية الموجودة أصلا في مصر منذ مئات السنين. هل نسيت قتل وسحل شحاتة وهو مواطن مصري فقط لانه شيعي والرئيس مرسي لم يدن هذا الفعل الشنيع بل أثنى على مرتكبيه. وهذه بروفة لحرب أهلية وفى الله مصر شرها. هل نسيت مرسي وهو رئيس لمصر بمسلميها ومسيحييها وهو يقول أهلي وعشيرتي و يثبت في مؤتمر طهران بأنه يمثل أهل السنة فقط. هل نسيت بداية ظهور اللحي في سلك الشرطة واستهزاؤهم بالنساء غير المحجبات( الفيديو موجود على النت).هل نسيت طرحه مشروع قانون لا يسأل عما يفعل كأنه والعياذ بالله رب السموات والأرض. هل نسيت إهانة ابنه الشرطي غلبان وتهديده في الشارع وهو ما لم يفعله مطلقا أبناء مبارك المؤيدين حقا ( الفيديو موجود على النت). و أخيرا هل نسيت رسالته لبيريس رئيس اسرائيل و مناداته بصديقي العزيز وأتمنى لشعبك الرفاهية والتقدم. إن فترة حكم مرسي لو كنتم عقلاء وتريدون الخير لمصر لما ذكرتموها وذكرتم بها المصريين والعرب لانها مخجلة و منطقة حتى أخلاقيا وسلوكيا ودبلوماسيا وكلنا رأينا كيف أن مرسي عندما كان يجري مقابلة مع صحافية كيف ينظر إلى سيقانها و يمسك قضيبه ويفركه. وهذا ما لم نره في العلن لأي مسؤول في العالم. لا تفهم أني مؤيد لحكم العسكر بل أريد دولة مدنية يحكمها شرفاء مصر وليس إخواننا المتأسلميين الذين يريدون أن يكونوا ولاة للحاكم العثماني أردوغان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى